الكواكب الشبيهة بالأرض أو (كواكب صالحة للحياة) – كم يبلغ عددها وكيف نصل إليها ؟ إن محاولات العلماء لاكتشاف الحياة في الكواكب الأخرى تشهد تحسنًا ملحوظًا، إذ اقترب العلماء للغاية من تأكيد وجود الحياة في كواكب أخرى من الكون. إلى الآن اكتشفت التليسكوبات الأرضية والمدارية أكثر من 3500 كوكبًا في النطاق الصالح للحياة في مدارات حول نجوم أخرى غير الشمس. وهذا الرقم متوقع منه أن يزداد في المستقبل. وبالفعل اكتشف العلماء كواكب خارج نظامنا الشمسي ذات كتلة وحجم مشابهين ل كوكب الأرض ، ما أثار جدلًا في الأوساط العلمية حول احتمالية وجود حياة في هذه الكواكب.

تصور فنان عن كوكب افتراضي مغطى بالماء يدور حول النظام النجمي الثنائي (كيبلر 35أب -Kepler-35AB ).
حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech

اقترحت البيانات التي حصلنا عليها من مرصد كيبلر الفضائي وجود أكثر من 2 مليار كوكب تقريبًا في مجرتنا من المحتمل أن تكون كواكب صالحة للحياة . تم التوصل لهذا الرقم الهائل من خلال عملية استقراء بياني للنجوم التي تم اختيارها ودراستها وهي النجوم الشبيهة بشمسنا، إذ وجدوا أن 22% من هذه النجوم لديها كواكب شبيهة بالأرض.

ولكي يكون من الكواكب الشبيهة بالأرض يجب أن يكون حجمه مناسب الصغر ليكون كوكبًا صخريًا وليس كالكواكب الغازية العملاقة مثل زحل والمشتري، كما يجب أن يدور الكوكب أيضًا حول نجمه في النطاق الصالح للحياة وهو النطاق الذي يبعد عن النجم المسافة الكافية للماء ليبقى على حالته السائلة ولتبقى الحرارة معتدلة على سطح الكوكب. يعتمد هذا النطاق على شدة استضاءة النجم، فالنجوم الساخنة يكون نطاقها الصالح للحياة أبعد وأكبر.

ويظن العلماء أن النجوم الصغيرة الأبرد مثل الأقزام الحمراء قد تحوي نطاقًا صالحًا للحياة، ولكن ستكون الكواكب على مسافة قريبة جدًا منها ما ستؤدي إلى حدوث ظاهرة التقييد المدي والتي ستبقي الكوكب مواجهًا للنجم بنصف واحد في نهار دائم بينما يظل النصف الآخر باردًا مظلمًا (كما هو الحال مع القمر والأرض حيث تتساوى سرعة دوران القمر حول الأرض مع سرعته حول محوره فيما يعرف بالتقييد المدي).

إن المعيار الأساسي لمدى صلاحية الحياة على الكوكب هو بقاء الماء في حالته السائلة، فجميع أشكال الحياة على الأرض معتمدة على المياه وخواصها الفريدة المناسبة للتفاعلات الحيوية. ولكن يظن العلماء أنها ليست المركب الوحيد الذي يدعم نشأة الحياة. ويمكن اكتشاف وجود المياه في الكواكب البعيدة باستخدام المطياف كما هو الحال في الاكتشاف المعلن مؤخرًا عن وجود مياه حول أحد الأقزام البيضاء على مسافة 160 سنة ضوئية من الأرض. ولزيادة نسبة وجود الكواكب الشبيهة بالأرض حول تلك النجوم الشبيهة بالشمس ترتفع احتمالية اكتشافنا للحياة عبر مجرتنا.

