تُشكل البحيرات العظمى ( سوبريور – هورون – ميشيغان – أونتاريو – إيري) السوادَ الأعظم من المياه العذبة على سطح الأرض، إذ تُمثل –تقريبًا– الخُمس من تلك المياه، بكمية قدرها ستة كوادريليون غالون، تشغل تلك البحيرات مساحةً قدرها (246463) كم مربع، وتمتد على مسافة (1200) كم من غرب الولايات المتحدة إلى شرقها، وتُعد تلك المساحة أكبر من ولاية تكساس الأمريكية.
يُطلق على هذه البحيرات اسم (ساحل البحر الرابع)، وهي تقع على الحدود بين الولايات المُتحدة الأمريكية وكندا، إذ يطل عليها من الجانب الكندي ولاية أونتاريو، ومن الجانب الأمريكي ثماني ولايات، هي: (ميشيغان، وويسكونسن، ومينيسوتا، وإلينوي، وإنديانا، وأوهايو، وبنسلفانيا، ونيويورك)، وحسب الإحصائيات الواردة من وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، فإن هناك حوالي ثلاثين مليون نسمة تعيش حول تلك البحيرات.
ويُمثل ذلك التعداد 10% من تعداد سكان الولايات المتحدة الأمريكية، و30% من تعداد سكان دولة كندا، بالإضافة إلى حضور (3500) نوع من الكائنات الحية المتنوعة، سواء أكانت من النباتات أو الحيوانات التي تعيش حول تلك البحيرات، أضف إلى ذلك استيطان تلك البحيرات بحوالي (170) نوعًا مختلفًا من الأسماك.
تُعد البحيرات العظمى حاليًا من أهم المزارات السياحية في الولايات المتحدة، حيث تُقام مسابقات التجديف، وركوب القوارب الصغيرة، إضافةً إلى ممارسة هواية صيد الأسماك، وبعض الأنشطة الترفيهية الأخرى.
ولا تقتصر أهميتها على الجانب السياحي فقط، فهي تمثل جزءًا كبيرًا من الجانب الاقتصادي، وعمليات نقل البضائع، علمًا بأن تلك البُحيرات لم تكن على شكلها الحالي في الماضي، فمنذ حوالي (1400 سنة)، غُطيت بالجليد، بطبقة جليدية بلغ سُمكها حوالي (1كم)، وبمجرد زوال ذلك الجليد وذوبانه، تحركت تلك الطبقة الجليدية تجاه دولة كندا، مُخلفةً العديد من الأماكن المنخفضة، التي مُلِئت بالمياه.
بسبب تلك العملية البيئية والجيولوجية، تشكلت الصورة الرئيسية والمظهرية للبحيرات العظمى، إذ لم يكن شكلها منذ حوالي (10) آلاف عام كما هو معروف الآن. ويُنسب اكتشاف تلك البُحيرات إلى المُستكشف الفرنسي ( إتيان براولي – Étienne Brûlé) أول من اكتشف بحيرة هورون عام 1615م، ومن بعدها بُحيرة أونتاريو، وذلك وفقًا لما هو مدوّن في المتحف الكندي للتاريخ، بيد أن هذه المنطقة مأهولة بالسكان من آلاف السنين، حتى قبل أن يصل إليها الأوربيون أصلًا.
هناك العديد من الأنهار والروافد المُرتبطة بالبُحيرات العظمى، فيربط (مضيق ماكيناك – Mackinac) بين بحيرة ميشيغان وبحيرة هورون، اللتين تعدان بُحيرةً واحدةً؛ بسبب تدفق المياه المُستمر بينهما، ويربط (نهر نياغرا – Niagara) وشلالاته الشهيرة المعروفة باسم (شلالات نياغرا) بين بُحيرتي إيري وأونتاريو، ويربط (نهر سانت لورانس – St. Lawrence) بُحيرة أونتاريو بخليج سانت لورانس، الذي يصب مياهه في المحيط الأطلسي.
