يُطلق على فاكهة التفاح اسم “الغذاء المعجزة” و”محطة التوليد التغذوية”، إذ كما هو شائع، فقد يحافظ التفاح على صحتك، بعيدًا عن الأطباء. تُعد هذه الفاكهة من أكثر الأطعمة جودةً من الناحية الصحية على الإطلاق. كما أنها مليئة بالعصير و(فيتامين سي – vitamin C) والألياف، وتحتوي على نسبة قليلة من السعرات الحرارية ، ومقدار ضئيل من الصوديوم، وتخلو نهائيًا من الدهون والكوليسترول. كما ستتعرف في هذا المقال عن تأثير التفاح على الأسنان وأضرار بذور هه الفاكهة.
تقول لورا فلورز، خبيرة تغذية في سان دييغو: «يحتوي التفاح على كمية عالية من متعدد الفينول الذي يعمل بمثابة مضاد للأكسدة». وتضيف أيضًا: «يوجد متعدد الفينول في القشرة بنفس الكمية التي يوجد بها في اللب، فاحرص على تناول القشرة إن أردت أن تحصد فائدةً أفضل».
يساعد التّفاح على مقاومة أعراض الربو والزهايمر، ويلعب دورًا في السيطرة على الوزن المثالي، ويعزز من صحة العظام وأداء الجهاز التنفسي والهضمي.
الفوائد الصحية
تشير فلورز إلى فائدة التّفاح موضحةً غناه بفيتامين سي والألياف، خاصةً في القشرة الخارجية، ويحتوي التّفاح على ألياف غير قابلة للذوبان -لا تمتص الماء- وحسب “Medline Plus” تُسرع هذه الألياف حركة الطعام في الجهاز الهضمي، نظرًا لكونها تزود كتلةً في مجرى الأمعاء.
بالإضافة إلى احتواء التفاح على الألياف غير القابلة للذوبان، والمساعدة في عملية الهضم، فهو أيضًا يحتوي على ألياف قابلة للذوبان كالبكتين -وهي مادة موجودة في الفواكة-، ما يساهم في منع تجمع الكوليسترول على جدران الأوعية الدموية؛ ما يقي بدوره من تصلب الشرايين والإصابة بأمراض القلب.
وجدت دراسة أجراها الباحث بهرام أرجماندي، بروفيسور ورئيس قسم التغذية في جامعة ولاية فلوريدا، عام 2011 أن النساء اللاتي تناولن ما يقارب 75 جرام (أي ما يعادل 206 أونصة، أو ثلث كوب تقريبًا) من التفاح المجفف يوميًا لمدة ستة أشهر ، انخفضت لديهن نسبة الكوليسترول الضار (LDL cholesterol) بنسبة 23٪، وارتفع معدل الكوليسترول الجيد (HDL cholesterol) بنسبة 4٪.
توضح فلورز قائلةً: «يعمل متعدد الفينول ومضادات الأكسدة على تقليل نسبة الأكسدة في بطانة الخلايا، ما يقلل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين».
أضاف مقال نُشر عام 2017 في مجلة “Trends in Food Science & Technology” أن التفاح قادر على خفض ضغط الدم عند المصابين والمعرضين للإصابة بارتفاع الضغط، وبالتالي فإنه يخفف مخاطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
وتشير دراسة أجريت على أكثر من 38,000 امرأة إلى أن بعض أنواع متعدد الفينول والألياف تخفف من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، والذي قد يؤدي إلى الإصابة بأمراض القلب والشرايين.
تقول فلورز لموقع لايف ساينس: «قد يعود تناول التفاح بنفع على الجهاز التنفسي أيضًا، نظرًا لأن مضادات الأكسدة الموجودة في التفاح تخفف من مخاطر الإصابة بالربو».
تشير دراسة نشرت عام 2017 في مجلة نيوترشينز إلى أنه من المحتمل أن تقلل مضادات الأكسدة في عدة أنواع من الفاكهة والخضراوات -بما فيهم التفاح- من مخاطر الإصابة بمرض الربو، عن طريق مساهمته في السيطرة على تحرير (الجذور الحرة – free radicals) من الخلايا المصابة بالالتهاب في المجاري التنفسية وفي الدم الغني بالأكسجين القادم من القلب.
