من الممكن أن تصيب (الهلوسة – Hallucinations) أيّ شخصٍ اعتمادًا على أسباب متعددة، منها: استهلاك المواد المُهلوِسة، أو وجود علامةٍ من علامات (الفصام – Schizophrenia).
ما هي الآليات الدماغية التي تفسر حالة الهلوسة ؟
يعرّف الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) –وهو دليل صادر عن الرابطة الأمريكية للطب النفسي– الهلوسةَ بأنها «تجاربٌ وتصرّفات في حالة الوعي، تحدث دونَ محفزٍ خارجي، وهي واضحةٌ وملموسة تمامًا مع كامل تأثيرات الإدراك الطبيعي، رغم أنها ليست تحت السيطرة، ولا تحدث بشكل طوعي أو اختياري».
غالبًا ما تسبب إساءةُ استخدام العقاقير المخدرة الهلوسةَ، فبحسب فهمنا لظروف حدوثها، وعلى الرغم من الحالات العصبية والدماغية، إلا أننا لم نكتشف بعد تفاصيل حدوث الهلوسة في الدماغ.
سعى فريق من الباحثين في جامعة أوريغون (University of Oregon) في يوجين (Eugene) مؤخرًا للكشف عن المزيد من المعلومات حول تأثير الهلوسة على النشاط الدماغي، فأجريت الدراسة على نماذج من الفئران، وكشفت بعض المفاجآت، والتي قدمها الباحثون في ورقة بحثية في مجلة Cell Reports.
بعض النتائج المفاجئة
حقن الباحثون الفئران بمادة تسمى (2،5-Dimethoxy-4-iodoamphetamine) يختصر (DOI)، وهي دواءُ هلوسةٍ يُستخدم في البحوث الحيوانية، كغيرها من المهلوسات مثل:
ثنائي إيثيل أميد حمض الليسرجيك (يختصر LSD وذلك من التسمية الألمانية للمركب Lysergsäurediethylamid)، يتفاعل (DOI) مع مستقبلات السيروتونين 2A، والتي تشارك في عملية امتصاص السيروتونين، ولها أدوارٌ كثيرة في الدماغ، لكنها غير معروفة بعد.
بمجرد حقن الفئران بهذا الدواء، عرض الباحثون عددًا من الصور على الشاشات، واستخدموا أساليب متخصصة لمراقبة التغيرات على النشاط الدماغي لدى الفئران.
على عكس ما توقع فريق الباحثين، شهدت الفئران ضعفًا في الاشارة في القشرة الدماغية البصرية، وهي منطقةٌ مسؤولة الى حد ما عن تفسير المعلومات البصرية، وأيضًا تغيرت أوقات أنماط الدوافع العصبية أو التحفيز العصبي (neurons’ firing patterns).
ذكر كبير الكتّاب: كريس نيل (Cris Niell) وهو أستاذ مشارك في جامعة أوريغون: «قد تتوقع أن تحدث الهلوسة البصرية في الخلايا العصبية في الدماغ، والتي تطلق المحفزات بشكل جنوني، أو من خلال إشارات غير متطابقة».
يضيف قائلًا: «لكننا فوجئنا بأنّ دواء الهلوسة قد خفّض النشاط في القشرة الدماغية، ومع ذلك في سياق المعالجة البصرية، يبدو ذلك منطقيًا».
ووجد الباحثون أن الإشارات المرئية التي تصل الى القشرة البصرية تُشابه تلك التي تحدث تحت تأثير الدواء المهلْوِس، ما يدل على أن الدماغ يتلقى الاشارات المرئية بشكل طبيعي، لكنه يفسرها ويعالجها بشكلٍ غير صحيح.
يُضيف نيل: «إن فهمَ ما يحدث في العالم هو توازنٌ بين أخذ المعلومات، وتفسير تلك المعلومات. إنْ كنت تضع أهميةً أقلّ على ما يدور من حولك، ولكنك تُفرط في تفسير ذلك، فقد يؤدي ذلك إلى الهلوسة».
ليست حقيقةً قاطعة، إنما جزءٌ منها
يقول الباحثون أن دراسة الهلوسة في نماذج الفئران ليست مثاليةً، لأن الحيوانات لا تستطيع نقل تجربتها لنا، ومع ذلك لاحظ الباحثون أن أنواع العقاقير ذاتها التي تسبب الهلوسة عند البشر، تسبب أيضًا نفس التأثيرات والتغيرات السلوكية عند الفئران.
ويوضح الباحثون أن هذا يدل بشكلٍ واضح على أن العقاقير ذاتها تغيّر نشاط الدماغ في كل من الحيوانات والإنسان، ومع ذلك، ينبغي أن تولي الدراسات المستقبلية اهتمامًا أكبر لردود فعل الحيوانات على المؤثرات البصرية في الواقع، مقارنة بعدم وجود الأدوية.
يقول نيل: «لا أشعر أننا وجدنا بالضرورة الدليل القاطع لكامل السبب وراء الهلوسة، لكن من المحتمل أن يكون هذا جزءًا منه». ويضيف: «ستوفّر البيانات التي جمعناها أساسًا إمكانيةَ إجراءِ دراساتٍ إضافية في المستقبل، على وجه الخصوص، نخطط لاستخدام المعالجة الوراثية لدراسة أجزاء معينة من هذه المنظومة بمزيدٍ من التفصيل».
وبما أن الأبحاث السابقة قد أشارت إلى أن مستقبلات السيروتونين 2A التي استهدفها الباحثون أيضًا في هذه الدراسة تُشارك في مرض انفصام الشخصية، يودّ «نيل» وفريق العمل أيضًا معرفة ما إذا كانت نتائجهم الحالية قد توفر آفاقًا جديدةً فيما يتعلق بمعالجة هذه الحالة وغيرها من الحالات الصحية.
اقرأ أيضًا:
يُمكنك تجربتها بنفسك: هل يمكن الوصول لمرحلة الهلوسة دون تعاطي المخدرات؟!
ما العلاقة بين التأمل وعقاقير الهلوسة؟
ما هي الادوية المهلوسة ( Hallucinogens ) ؟
تصنيف تسعة أنواع من المخدرات من الأكثر أمانًا إلى الأخطر
ترجمة: عمر النبواني
تدقيق: عبد الرحمن عبد