باتَ واضحًا أنّ سياراتنا ستكون قادرةً على اصطحابنا أينما نُريد ونحن مُسترخون. فخلال بضع سنوات، سوف تُحسّن هذه القدرة نوعيةَ حياتنا بشكلٍ كبير. قد يبدو ذلك خيالًا أو وَهمًا، لكن ثورة المركبات ذاتية القيادة تستمرّ في التقدّم. الأمر المُثير للأعجاب، أنّ إنتاج سيّاراتٍ ذاتيةِ القيادةِ بدأَ بالفعل من طرف جوجل وتيسلا، ما يجعل مُستقبل وسائل النقل مُشرقًا، ويمكّن السيارات ذاتية القيادة من شقّ طريقها بقوّة.

ولكن في خضمّ كل هذا قد تتساءل، كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة ؟

تتمتّع بعض السيارات اليوم بميزات خاصّة، كالاصطفاف (الرَّكن) الذاتي، ما يجعلها – نوعًا ما – شبه مستقلّة عن السائق، أو ذاتيّة القيادة بشكلٍ جزئي، أما السيارات ذاتيّة القيادة بشكل كامل، فقد بدأت دخولها إلى المشهد أيضًا. فشركة Tesla بدأت بالفعل في بيع حلولٍ ذاتيّة التحكم، بينما تخطّط Google لطرح خطّ إنتاجٍ للمركبات ذاتية القيادة في السوق بحلول 2020.

كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة جوجل تيسلا إيلون ماسك سيارة ذاتية التحكم كيف تعمل السيارة ذاتية القيادة المشاكل التبعات الخوارزميات البرمجية

الخطأُ هو فعلٌ بشريّ: لمَ السيارات ذاتية التحكم إذًا؟

تُظهر دراسةُ حديثة أنّ أكثر من 90% من حوادث الطرق، ناتجةٌ عن أخطاءٍ بشريّة، نعلمُ أن الخطأ هو فعلٌ بشريّ، ولكنّ أغلب الأخطاء خلفَ المِقوَد هي أخطاءٌ كارثيّة، تودي بأعدادٍ هائلةٍ من الأرواح، أرواحٍ كان من الممكن إنقاذُها بطريقة أخرى، من خلال قيادةٍ أكثرَ أمانًا. هنا تأتي الحاجة إلى السيارات ذاتية القيادة. ماذا في جعبتها لتقدمهُ؟

1- لا تتأثّر السيارات ذاتيّة القيادة بالعوامل التي تصيب السائق كالتعب، أو الانفعال، أو الأمراض، ما يجعلها أكثر أمانًا من السيارات التي يقودها الإنسان.

2- دائمًا ما تكون السيارات ذاتيّة القيادة مُنتبهةً ونشطة، تراقب بيئاتها وتفحص الاتجاهات، لذا، سيكون من الصعب اتّخاذ خطواتٍ لم تتوقعها السيارة.

3- الاعتماد على السيارات ذاتيّة القيادة يعني طرقًا أكثر أمانًا، ما يقلّل الحاجة إلى خدمات الطوارئ، وأقساط التأمين باهظة الثمن، ناهيك عن التوفير في الرعاية الصحية المتعلّقة بالحوادث.

كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة ؟

بلغت التطورات في مجال التكنولوجيا حدًا كبيرًا في جعل السيارات ذاتية القيادة أمرًا حقيقيًا، وتُعدّ التقنيات الثلاث الآتية أحد الأسباب في وجودها:

1- المستشعرات الخاصة بإنترنت الأشياء – IoT sensors

جعلت أجهزة الاستشعار العديدة المتوفرة اليوم من السيارات ذاتية القيادة حقيقةً لا يمكن إنكارها، فتعمل أجهزة الاستشعار على رصد المناطق العمياء، التحذير من الاصطدام الأمامي، الرادار، الكاميرا، (الليدار – LIDAR)، والموجات فوق الصوتية. جميعها تعمل لجعل التنقل في سيارة ذاتية القيادة ممكنًا.