المخاطر الصحية
تقول فلورز: «لا يترتب على الإفراط بتناول التفاح كثير من الأذى، ولكنه قد يساعد في كسب الوزن كغيره من الأطعمة». علاوةً على ذلك، يُعتبر التفاح حمضيًا، وبذلك يمكن لعصيره أن يضر طبقة المينا في الأسنان.
تشير دراسة نُشرَت عام 2011 في أحد مجلات الأسنان إلى أن تناول التفاح قد يضر بالأسنان أكثر بأربعة أضعاف من المشروبات الغازية. على الرغم من ذلك، يقول الباحث المسؤول ديفيد بارليه، رئيس مبحث البدليات السنية في مؤسسة الأسنان القابعة في كلية الكينغ في لندن: « لا يعتمد الأمر على ما نأكله، بل على طريقة تناولنا له، فيتناوله بعض الأشخاص ببطء، ما قد يجعله سببًا لتدمير مينا الأسنان».
وأضاف ديفيد: «يُعد تناول الأطعمة الحمضية بين الوجبات من أكثر الأشياء ضررًا، لذلك يُنصح بتناولها مع الوجبات الأساسية، إذ يُعتَبر هذا أكثر أمانًا». وأضاف في خطاب له أمام طلاب كلية كينغ: «يُعد تناول تفاحة في اليوم جيدًا، ولكن الإفراط في تناوله على مدى اليوم قد يؤذي الأسنان». يوصي أطباء الأسنان بتقطيع التفاح ومضغه على القواطع الخلفية، وينصحون أيضًا بغسل الأسنان بالماء للتخلص من المادة الحمضية والسكر.
التفاح ومبيدات الحشرات
تقول فلورز: «تحتوي معظم فاكهة التفاح بداخلها على مبيد حشري إلا إذا كانت أغذيةً عضويةً معتمدةً بشهادة». خَلَصت جمعية العمل البيئي، وهي جمعية غير ربحية تختص بالبيئة وصحة الإنسان، عام 2018 إلى احتواء 98% من التّفاح المعتاد على مبيد حشري في القشرة، ولكن الجمعية أضافت: «إن الفوائد الصحية لحمية غنية بالفواكه والخضراوات تفوق خطر المبيدات الحشرية».
تقول فلورز: «يساعد غسل التفاح وفركه جيدًا في التخفيف من المبيدات الحشرية الموجودة». وأضافت أيضًا أنه يمكنك غسله بيديك أو باستخدام أداة خاصة بغسل الفاكهة، ولكن لا يوصى باستخدام المنظفات الكيميائية ومواد التعقيم الأخرى لغسل الفواكة إذ أن إدارة الغذاء والدواء لم تقيم أثر هذه المواد ومدى أمانها.
يدعو بعض الباحثين إلى عدم القلق حيال المبيدات الحشرية الموجودة في الفاكهة، إذ تقول د.ديان هيسون، باحثة في مجال التغذية والحميات في جامعة كاليفورنيا في دافيس، أن الفحوصات المخبرية أظهرت احتواء قشر التفاح على نسبة قليلة جدًا من المبيدات الحشرية بداخلها.
هل تعد بذور التفاح سامة؟
يُطلَق غليها كذلك اسم النوى. تحتوي بذور التفاح على مادة كيميائية تُسمى أميغدالين، والتي تُفرز السيانيد، وهي مادة سامة قوية المفعول عند تفاعلها مع الأنزيمات الهاضمة.
تمر البذور الكاملة خلال الجهاز الهضمي بسلام دون أن تمسَكَ بسوء، ولكن إذا مضغتها فقد تعرضك للتسمم. ويجدر بالذكر أن بذرةً أو اثنتين لا تؤثران؛ إذ يمتلك الجسم قدرةً على تحمل كميات قليلة من السيانيد، ولكن إذا ابتلعت -أنت أو أي طفل- كميةً كبيرةً من بذور التفاح، فأسرع إلى الطوارئ لاتخاذ الإجراء الطبي المناسب.
