تنفّس! لا أحد يعرف كوكبًا آخر يمكنك القيام بهذا الفعل البسيط فيه. تمتلك باقي الكواكب والأقمار في نظامنا الشمسي أغلفةً جوّيةً، لكن لا أحد منها يدعم الحياة كما نعرفها. فهي إمّا شديدة الكثافة (كما في كوكب الزهرة)، أو أنها لا تمتلك كثافةً كافيةً (كما في كوكب المريخ)، كما لا يمتلك واحد منهم الأكسجين الكافي ، وهو الغاز النفيس الذي نحتاجه على الأرض كل دقيقة . إذن، كيف أصبح غلافنا الجوي مميّزًا جدًا؟ وصف بعض العلماء ثلاث مراحل لتطور الغلاف الجوي للأرض كما نعرفه الآن.
المرحلة الأولى:
الأرض المتكوّنة حديثًا: كان الهيدروجين-H2 والهيليوم-He في هذه المرحلة غازين دافئين جدًا. تحركت جزيئات الغاز هذه للتخلص من الجاذبية الأرضية وانجرفت في النهاية نحو الفضاء.
كان الغلاف الجوي الأصلي للأرض يتكون على الأرجح من الهيدروجين والهيليوم فقط، باعتبارهما الغازين الرئيسيين في القرص الغازي الغباري حول الشمس الذي تكونت منه الكواكب.
الأرض وغلافها الجوي كانا شديدي السخونة. تتحرك جزيئات الهيدروجين والهيليوم بسرعة كبيرة خاصة عندما تكون دافئةً، في الحقيقة هي تتحرك بسرعة فائقة لدرجة أنها تتخلص من الجاذبية الأرضية في النهاية وتنجرف نحو الفضاء.
المرحلة الثانية:
الأرض الشابة: تطلق البراكين غازات بخار الماء-H2O و ثاني أكسيد الكربون-CO2 والأمونيا-NH3، يذوب ثاني أكسيد الكربون في ماء البحر، وتستهلك البكتيريا ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون منتجةً الأكسجين-O2.
تشكّل «الغلاف الجوي الأرضي الثاني» من الأرض نفسها. كان هناك الكثير من البراكين أكثر ممّا يوجد الآن بكثير، لأنّ قشرة الأرض كانت ما تزال في طور التشكّل. أطلقت البراكين ما يلي:
● بخار الماء-H2O: ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين.
● ثاني أكسيد الكربونCO2-: ذرة واحدة من الكربون وذرتين من الأكسجين.
● الأمونيا-NH3: ذرة من النتروجين و 3 ذرات من الهيدروجين.
المرحلة الثالثة:
الأرض الحالية: تنمو النباتات والحيوانات بتوازن، تستهلك النباتات ثاني أكسيد الكربون وتطرح الأكسجين. أما الحيوانات فتستنشق الأكسجين وتطرح ثاني أكسيد الكربون.
يذوب معظم ثاني أكسيد الكربون في المحيطات، تطوّر في النهاية شكل بسيط من أشكال البكتيريا يستطيع أن يعيش على الطاقة القادمة من الشمس وثاني أكسيد الكربون في الماء، منتجًا الأكسجين كفضلات. وهكذا يبدأ الأكسجين بالبناء في الغلاف الجوي، بينما تستمرّ نسب ثاني أكسيد الكربون في الانخفاض.
في هذه الأثناء، تكون جزيئات الأمونيا في الغلاف الجوي قد تجزّءت بفعل ضوء الشمس، تاركةً خلفها النيتروجين والهيدروجين. يرتفع الهيدروجين، وهو العنصر الأكثر إضاءةً، لأعلى الغلاف الجوي وينجرف معظمه في النهاية نحو الفضاء.
نحن نملك الآن «الغلاف الجوي الثالث للأرض» الذي نعرفه جميعًا ونحبه، الغلاف الذي يحتوي على كمّية كافية من الأكسجين بالنسبة للحيوانات، ومن ضمنهم نحن كبشر، للنّمو والتطور.
إذن، تستهلك النباتات وبعض أنواع البكتريا ثاني أكسيد الكربون وتطرح الأكسجين، أمّا الحيوانات فتستهلك الأكسجين وتعطي ثاني أكسيد الكربون، كم هذا مريح! غلافنا الجوي فوقنا والذي تعتمد عليه الحياة صُنع بواسطة الحياة نفسها.
ماذا يوجد في الغلاف الجوي للأرض الآن؟
ضع في الحسبان في هذا الرسم التوضيحي أنّ الماء المتواجد في الهواء لم يكن جزءًا من هذه النسب. كما ترى، النسبة الأعظم للغازات في الهواء هي للنيتروجين ب 78 %، مع نسبة أقل للأكسجين ب21%، بينما يشكّل الأرغون وغيره من الغازات نسبةً ضئيلةً بحوالي 1 %.
أمّا ثاني أكسيد الكربون فيشكّل نسبةً ضئيلةً جدًا من الهواء بحوالي 0.385% أو ما يعادل 385 جزءًا من المليون من جزيئات الهواء. لكن هذه النسب كانت تختلف بكثير عندما كانت الأرض بعمر أصغر.
اقرأ أيضًا:
أجرت الصين وروسيا تجارب مثيرة للجدل لتعديل الغلاف الجوي للأرض
تشكيل الوقود الاحفوري ؛ هل سيكون المفتاح لاكسجين الغلاف الجوي ؟
اللغز الذي حير العلماء : لماذا حرارة الغلاف الجوي للشمس اكبر من حرارة سطحها ؟
ترجمة: رياض شهاب
تدقيق: محمد وائل القسنطيني