2- إمكانية الاتصال بإنترنت الأشياء – IoT connectivity

تَستخدم السيارات ذاتيّة القيادة الحوسبة السحابية (cloud computing) للعمل، اعتمادًا على بيانات المرور، والحالة الجوية، والخرائط، والسيارات المجاورة، وظروف السطح وغيرها.

يُساعد هذا على مراقبة المحيط بشكل أفضل، واتخاذ قرارات صائبة. لذا، يجب على السيارات ذاتية القيادة أن تكون متصلة بالإنترنت حتى وإن كان بإمكان أجهزة الحاسوب الطرفية (edge computing hardware) حلّ المهام البسيطة محليًا.

3- الخوارزميات البرمجية

لتحديد أفضلِ مسارٍ للعمل؛ يجب تحليل جميع البيانات التي تجمعها السيارة ذاتية القيادة، هذه هي الوظيفة الرئيسية لخوارزميات التحكم البرمجية، وهو الجزء الأكثر تعقيدًا في السيارة ذاتية القيادة، لأنه يتعين عليها اتخاذ القرارات الصائبة، فقد يكون الخلل – كما هو الحال في حادث القيادة الذاتية لشركة أوبر – مميتاً.

جوجل وتسلا تقودان المهمة

أشهر السيارات ذاتية القيادة الموجودة تصنعها تِسلا،أو جوجل. تعمل سيارات تسلا عن طريق تحليل بيئاتها باستخدام نظام برمجيات يعرف باسم «الطيّار الآليّ» أو autopilot، يَستخدم الطيار الآلي كاميرات ذات تقنية عالية لعرض وجمع البيانات من العالم الخارجي، باستخدام ما يسمى “رؤية الكمبيوتر” أو (تقنية التعرّف على الصور المتطورة – Sophisticate Image Recognition)، ومن ثمّ، تُفسَّر هذه المعلومات، ويُتّخذ القرار الأفضل بناءً على ذلك. كما ذكرنا آنفًا، فإن تقنية تسلا ذاتية القيادة بيعَت بالفعل.

من جهةٍ أخرى، تتّبع جوجل طريقةً مختلفةً تمامًا في سياراتها، تستخدم السيارات ذاتية القيادة التي تُنتجها جوجل تقنية اللادار أو الليدار (LIDAR)، والتي تشابه الرادار، لكن بدلًا من موجات الراديو، يستعمل الليدار الضوء، تمكّن تقنيةُ الاستشعار هذه سياراتِ جوجل من تجاوز الحاجة إلى عجلات التوجيه والدوّاسات.

بدأنا هذا المقال بسؤال، كيف تعمل السيارات ذاتية القيادة ؟ لنُنهي هذا المقال بهذا السؤال: ما العقبات التي تقف في طريق السيارات ذاتية القيادة؟

كحال جميع الاختراعات العظيمة، يمتلئ الطريق نحو السيارات ذاتية القيادة بالعقبات، بعضها تكنولوجية، لكن الكثير منها سياسيّ رقابيّ، فالسيارات ذاتيّة القيادة غير قانونية في العديد من الولايات الأمريكية، إضافةً إلى صعوبة دمج السيارات ذاتيّة القيادة بأمان في عالم المركبات التي يقودها البشر. ولكن تذكر! من يرتكب الأخطاء، هم البشر.

باستطاعة التكنولوجيا تغيير حياتنا، فسواء أكنّا نمتلك سيارةً ذاتيّة القيادة أم لا، يمكن لمجتمعنا أن يستفيد منها في مجالات عدّة، مثل القيادة للمسنين والمعاقين جسديًا. وقريباً ، سيتمكّن الجميع من امتلاك سيارة ذاتيّة القيادة، متمنين أن يكون هناك عدد أقلّ من السائقين المجانين على طرقاتنا.

اقرأ أيضًا:

تاريخ ومستقبل أسرع السيارات في العالم

لماذا تزود بعض السيارات بماسحة للزجاج الخلفي؟

ترجمة: أزهر البكري

تدقيق: عبد الرحمن عبد

المصدر