93 بالمئة من الأدوية تسبب حساسية دوائية – وفقًا لدراسة حديثة: قد تُسبب العديد من مكونات الدواء -التي يعتبرها الناس غير نشطة- مشاكل صحيةً لبعض المستهلكين. دائمًا ما تضيف الشركات المصنعة قائمةً بالمكونات الأخرى (غير النشطة) إلى جانب المكونات النشطة في الأدوية لعدة أسباب منها: تسهيل امتصاص المركب أو تثبيته، وتحسين مظهره ومذاقه وهذه المكونات قد تسبب الحساسية .

لا تسبب الإضافات مثل الفركتوز واللاكتوز أي ضرر من أي نوع عند غالبية الناس، ولكن قد يعاني البعض من مشاكل معينة. في الآونة الأخيرة، قررت مجموعة من الباحثين -من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج وبريجهام ومستشفى النساء في بوسطن- التعمق في هذه الإضافات. أرادوا أن يتأكدوا ما إذا كانت هذه المكونات قد تؤثر على صحة الناس.

رد فعل غير متوقع على الأدوية :

بدأ جيوفاني ترافيرسو -المؤسس والمسؤول عن هذه الدراسة- البحث في هذا الموضوع منذ حوالي 5 سنوات، وذلك من خلال تجربة أثارت اهتمامه أثناء علاج أحد مرضاه الذين يعانون من داء بطني. وُصف مضاد حموضة شائع يُسمى أوميبرازول -الذي يستخدمه الكثير من الناس ويتحملونه بشكل عام- ولكن استجاب مريض ترافيرسو بشكل ضعيف.

في غضون أسبوع، أبلغ المريض عن شعوره بالتعب، وعند إجراء مزيد من الفحصوصات، وجد ترافيرسو أن التركيبة الخاصة التي تناولها المريض تشمل مكونات مشتقة من منتجات القمح، والتي قد تحتوي على الغلوتين. يقول جيوفاني ترافيرسو -أستاذ مساعد وأخصائي أمراض الجهاز الهضمي-: «لقد جعلني هذا الأمر أدرك أننا نعرف القليل عن الأقراص الدوائية والآثار الضارة المُحتمَلة التي قد تسببها. وأظن أن هناك عدم تقدير هائل للتأثير المحتمل للمكونات غير النشطة».

كما هو الحال، لا نعرف عدد مرات حدوث هذا النوع من التفاعل. يقول دانييل ريكر -أحد كبار مؤسسي الدراسة-: «لا يهم معظم المرضى ما إذا كان هناك القليل من اللاكتوز، أو القليل من الفركتوز، أو بعض النشأ. إلا أن فئة من المرضى حاليًا -ذات عدد غير معروف- شديدة الحساسية لهذه المواد، وتطور الأعراض التي تسببها المكونات غير النشطة».

المركبات الخفية في الأدوية :

عندما يصف الطبيب دواء لشخص ما، فإنهم يلاحظون بعناية المركب النشط والجرعة، لكنهم أقل عرضة للتفكير في المكونات غير النشطة. حتى الأدوية التي تحتوي على نفس المادة الكيميائية الفعالة في نفس الجرعة يمكن أن تحتوي على مكونات مختلفة، بناءً على من صنعها. على سبيل المثال، يلاحظ المؤسسون لهذه الدراسة أن 43 شركةً مختلفةً تنتج 140 تركيبةً مختلفةً من ليفوثيروكسين، وهو علاج لنقص هرمون الغدة الدرقية. علاوةً على ذلك، فعلى الرغم من أن الشركات المصنعة تقدم قائمةً بالمكونات الموجودة على العبوة، إلا أن ذلك قد لا يكون واضحًا من الأسماء الكيميائية التي يمكن أن تحتوي على مواد مسببة للحساسية. على سبيل المثال، لن يُذكر على العلبة مشتق القمح على أنه يحتوي على الغلوتين وقد يسبب حساسية لدى البعض.

لن يستهلك معظم الأشخاص سوى كميات صغيرة من هذه المكونات غير النشطة، ولكن بعض الفئات مثل كبار السن، تحتاج إلى تناول المزيد من الأدوية. يقول المسؤولون عن هذه الدراسة: «المريض الذي يتناول 10 أدوية بوصفة طبية كل يوم سيتناول مكونات غير نشطة بمقدار 2.8 جرام يوميًا».

