تدعي إيران أنها خصبت اليورانيوم إلى درجة نقاء 4.5% متخطيةً بذلك الحد المنصوص عليه في الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي يحدد نسبة 3.67% فقط؛ لكن ماذا تعني هذه الأخبار حقًا؟ إلى حد ما يعد هذا سؤالًا له إجابة كيميائية بسيطة، فكما أوضحت اللجنة التنظيمية النووية الأمريكية على موقعها الإلكتروني:

يأتي اليورانيوم في صيغ قليلة مختلفة أو كما يطلق عليها: نظائر. جميع هذه النظائر لديها نفس العدد من البروتونات (92) ولكن كل نظير لديه عدد مختلف من النيوترونات. حتى الآن؛ النظير الأكثر شيوعًا في الطبيعة هو يورانيوم-238، والذي يحتوي على 146 نيوترونًا، وبالطبع 92 بروتونًا. يشكل هذا النظير نسبة 99.3% من أي عينة لليورانيوم الموجود في الطبيعة على كوكب الأرض.

أما بالنسبة للمفاعلات أو القنابل النووية، لا تُعد هذه الخواص مفيدة إلى حد كبير. فهذه الكتل الكثيفة من يورانيوم-238 لا تميل إلى بدء سلسلة تفاعلات نووية. على أي حال، يميل ثاني النظائر الأكثر شيوعًا «يورانيوم-235» إلى بدء سلسلة التفاعلات النووية، ويمثل هذا النظير نسبة 0.7% فقط من أي عينة لليورانيوم الموجود في الطبيعة، ويحتوي هذا النظير على 143 نيوترونًا.

تنقسم نواة اليورانيوم أثناء التفاعلات النووية إلى نواة أصغر، وينتج عن ذلك تحرر النيوترونات.

تلك النيوترونات تسبب بدورها انقسام نواة أخرى محررة بذلك المزيد من النيوترونات، يحدث ذلك مرارًا وتكرارًا حتى يؤدي إلى سلسلة تفاعلات مشبعة ذاتيًا تُشع كميات هائلة من الطاقة.

تخصيب اليورانيوم هو بمثابة عملية فرز لذرات يورانيوم-238 من عينة لليورانيوم، لتصبح العينة محتوية على نسبة أكبر من يورانيوم-235. لذلك يمكننا القول بأن اليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 3.67% هو يورانيوم يحتوي على نسبة 3.67% من يورانيوم-235، واليورانيوم المخصب إلى درجة نقاء 4.5% هو يورانيوم يحتوي على نسبة 4.5% من يورانيوم-235. وهكذا.

فهل تخطي إيران لحدّ التخصيب المتفق عليه يعني أنها الآن أصبحت أقرب بشكل كبير للحصول على القنبلة النووية؟

ليس صحيحًا، فكما أوردت وكالة أنباء أسوشييتد برس في تقريرها فدرجة نقاء 4.5% كافية لإيران لتشغيل مفاعلها النووي السلمي النشط بالفعل «بوشهر». ولكن هذه النسبة تعتبر منخفضة بشدة مقارنة بالنسبة المتعارف عليها عالميًا لليورانيوم المستخدم في صناعة الأسلحة النووية، والذي تبلغ نسبة نقائه 90%.

كما يُعتبر تخصيب اليورانيوم لنسبة 90% تحديًا هائلًا بالنسبة لإيران من الناحية التقنية؛ إذ يتطلب ذلك بناء وتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورةً للغاية، ولو قُمت بمتابعة الأخبار المتعلقة بالمحاولات الدولية لتعطيل المشروع النووي الإيراني، ستجد أن المحاولة الأكثر نجاحًا كانت بواسطة فيروس حاسوبي يُدعى «ستوكسنت» (Stuxnet) استُخدم لمهاجمة أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.

أجهزة الطرد المركزي هي أجهزة معملية شائعة الاستخدام، مهمتها تدوير عينات المواد بسرعة دورانية كبيرة لتوليد قوة طرد مركزية. تحت تأثير هذه القوة الكبيرة، تنفصل المواد الثقيلة والخفيفة عن بعضها.

على الرغم من ذلك؛ فإن أجهزة الطرد المركزي الشائعة معمليًا ليست قوية بما فيه الكفاية لفصل يورانيوم-235 عن يورانيوم-238. فالنظيران متقاربان بشكل كبير في الكتلة، كما تحتوي عينات اليورانيوم الموجود بالطبيعة على كميات قليلة للغاية من يورانيوم-235.

لكي تتمكن أي دولة من تخصيب اليورانيوم فهناك خطوات معينة يجب اتباعها، يجب أولًا تحويل عينة من اليورانيوم إلى الحالة الغازية، ثم يُضخ هذا الغاز إلى أجهزة طرد مركزي قوية بما فيه الكفاية، إذ يدور الغاز بسرعات هائلة بهذه الطاردات ما يتسبب في فصل النظيرين عن بعضهما، قبل أن تُستخرج ذرات اليورانيوم من الغاز مرة أخرى.

على سبيل المثال: لاستخراج 62 كيلوغرامًا من يورانيوم-235، وهي الكمية اللازمة لصناعة قنبلة «الولد الصغير» التي أُسقطت على مدينة هيروشيما في اليابان، استهلكت الولايات المتحدة ما يقرب من 10% من إنتاجها من الكهرباء طبقًا لما ذُكر في كتاب «صناعة القنبلة الذرية» الذي نُشر في عام 1995.

قُدّرت كتلة عينة اليورانيوم المستخدمة بأربعة أطنان (3600 كيلوجرام)، واحتاجت الولايات المتحدة لما يقرب من 20,000 شخص لبناء منشأة التكرير التي قامت بصناعة القنبلة، كما احتاجت هذه المنشأة العملاقة إلى 12,000 شخص لإدارتها وتشغيلها.

ليس من المستحيل على إيران أن تُخصب مخزونًا كبيرًا من اليورانيوم المستخدم لأغراض حربية، ولكن وصول درجة نقاء اليورانيوم المخصب إلى 4.5% لا يُعد بأي شكل من الأشكال خطوة هامة أو خطيرة في هذا الاتجاه إلا من ناحية رمزية؛ إذ هددت إيران برفع درجة اليورانيوم المخصب إلى 20% وهو ما يُعد أكثر خطورة بكل تأكيد، ولكنه يظل بعيدًا عن نسبة 90% اللازمة للأغراض الحربية.

السؤال الآن: هل سيؤدي انهيار الاتفاق النووي الذي عجّلت به الولايات المتحدة إلى تصاعد حدة التوترات؟

اقرأ أيضًا:

كيفية تخصيب اليورانيوم

تطوير مادة كيميائية تعمل على التخلص من اليورانيوم في أجسام الفئران

ترجمة: شريف فضل

تدقيق: علي قاسم

المصدر