لماذا تبقى محطة الفضاء الدولية في المدار المخصص لها ولا تسقط لترتطم بالأرض؟ وضع إسحاق نيوتن في كتابه «مقالة عن نظام العالم» Treatise on the system of the world أبسط تفسير لهذا الموضوع، فوصف فكرةً تجريبيةً تتضمن وجود قذيفة، مثل قذيفة المدفع الكروية، وقال: إذا دفعنا قذيفة المدفع من الجانب، وبشكل موازٍ لسطح الأرض، فستنطلق القذيفة في مسار منحنٍ باتجاه الأرض بسبب الجاذبية، ثم يقول: لنفترض أننا زدنا سرعة إطلاق القذيفة، فكلما زادت السرعة الابتدائية، ازدادت المسافة التي يمكن أن تقطعها القذيفة قبل اصطدامها بالأرض.
تخيل بعدها السير إسحاق أن نأخذ المدفع الى قمة جبل عالٍ جدًا، وذلك ليس لتفادي المعوقات التي تواجه مسار القذيفة فقط، بل لتساهم كثافة الهواء المنخفضة في تقليل مقاومته للقذيفة.
لذا، هل سيصبح من المنطقي إطلاق القذيفة بسرعة كافية، ليتطابق انحناء مسار القذيفة مع انحناء الأرض، وبالتالي لن تسقط القذيفة من مسارها ابدًا؟ هذا هو المفهوم الجوهري: لا تسقط محطة الفضاء الدولية ISS إلى الأرض؛ لأن سرعة دوران المحطة حول الأرض تتناسب مع سرعة سقوطها نحو الأرض، ما يبقيها في حالة سقوط حر «غير متناهٍ» دون أن تصل إلى سطح الأرض.
ذهب نيوتن بعد ذلك بعيدًا بعض الشيء، واكتشف المعادلة الرياضية لهذه الفكرة، فاقترح أن قوة الجاذبية الأرضية تعادل قوة الجذب المركزي لمحطة الفضاء الدولية التي تسافر بمسار منحنٍ حول الأرض.
تسحب الجاذبية الجسم باتجاه مركز الكوكب، وتوفر له التسارع اللازم لجعله يدور في مسار دائري. النتيجة ستكون، أن الجسم الذي يسير بسرعة معينة سيحقق التوازن عندما تكون المسافة بينه وبين مركز الكوكب الذي يدور حوله كافية لتحقيق التوازن بين المعادلتين.
لدينا:
فيكون:
حيث v: هي السرعة التي يجب على محطة الفضاء الدولية أن تسير بها في مسار منحنٍ لتتجنب الاصطدام بالأرض.
وr: هو المتغير في المعادلة، ويمثل المسافة بين محطة الفضاء، ومركز الأرض.
كلما ارتفعت المركبة الفضائية، ضعفت قوة سحب الجاذبية لها، وبالتالي، يمكنها أن تسير بسرعة أبطأ في مسارها المنحني؛ لتتجنب الاصطدام بالأرض. وكلما انخفض ارتفاع المركبة الفضائية، ازدادت قوة سحب الجاذبية لها، وبالتالي فإنها ستحتاج للسير بسرعة أكبر لتجنب الارتطام بالأرض.
لذلك، يبلغ ارتفاع محطة الفضاء الدولية 250 ميل (400 كم) فوق سطح الأرض، أو 4,210 ميل (6,770 كم) فوق مركز الأرض.
السرعة المطلوبة هي 4.7 أميال في الثانية (7.6 كم في الثانية) فعندما تتحرك المحطة بسرعة 4.7 ميل في الثانية، واستمرار تأثرها بقوة سحب الجاذبية وحركتها في مسار منحنٍ، فستدور المحطة حول الكرة الأرضية بمسافة ثابتة.
لكن تذكر أن نيوتن قال بأننا نحتاج لنرتفع عاليًا لتجنب قوة سحب الهواء، لأن تأثير الهواء يبقى بنسبة بسيطة حتى عندما يكون الإرتفاع 250 ميل ( 400 كم )، ويكون له تأثير تباطؤي على محطة الفضاء الدولية، لتفقد المحطة من سرعتها 5 سم/الثانية، و330 قدمًا (100 متر) من ارتفاعها كل يوم؛ بسبب التصادم المستمر مع جسيمات الغاز.
تطلق المحطة محركاتها الدافعة مرةً واحدةً في الشهر لفترة وجيزة؛ لتعويض ارتفاعها المفقود.
اقرأ أيضًا:
ثقب محطة الفضاء الدولية يعود إلى الواجهة: لم يكن عيبًا في التصنيع
يوجد الآن الكثير من الحيوانات المنوية على محطة الفضاء الدولية
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: عبد الرحمن عبد