قالت (إليزابيث تاسكر- Elizabeth Tasker) الأستاذة بقسم علوم النظام الشمسي بمعهد علوم الفضاء التابع للوكالة اليابانية لاستكشاف الفضاء: «ألهمت الاكتشافات الخاصة بالكواكب الخارجية العديد من المقالات الصحفية، إذ انتشرت العديد من العناوين مثل “توأم الأرض” أو “أقرب كواكب صالحة للحياة”، ولكن في الواقع نحن ما زلنا غير قادرين على التحقق من مدى قابلية تلك الكواكب لاحتواء ونشأة الحياة».

وأضافت تاسكر في ورشة العمل (العوالم الصالحة للحياة 2017): «نحن نحتاج إلى تغيير طريقة تناولنا لهذه المواضيع، فنحن ما زلنا لا نعلم الكثير عن تفاصيلها». وأضافت تاسكر أنه يجب علينا في المستقبل أن نستكشف العوامل الأخرى للحياة مثل الظروف الجوية للكواكب المكتشفة، لذلك اقترحت تغيير وسائل ومعايير الكشف عن الكواكب وأيضًا طريقة تناولنا لها إعلاميًا.

وخلال هذه الورشة أظهرت تاسكر لافتة بعنوان (انتبه لكلامك!) مكتوب عليها (نحن بحاجة إلى تغيير طريقة تناولنا للمقاييس الخاصة بالكواكب الخارجية، ولكي لا نضيّع فرصنا في العثور على كواكب صالحة للحياة يجب أولًا أن نكف عن التظاهر بأننا نعلم كل شيء). قالت تاسكر: «يتحمس الناس بمجرد سماعهم (كوكب بحجم الأرض) و (يقع الكوكب في النطاق الصالح للحياة)، ثم يظنون بعدها أن هذا الكوكب بالتأكيد يحوي حياة على سطحه، وهذا بالتأكيد اعتقاد خاطئ».

كل ما يعنيه هذا أنه لدينا كوكب بحجم الأرض يصله كم مشابه من الإشعاع، ولكن هل هذا الكوكب يتمتع بمجال مغناطيسي؟ هل يحتوي على نفس النوع من الصخور الضرورية لدورة الكربون والسيليكات؟ هل يحتوي أصلًا على مياه؟ كل هذه الأسئلة لا نستطيع أن نعلم إجاباتها في الوقت الحالي.

الكواكب الشبيهة بالأرض كواكب صالحة للحياة النطاق الصالح للحياة

الكواكب الشبيهة بالأرض

أضافت تاسكر: «مصطلح “الكواكب الشبيهة بالأرض بالأرض” يخلق صورًا عديدة في أذهان الناس لمناظر طبيعية من مدن معروفة وبحيرات لامعة بل وربما يبدأ البعض في تخيل بعض المقاهي الشهيرة هناك، يجب أن ننبه الناس أن هذا المصطلح لا يعني أنه كوكب مطابق للأرض أو أنه كوكب صالح للحياة أصلًا، وأظن أنه سيكون من السهل للغاية أن نوضح هذه الحقيقة للجمهور».

وتكمن القضية الرئيسية في هذا الموضوع أن علوم اكتشاف الكواكب الخارجية تحتاج إلى مجالات بحثية مختلفة. قالت تاسكر: «إنها متعلقة بتخصصات مختلفة، ولكل تخصص مصطلحاته الخاصة فنحن لن نستخدم نفس المصطلحات مع بعضنا بعضًا. فإحضار علماء الجيولوجيا وعلماء الفيزياء الفلكية وعلماء الكواكب في نفس الغرفة لمناقشة أمر الكواكب الخارجية الصالحة للحياة لن يكون بالأمر السهل، ولهذا يجب أن نكون على وفاق جميعًا وأن نتحلى بالحرص على الأصعدة كافة. وأظن أن أفضل اسم للمرحلة المقبلة سيكون “الوضوح”».

اقرأ أيضًا:

ترجمة: محمد شريف
تدقيق: رزوق النجار

مصدر 1

مصدر 2