هذا ما سيحدث لدماغك و أنت في الطريق إلى المريخ


الدراسات الأولية تشير إلى أن الأمر لا يبشر بالخير. 

تطمح  ناسا لإرسال رحلة مأهولة الى المريخ خلال العشرين سنة القادمة، لكن دراسة أشارت الى أنّ الأمر سيكون أخطر مما نتوقع، معطيات جديدة بيّنت أنّ التعرض للإشعاعات الكونية لفترات طويلة قد تؤثر كثيرا و بطريقة جدّية على القدرات الإدراكية و المعرفية لرواد الفضاء.

قام باحثوا جامعة كاليفورنيا بإرفين بالولايات المتحدة الأمريكية بمحاكاة الظروف للفضاء العميق على مجموعة من الفئران في المختبر وذلك بتعريضها الى انفجارات لجسيمات مسرَّعة، ما هو شبيه بالأمواج الكونية، فأشارت النتائج أنّ الفئران المعرضة للإشعاع كانت مشوشة و كثيرة النسيان، بالإضافة الى كون استجابتها و ردة فعلها بطيئة جداً.

“ليست بأخبار سارة للرّواد المُزعم بعثهم الى المريخ في رحلة ذهاب و إياب تستغرق سنتين الى ثلاث سنوات” يقول Charles Limoli, بروفيسور في العلاج الإشعاعي في ندوة صحفية، و يضيف:”إنخفاض في الأداء و عجز في الذاكرة و فقدان الوعي و التركيز خلال الرحلة، قد يؤثر كلّ ذلك على المهام الأساسية للبعثة، فضلا على أنّ التعرض لتلك الجسيمات قد تكون له، على المدى الطويل، عواقب وخيمة على الإدراك طوال الحياة”

الإشعاعات الكونية، إحدى نواتج الإنفجارات المجَريّة كالسوبرنوفا، هي جسيمات مشحونة ذات طاقة عالية بوسعها اختراق هيكل المكوك و عظام الإنسان بسهولة و التسبب بأضرار جسيمة على الجهاز العصبي المركزي للجسم.

على كوكبنا، تضمن المانيتوسفير حماية سطح الأرض من تلك الإشعاعات الخطيرة، لكن ليس بإمكان الغلاف الجوي الرقيق للمريخ حماية سطحه بتلك الجودة، كما يمتد مانيتوسفير الأرض الى حوالي 56000 كم فوق رؤوسنا، أي أنّها توّفر حماية رواد المحطة الفضائية الدولية أيضاً من الإشعاعات الكونية.

في دراسة، نُشرت على Science Avances و التي أُجريت في المختبر الإشعاعي الفضائي SRL لـ NASA بـِ Brookhaven National Laboratory في نيويورك، تعرضت مجموعة من الفئران المعدّلة جينيا لحروق بسبب حزمة من أيونات الأكسجين و التيتان المسرّعة بـِثلثي سرعة الضوء، نفس نوع الأيونات المتواجدة في الإشعاعات الكونية المجَريّة.

عُدّلت تلك الفئران جينيا من أجل امتلاك نورونات مشعة، ما يُسهّل متابعة التغيرات على مستوى أدمغتها.

بعد ست أسابيع من التعرّض، فقدت الفئران من 30ا لى 40 بالمئة من تشعباتها العصبية (dendrites) -الفروع مابين الخلايا العصبية المسؤولة عن نقل الإشارات الكهربائية- مقارنة بالمجموعة المرجعية.

يؤدّي التعرّض للإشعاع الكوني الى تدهور التشعبات العصبية الدائم، هذا النقص مقرون بالخلل العقلي مثل عند أولئك الذين يعانون من الزهايمر أو الأمراض العصبية المشابهة.

أُجريت على المجموعتين بعد ذلك اختبارات إدراكية و معرفية حيث أضيفت أجسام جديدة بين تلك المألوفة لدى الفئران فلوحظ أنّ تلك المعرضة للإشعاع قد شُوَّشت و فقدت فضولها بالمقارنة مع المجموعة المرجعية.

إن طرأ نفس التغيير على روّاد الفضاء، فإنّ سرعة استجابتهم وقدراتهم لاسترجاع المعلومات ستتأثر.

خلال الرحلة المُزعم تنظيمها إلى المريخ و التي ستدوم من سنتين إلى ثلاث سنوات، أي تأثير للتعرّض للإشعاعات الكونية سيجد الوقت الكافي للظهور، قدرة الرّواد على إتمام المهمة و القيام بتجارب الأبحاث بالإضافة الى صحتهم معرفتهم، كل ذلك سيكون في خطر، Limoli وفريقه لا يظنون أنّ ذلك المستوى من الإضطراب سيؤدي بالرّواد إلى تحطيم مكّوكهم لكن على الأقل سيخرّبون تجاربهم.

الدّماغ جهاز معقّد و الدّراسات طويلة المدى مطلوبة قبل أن نفهم التأثير الكامل للإشعاعات الكونية عليه، و لنستطيع الفصل بالقول إن كانت تلك الإضطرابات و التغيرات التي لوحظت عند الفئران مزمنة أم لا.


اعداد: نرجس دواق

المصدر