لا يعرف الأطباء المتخصصون الكثير عن هذا الموضوع، لذلك بدأ الباحثون في سد بعض الثغرات، ونشروا نتائج أبحاثهم في مجلة (Science Translational Medicine). وللتحقق من ذلك، أمعن العلماء النظر في المجلات الطبية بحثًا عن أمثلة لتفاعلات الحساسية تجاه المكونات غير النشطة في الأدوية. كما بحثوا في قاعدة بيانات تُسمى بيلبوكس -التي تديرها المكتبة الوطنية للطب والأدوية- فتمكنوا من رؤية المكونات الكاملة لجميع الأدوية المعروضة للبيع في الولايات المتحدة سواء بوصفة طبية أو دونها.

وجدوا أن في معظم الحالات، يتكون أكثر من نصف كل حبة من مكونات غير نشطة. وفي بعض الحالات اعتبروا أن 99% من الأقراص غير صيدلانية.
ومما يدعو إلى القلق، اكتشفوا أن 93% من الأدوية تحتوي على مسببات الحساسية، بما في ذلك اللاكتوز والأصباغ وزيت الفول السوداني. وتحتوي جميع الأدوية تقريبًا على مكونات قد لا يتمكن بعض الأشخاص من تحملها، مثل الغلوتين.

يحتوي أكثر من نصف الأدوية على سكريات (FODMAP)، وهي سلسلة قصيرة من الكربوهيدرات التي تُمتَص بشكل سيء في الأمعاء الدقيقة.
يُعتبر مصطلح (فودماب) اختصارًا مشتقًا من السكريات قليلة السكر، والأحادية، والثنائية، والبوليولات القابلة للتخمر (Fermentable Oligo-, Di-, Mono-saccharides And Polyols)، التي تسبب مشاكل في الجهاز الهضمي لدى بعض المصابين بمتلازمة القولون العصبي.

على الرغم من أن الأدوية التي تحتوي على زيت الفول السوداني تأتي دائمًا مع تحذير على العبوة، فإن الأمر نفسه لا ينطبق على أي من المكونات الأخرى. يُعد فهم المكونات أمرًا صعبًا، وحتى إذا تمكن شخص ما من اكتشاف مسببات الحساسية في دوائه، فلا يوجد ما يضمن أنه سيتمكن من العثور على نسخة من الدواء لا تحتوي على مسببات حساسية .

التطلع إلى المستقبل:

يأمل مؤسسو الدراسة أن تؤدي نتائجهم إلى زيادة الوعي بهذه القضية على المستوى العالمي، إذ تبدو الحساسية أكثر شيوعًا، ما يجعل هذا النوع من الأبحاث أكثر أهمية من أي وقت مضى. يرى الباحثون حاجةً مستقبليةً إلى قوانين جديدة تطلب من الشركات تقديم معلومات مفصلة عن المكونات غير النشطة. للمضي قدمًا، يأملون في أن تقوم شركات الأدوية بإنتاج نسخ دوائية خالية من مسببات الحساسية للذين يعانون من حساسية و حساسية المفرطة.

يخطط الباحثون لمتابعة البحوث؛ سعيًا للحصول على فهم أفضل لنطاق هذه المشكلة. إنهم حريصون على تطوير صورة سريرية أوضح لكيفية تأثير المستويات المنخفضة من اللاكتوز في الأدوية على الأفراد الذين يعانون من الحساسية المفرطة. يُعد القيام بهذا أمرًا مهمًا؛ لأن الحساسية المفرطة على الرغم من كونها أقل حدةً من الحساسية، إلا أنها أكثر شيوعًا، وبالتالي فإن الحجم المحتمَل للمشكلة أكبر بكثير.

يقول ريكر: «يجب أن يكون هناك المزيد من التجارب السريرية والمزيد من البيانات؛ حتى نتمكن من التعمق في معرفة عدد المرضى المصابين وكيف يمكننا مساعدتهم».

اقرأ أيضًا:
لماذا يمكن أن تظهر حساسية شديدة فجأة عند سن البلوغ؟
ما العلاقة بين المضادات الحيوية والحساسية؟

المصدر

ترجمة ماريانا عادل – تدقيق تسنيم الطيبي