تركيب الهيكل الخلوي، ماهي الأنابيب المجهرية و الجسيمات المركزية ؟ ماذا سيحدث إذا تسلل أحدهم أثناء الليل وسرق هيكلك الخلوي؟ لنكن واضحين فقط، لا يمكن لذلك أن يحدث من الناحية البيولوجية، ولكننا نفترض حدوثه بشكل ما. سيتسبب فقدان هيكلك الخلوي في فقدان جسمك لهيكله المعروف. سيتغير شكلك الخارجي، ستتحرك بعض أعضائك الداخلية من أماكنها. وسيصبح من الصعب عليك المشي والكلام والحركة.

بشكل مثير للانتباه، سيحدث نفس الشيء لخلاياك. نفكر غالبًا في الخلايا بأنها كتل هشة غير محددة المعالم. لكن في الواقع، هي في غاية التنظيم تمامًا مثل أجسامنا.

تحتوي الخلايا على شبكة من الخيوط تدعى الهيكل الخلوي أو (هيكل الخلية)، والتي لا تدعم فقط الغشاء البلازمي للخلية وتعطي الخلايا شكلها المعروف، لكنها أيضًا تساعد في تمركز العضيات في وضعها الصحيح، وتمد الخلية بالمسارات الخاصة بنقل الحويصلات، وفي معظم أنواع الخلايا تسمح للخلية بالحركة.

في حقيقيات النوى، توجد ثلاثة أنواع لألياف البروتين في الهيكل الخلوي: الخيوط الميكروية، والخيوط الوسيطة، والأنابيب المجهرية. وسنستعرض هنا كل نوع من أنواع تلك الخيوط.

الخيوط المجهرية

من ضمن الثلاثة أنواع من ألياف البروتين في الهيكل الخلوي، الخيوط المجهرية هي الأضيق، إذ يبلغ قطرها حوالي 7 نانومتر، وتتكون من المونومرات مرتبطة ببروتين يدعى الأكتين، مجمعة في ما يشبه الحلزون المزدوج. ولأنها مصنوعة من أحاديات الأكتين، تسمى الخيوط المجهرية بخيوط الأكتين. للخيوط الميكروية اتجاهية، بمعنى أن لديها نهايتين مختلفتين.

لخيوط الأكتين عدد من الأدوار الهامة في الخلية. من ناحية، تقوم بدور مسارات الحركة للبروتين الحركي المسمى بالميوسين، والذي يمكنه تشكيل خيوط هو الآخر. بسبب ارتباطها بالميوسن، تسهم خيوط الأكتين في العديد من الوظائف الخلوية المرتبطة بالحركة.

مثال على ذلك، في انقسام الخلايا الحيوانية، تضغط حلقة من الأكتين والميوسين الخلية لتنشأ خليتين جديدتين. يوجد الأكتين والميوسين بغزارة في خلايا العضلات، إذ تشكل هياكل منتظمة مصنوعة من خيوط متداخلة تسمى القطع العضلية”sarcomeres”. عندما تنزلق خيوط الأكتين والميوسين على بعضها بتناغم، تنقبض عضلاتك.

تكون خيوط الأكتين أيضًا مثل الطرق السريعة داخل الخلايا لنقل البضائع، بما في ذلك الحويصلات المحتوية على البروتين، وكذلك العضيات. تُحمل هذه الحمولات بواسطة محركات الميوسين، والتي تتحرك على طول خيوط الأكتين.

يمكن لخيوط الأكتين أن تتجمع وتتفكك بسهولة، ما يسهل عليها أن تلعب دورًا هامًا في حركة الخلية، مثل زحف خلايا الدم البيضاء في جهازك المناعي.
أخيرًا، لخيوط الأكتين أدوار هيكلية في الخلية. في معظم الخلايا الحيوانية، تتواجد شبكة من خيوط الأكتين في مناطق بالسيتوبلازم على حافة الخلية. تعطي هذه الشبكة، التي ترتبط بالغشاء البلازمي بواسطة بروتينات الموصلة، للخلية شكلًا وهيكلًا محددًا.

الخيوط الوسيطة

الخيوط الوسيطة نوع من أنواع جهاز الهيكل الخلوي مصنوعة من ضفائر عديدة من البروتينات الليفية مجدولة معًا. وسُميت بهذا الاسم نسبة إلى متوسط قطرها البالغ من 8 إلى 10 نانومتر، أي بين الخيوط المجهرية والأنابيب المجهرية.

تأتي الخيوط الوسيطة في أشكال عديدة. يُصنع كل منها من نوع بروتين مختلف. أحد البروتينات التي تشكل الخيوط الوسيطة هو الكيراتين، وهو البروتين الليفي الموجود في الشعر، والأظافر، والجلد. على سبيل المثال، لا بد أنك شاهدت إعلانات الشامبو التي تزعم تمليس الكيراتين في شعرك.

على عكس خيوط الأكتين، الذي ينمو ويتفكك بسهولة، الخيوط الوسيطة أكثر ثباتًا وتلعب دورًا هيكليًا وأساسيًا في الخلية، فهي مخصصة لتحمل الضغط، ومن ضمن وظائفها الحفاظ على شكل الخلية وتثبيت النواة والعضيات الأخرى في أماكنها.