تحتوى البحيرات العظمى على (35) ألف جزيرة، أغلبها جزر صغيرة، غير مأهولة بالسكان. أكبر هذه الجزر هي جزيرة (مانيتولين – Manitoulin) الموجودة في بحيرة هورون، البالغ مساحتها حوالي (2766) كم مربع، وهي أكبر جزيرة في أي جزء من المياه على سطح الأرض.
هناك العديد من حطام السفن المنتشر في تلك البحيرات؛ وذلك بسبب الحواجز والشعاب المرجانية، إضافةً إلى حركة الرياح القوية، والمستمرة لفترات طويلة، ما يُصعِّب عملية المِلاحة في تلك البحيرات، ويُعد حطام سفينة (the SS Edmund Fitzgerald) التجارية لشحن البضائع، هو أشهر حُطام موجود، فقد تحطمت تلك السفينة في العاشر من نوفمبر عام 1975م، في بحيرة سوبريور، ونجم عن ذلك الحطام مقتل (29) فردًا من طاقم تلك السفينة.
لقد تغيرت تلك البحيرات كثيرًا عن الماضي؛ بسبب تعرضها للتلوث، وتسرب الغازات باستمرار، وأعدت وكالة حماية البيئة الأمريكية 140 برنامجًا فيدراليًا؛ لاستعادة البيئة في البحيرات العظمى، وحمايتها من الملوثات، إذ كانت الولايات المتحدة وكندا عضوين فاعلين في مبادرة تنظيف البحيرات وحمايتها، إضافةً لأربعين دولةً أخرى.
● حقائق سريعة عن البحيرات الخمس:
1 – بُحيرة إيري: اُشتق اسم تلك البُحيرة من كلمة إيروكية، معناها: (الذيل الطويل)، وهي وصف دقيق لشكل البحيرة، وهي رابع أكبر بحيرة ضمن البحيرات الخمس، تبلغ مساحتها حوالي (25700) كم مربع، وتعد أقل البحيرات احتواءً للمياه، بِسِعَة (484) كم مكعب.
2 – بُحيرة هورون: سُميت نسبةً لهنود هورونوس، الذين قطنوا تلك المنطقة في الماضي، وهي ثاني أكبر بحيرة ضمن البحيرات الخمس، إذ تبلغ مساحتها (59600) كم مربع، ويبلغ طول شاطئها (6.157) كم، وهو أطول شاطئ بين البحيرات، إضافةً لاحتوائها العديد من الجزر الداخلية.
3 – بحيرة ميشيغان: سُميت بذلك؛ نسبةً لكلمة ( مشيغامي – mishigami)، وهي كلمة هندية تعني البحيرة الكبيرة، وهي بالفعل أكثر البحيرات احتواءً للماء. على الرغم من أنها تأتي في المرتبة الثالثة من حيث الحجم، فإنها تشغل مساحة (57800) كم مربع. يتحرك فيها الماء بشكل دائري مغلق، وهو نمط غريب وغير مُعتاد، وهي البحيرة الوحيدة الموجودة بأكملها داخل الولايات المتحدة الأمريكية. تُشكل مع بحيرة هورون نصفًا آخر، وكأنهما نصفان من جسم واحد من الماء.
4 – بحيرة أونتاريو: وتعني (بحيرة المياه المشرقة)، وهي أصغر البحيرات الخمس، إذ تبلغ مساحتها (18960) كم مربع، وعلى الرغم من تشابهها مع بحيرة إيري في العرض والطول، إنها أعمق بكثير، ما يجعلها تسَعُ كميةً كبيرةً من المياه تُقدر بـ (1640) كم مكعب، وهي تقع عند قاعدة شلالات نياغرا، في نهاية مسار بحيرة إيري.
5 – بحيرة سوبريور: يطلق عليها أيضًا البحيرة الممتازة، وهي أكبر البحيرات، إذ تبلغ مساحتها (82100) كم مكعب، تَسَعُ أكبر قدر من المياه بحوالي (12100) كم مكعب؛ وبذلك اكتسبت اسم (البحيرة الممتازة). يأتي الاسم من الكلمة الفرنسية (lac supérieur).
اقرأ ايضًا:
ما هو عدد البحيرات على الأرض ؟
ترجمة: مازن عماد
تدقيق: أسماء العجوري