متى تُعد الكمية مؤذيةً؟
وفقًا لجون فري، مستشار في علم الأطعمة، فإن نحو 1 ميليجرام/كيلوجرام من كتلة جسم الإنسان سيقتل إنسانًا بالغًا. تحتوي بذور التفاح على 700 ميليجرام (ما يقارب 0.02 أونصة) من السيانيد لكل كيلوجرام.
تكفي كمية 100 جرام (ما يعادل 3.5 أونصة) من بذور التفاح لقتل إنسان يبلغ وزنه 70 كيلوجرامًا. ومن ناحية أخرى تزن بذرة التّفاح الواحدة 0.7 جرامات (0.02 أونصة) أي يجدر مضغ 143 بذرةً للحصول على الكم القاتل من الساينيد. تحتوي التفاحة على ثمانية بذور؛ لذلك يلزم مضغ بذور 18 تفاحةً في جلسة واحدة لتصبح قاتلةً.
تاريخ التفاح وحقائق حوله
اكتُشِف شجر التفاح في منطقة الجبال في كازخستان الحديثة، يصل طوله إلى 60 قدمًا، وينتج ثمارًا بأحجام مختلفة، يتراوح شكلها بين الكروي الصافي والرخامي، بألوان الأحمر والأخضر والأصفر والأرجواني، حسب جامعة كورنيل.
بدأ استهلاك التّفاح منذ 6500 قبل الميلاد، وفقًا لجامعة “Illinois Extension Service”. وساعدت القوافل التجارية بانتشار التفاح، إذ كان التجار يقطفون ثمار التّفاح أثناء مرورهم ويذرون البذور في طريقهم.
تتهجن فاكهة التفاح بشكلٍ طبيعي مع بذور أخرى، منتجةً أنواعًا عديدةً ومختلفةً من أشجار التّفاح في أوروبا وآسيا، وقد انتقلت هذه البذور بشكلٍ تدريجي إلى عدة قارات وبلدان بما فيهم شمال أمريكا ونيوزلاندا.
زرع المستوطنين الأوروبيين في مستعمرة خليج ماساتشوستس أول شجرة تفاح في أميركا، ويُعد نوع الـ(نيوتون بيبين – Newton Pippin) أول نوع صُدِر من المستعمرات عندما أُرسِل إلى بنجامين فرانكلين في لندن. يُصدَّر اليوم حوالي 25٪ من التفاح المزروع في أميركا حول العالم.
مزيد من الحقائق الممتعة عن التفاح وفقًا لجامعة “Illinois Extension service”
* يوجد 7500 نوع مختلف من التفاح في العالم، منها 2500 نوع في الولايات المتحدة.
* تحقق الصين، والولايات المتحدة، وتركيا، وبولندا، وإيطاليا الدرجة الأولى في إنتاج التفاح حول العالم.
* يُزرع التفاح في الخمسين ولاية، وفي عام 2010 نشر قسم الزراعة في الولايات المتحدة بأن 60٪ من التّفاح المنتج في الولايات المتحدة يُزرَع في واشنطن، و13٪ في نيويورك، و6٪ في ميشيغين، و5٪ في بنسلفانيا، و3% في كاليفورنيا، و2٪ في فرجينيا.
*افتُتِح أول مشتل للتفاح عام 1730 في حي فلاشينغ في نيويورك.
* يُطلق على علم التفاح اسم (بومولوجي – pomology) (علم التفاحيات).
* يُعد التفاح من عائلة الأزهار، الورديات.
اقرأ أيضًا:
- هل يساعد خل التفاح على التخلص من ارتجاع الأحماض وحرقة المعدة ؟
- هل يمكن أن يساعد خلّ التفاح في علاج التهاب المفاصل والتخفيف من الإمساك والإكزيما؟
- مركبٌ موجودٌ في التفاح يمكن أن يبطئ الشيخوخة
ترجمة: سارة دعباس
تدقيق: تسنيم الطيبي