الأنابيب المجهرية

على الرغم من احتوائها على مصطلح (ميكرو)، تعد أكبر أنواع ألياف الهيكل الخلوي الثلاثة، إذ لديها قطر يبلغ حوالي 25 نانومتر. تُصنع الأنابيب الميكروية من بروتينات التويولين لتشكل أنبوبًا مجوفًا يشبة شفاطات المشروبات. يتكون بروتين التويولين من وحدتين: تويولين ألفا، وتويولين بيتا.

مثلها مثل خيوط الأكتين، الأنابيب المجهرية هياكل ديناميكية، يمكن أن تنمو أو تنكمش بسرعة عن طريق إضافة أو إزالة بروتينات التويولين. وكذلك تشبه خيوط الأكتين في اتجاهيتها، بمعنى أن لديها نهايتين، كل نهاية مختلفة عن الأخرى. في الخلية، تلعب الأنابيب المجهرية دورًا هيكليًا هامًا، إذ تساعد الخلايا على مقاومة قوى الضغط عليها.

بالإضافة إلى تدعيم هيكل الخلية، تمارس الأنابيب أدوارًا متخصصة أخرى في الخلية. على سبيل المثال، تدعم الخلية بمسارات للبروتينات الحركية المسماة بالكينسين (kinesins)، والدينين (dyneins)، التي تنقل الحويصلات وغيرها من الحمولات في الجزء الداخلي من الخلية. خلال انقسام الخلية، تتجمع الأنابيب المجهرية في هيكل يسمى بالمغزل، والذي يفصل الكروموسومات عن بعضها.

السياط، والأهداب، والجسيمات المركزية

تعتبر الأنابيب المجهرية أيضًا مكونات أساسية لثلاثة هياكل خلوية لحقيقيات النواة: السياط، والأهداب، والجسيمات المركزية. قد تخلط حينها بينها وبين بدائيات النواة، إذ تمتلك سياطًا هي الأخرى، تستخدمها في الحركة. السياط في حقيقيات النواة مماثلة بقدر كبير في دورها كما في بدائيات النواة، ولكن ذات بنية مختلفة.

السوط (جمعها سياط) عبارة عن هياكل تشبه الشعر الطويل تمتد من سطح الخلية، وتستخدم لتحريك الخلية بأكملها، مثل الحيوانات المنوية.

الأهداب المتحركة (المفرد: هدب) شبيهة بالسياط ولكنها أقصر، وعادةً ما تظهر بأعداد كبيرة على سطح الخلية. عندما تكوّن الخلايا ذات الأهداب الأنسجة، يساعد الخفقان في تحريك المواد على سطح الخلية في تلك الأنسجة. على سبيل المثال، تساعد أهداب الخلية الموجودة في جهازك التنفسي في تحريك ذرات الغبار والجسيمات إلى الخارج باتجاه أنفك.

على الرغم من اختلافهما في الأطوال والعدد، تشتركان في نموذج هيكلي شائع. يوجد تسعة أزواج من الأنابيب مرتبة في شكل دائري في كل من السياط والأهداب المتحركة، إلى جانب اثنين من الأنابيب المجهرية في وسط الخلية. هذا الترتيب يدعى نظام 9+2 .

تتحرك البروتينات الحركية المسماه بالدينين في كل من السياط والأهداب بمحاذاة الأنابيب المجهرية، مسببة قوى تنتج اهتزازًا في السوط والهدب. تسمح الروابط الهيكيلية بين أزواج الأنابيب المجهرية والتنسيق بين حركة الدينين بإنتاج شكل منتظم من الخفقان.

لدى السوط والهدب جسم قاعدي في قاعدتهما. يصنع الجسم القاعدي من أنابيب مجهرية لها دور أساسي في تجميع السوط والهدب. بمجرد تجميع هذ الهيكل، يمكنه تنظيم من سيخرج أو يدخل من البروتينات.

الجسيم القاعدي عبارة عن كرية مركزية معدلة. والكرية المركزية عبارة عن شكل أسطواني مكون من 9 ثلاثيات من الأنابيب الميكروية، مجمعة معًا بالبروتينات الداعمة. تعرف الكريات المركزية بدورها في الجسيمات المركزية، فهي عبارة عن هياكل تعمل على مراكز منظمة للأنابيب المجهرية في الخلايا الحيوانية. يتكون الجسيم المركزي من اثنتين من الكريات المركزية موجهتين بزوايا قائمة لبعضهما، ومحاطتين بما يسمى المادة المحيطة بالمريكز، والتي توفر أماكن لتثبيت الأنابيب المجهرية.

تُنسخ الجسيمات المركزية قبل انقسام الخلايا، إذ تلعب الجسيمات المركزية المزدوجة دورًا في تنظيم الأنابيب المجهرية التي تفصل الكروموسومات أثناء انقسام الخلايا، بيد أن الوظيفة الأساسية للكريات المركزية في هذه العملية لا تزال مبهمة. تستطيع الخلايا التي أزيل منها الجسيم المركزي الانقسام. وكذلك تستطيع الخلايا النباتية التي تفتقد إلى الجسيمات المركزية الانقسام بشكل طبيعي.

اقرأ أيضًا:

الغشاء الخلوي

ما هي الهيولى / السيتوبلازما Cytoplasm ؟

ما هي الشبكة الإندوبلازمية الخشنة في الخلية ؟

ما هي النوية ؟

ترجمة: علي أبوالروس

تدقيق: رزان حميدة

المصدر