يصف قانون الحركة الثاني لإسحاق نيوتن ما يحدث عندما تُبذل قوة خارجية على جسم ساكن أو جسم يتحرك في خط مستقيم. ماذا يحدث للجسم الذي تُبذَل عليه قوة خارجية؟ يصف هذا الموقف قانون نيوتن الثالث للحركة. ينص القانون على أنه: “لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس في الاتجاه”. نشر نيوتن قوانين الحركة الخاصة به عام 1687، في كتابه الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية (Philosophiae Naturalis Principia Mathematica)، ووضح فيه طريقة تحرك الأجسام الضخمة تحت تأثير القوى الخارجية.

طور نيوتن الأعمال السابقة لجاليليو غاليلي، الذي وضع أول قوانين دقيقة لحركة الكتلة. وفقًا لجريج بوثون أستاذ الفيزياء بجامعة أوريغون، أظهرت تجارب جاليليو أن جميع الأجسام تتسارع بنفس المعدل بغض النظر عن حجمها أو كتلتها. انتقد نيوتن وطور في عمل رينيه ديكارت الذي نشر أيضًا مجموعةً من قوانين الطبيعة عام 1644، بعد عامين من ولادة نيوتن. تشبه قوانين ديكارت قانون نيوتن الأول للحركة.

الرد المعاكس

تُبذل القوى دائمًا في أزواج؛ عندما يدفع جسم ما جسمًا آخر، يدفع الجسم الثاني -بنفس المقدار من القوة- باتجاه الجسم الأول. مثلًا، عندما تدفع عربة، تدفعك العربة أيضًا، وعندما تسحب حبلًا يسحبك الحبل، وعندما تسحبك الجاذبية نحو الأرض، تدفع الأرض قدميك للأعلى. عبارة مبسطة لهذه الظاهرة: لا يمكنك أن تلمس دون تُلمَس.

قانون نيوتن الثالث للحركة ردود الفعل المتساوية والمتعاكسة لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس في الاتجاه تأثير القوى الخارجية

إذا كان الجسم (A) يبذل قوة (F) على الجسم (B)، فإن الجسم (B) يمارس قوة مساوية ومعاكسة (F-) على الجسم (A). يتمثل التعبير الرياضي لما يحدث بهذه المعادلة:

FAB = -FBA

تشير (AB) إلى أن (A) يمارس قوةً على (B)، وتشير (BA) إلى أن (B) يمارس قوةً على (A). تشير علامة الطرح إلى أن القوى تُبذل في اتجاهين متعاكسين. يُشار في كثير من الأحيان إلى (FAB) و (FBA) بمثابتهما قوة الفعل وقوة رد الفعل، ويحددان نسبيًا.

إذا كان أحد الجسمين أكبر بكثير من الآخر، وتحديدًا عندما يكون الجسم الأول مثبتًا بالأرض، يتسارع الجسم الثاني بشكل ملحوظ بينما يُتجاهل تسارع الجسم الأول تمامًا. مثلًا، إذا ثبتَّ قدميك ورميت كرة بيسبول إلى الغرب، فلن تضطر للأخذ بعين الاعتبار بأنك ساهمت في تسارع دوران الأرض قليلاً أثناء وجود الكرة في الهواء. لكن في حال وقوفك على زلاجات ورميك كرة بولينج للأمام ، فستبدأ في التحرك للخلف بسرعة ملحوظة.

قد يتساءل المرء: «إذا كانت القوتان متساويتين ومعاكستين، فلماذا لا يلغي كل منهما الآخر؟» في الواقع، يحدث ذلك في بعض الحالات. فالكتاب يستقر على الطاولة، يدفع وزن الكتاب الطاولة لأسفل بينما تدفع الطاولة الكتاب لأعلى بقوة مساوية ومعاكسة. في هذه الحالة تلغي القوتان بعضهما البعض لأن الكتاب لا يتحرك. والسبب في ذلك هو أن كلا القوتين تُبذلان على نفس الجسم، بينما يصف قانون نيوتن الثالث جسمين مختلفين يتفاعلان مع بعضهما.

لاحظ أيضًا الحصان والعربة، يسحب الحصان العربة كما تسحب العربة الحصان؛ القوى هنا متساوية ومتعاكسة، فلماذا تتحرك العربة؟ والسبب هو أن الحصان يبذل أيضًا قوة على الأرض، خارج نظام العربة والخيل، وتبذل الأرض قوة على نظام العربة والحصان ما يؤدي إلى تسارعها.

قانون نيوتن الثالث عمليًا

تطبق الصواريخ المسافرة في الفضاء قوانين نيوتن الثلاثة للحركة. عندما تنطلق المحركات وتدفع الصاروخ للأمام، يكون ذلك نتيجة رد الفعل. يحرق المحرك الوقود المتجه نحو الجزء الخلفي من الصاروخ، ينتج ذلك قوة في الاتجاه المعاكس لدفع الصاروخ إلى الأمام. يمكن أيضًا استخدام أدوات الدفع على جانبي الصاروخ ليغير اتجاهه، أو على المقدمة لإنتاج قوة خلفية لإبطاء الصاروخ.

وإذا كان رائد الفضاء يعمل خارج الصاروخ وانقطع الحبل الذي يصله بالصاروخ وانجرف بعيدًا، بإمكانه استخدام إحدى أدواته لتغيير الاتجاهات والعودة إلى الصاروخ، إذ يستطيع رائد الفضاء رمي مطرقة عكس اتجاه المكان الذي يريدون الذهاب إليه، فتطير المطرقة بعيدًا عن الصاروخ بسرعة كبيرة ويعود رائد الفضاء بسرعة إليه. ولهذا السبب يُعتَبر قانون نيوتن الثالث المبدأ الأساسي لعلم الصواريخ.

اقرأ أيضًا:

ماذا يحدث لو خرقنا القانون الثالث لنيوتن

القوة والكتلة والتسارع: قانون نيوتن الثاني للحركة

ترجمة: رتاج ابراهيم

تدقيق: آية فحماوي

المصدر