نظرًا لأننا لا نستطيع السفر بلايين السنين في الزمن إلى الماضي- ليس بعد، بكل الأحوال- فإن إنتاج محاكاة حاسوبية للعملية (محاكي كوني مستخدمين ما نعرفه عن الكون تُعد واحدةً من أفضل الطرق لمعرفة طريقة نشأته. يمكن تصنيف هذه النماذج إلى واحدة من اثنتين: بطيئة ولكنها أكثر دقة، أو سريعة وأقل دقة. الآن، بنى فريق من الباحثين نظام ذكاء اصطناعي يستطيع توليد نماذج عالية الدقة وثلاثية الأبعاد للكون، حتى باستخدام معاملات لم يُدرَّب النظام عليها فيما سبق.

صرح الباحث شيرلي هو Ho في تقرير صحفي: «يشبه الأمر تلقين برنامج تعرف الكثير من صور القطط والكلاب، فإذا به يتعرف على الفيلة كذلك». وأضاف: «لا يعلم أحد طريقة قيامه بذلك، ما زال الأمر لغزًا يحتاج إلى حل».

نظام متسارع

شرح العلماء طريقة تصميمهم لهذا المحاكي الكوني، والذي أطلقوا عليه اسم نموذج الإزاحة عميق الكثافة (Deep Density Displacement Model) – (D3M) في دراسة نشرت في مجلة “Proceedings” التابعة للأكاديمية الوطنية للعلوم.

هدف ذلك لتعليم (D3M) كيف ينمذج الطريقة التي تُشكل بها الجاذبية الكون. لتحقيق ذلك، غذى العلماء النظام بثمانية آلاف محاكاة مختلفة تتمحور حول الجاذبية أُنتجت بواسطة أنظمة محاكاة كونية قائمة وعالية الدقة.

احتاج النظام إلى ثلاثة آلاف ساعة حاسوبية لإنشاء محاكاة واحدة فقط، ولكن بعد التدريب على البيانات، استغرق (D3M) ثلاثين ميلي ثانية فقط لإنتاج محاكاته الخاصة لكون مكعب عرضه 600 مليون سنة ضوئية. كانت هذه النماذج أكثر دقة من النماذج الحالية «السريعة»، التي تستغرق دقيقتين لإنشائها.

فجوة معرفية

لا تُعتَبر السرعة الشيء الأبرز في (D3M)، لكن ما يميزه قد يكون قدرته على محاكاة شكل الكون بدقة حتى لو غيّر الباحثون المعاملات التي لم تكن متضمَنة في بيانات التدريب. على سبيل المثال، يستطيعون تعديل نسبة المادة المظلمة في الكون الخاص بهم، ويستطيع (D3M) محاكاة تطور الكون بدقة.

هذا النموذج الغريب لأول محاكي كوني قد يساعد علماء الحاسب في فهم الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر، إلى جانب مساعدته للفيزيائيين من أمثال هو Ho في فهم أفضل لتطور الكون.

قال هو Ho في مؤتمر صحفي: «قد نكون ملعبًا مثيرًا في محاكاة من صنع أحد الباحثين والذي يحاول أن يستنبط السبب وراء استيفاء نموذجه جيدًا، لماذا يستنبط الفيلة بدلًا من القطط والكلاب فقط. إنه شارع باتجاهين ما بين العلم وتكنولوجيا التعلم العميق».

اقرأ أيضًا:

يستطيع الذكاء الصناعي اليوم أن يفك تشفير الكلمات عن طريق أمواج الدماغ

هل تجهز روسيا قاذفاتها الاستراتيجية بالذكاء الصناعي؟

ترجمة: أحمد جمال

تدقيق: آية فحماوي

المصدر