بسرعة تصل إلى 3,2 ماخ (وحدة تقيس سرعة شيء ما بالنسبة ل سرعة الصوت )، تُعد طائرة SR-71 Blackbird المُصمّمة من قبل شركة Lockheed Martin، أسرع طائرة في العالم . ولكن على الرغم من أنّ أداءها لم يُضاهى حتى الآن، فإنها أُخرجت من الخدمة مع نهاية الحرب الباردة. استُبعدت الطائرة من الخدمة بدايةً في عام 1990 قبل انهيار الاتحاد السوفييتي ، ولكن أُعيد استخدام ثلاثٍ منها من قِبل القوات الجوية الأمريكية لفترة قصيرة بين عامي 1995 و1998. وفي النهاية، أُخرِجت الطائرة من الخدمة في عام 1999 دون بديل حقيقي. ولكن لماذا؟

أدّت مصاريف تشغيل الطائرة المرتفعة إلى تسريحها من الخدمة مبكّرًا، رغم أدائها المذهل الذي لم يسبق له مثيل. إضافةً إلى أنّ القوات الجوية الأمريكية كانت لديها مخاوف من أنّ الطائرة لن تصمد أمام الدفاعات الجوية السوفيتية (ولاحقًا الروسية) كال SA-10 والـ MiG-31 Foxhound.

إذ صرّحت صحيفة لوس أنجلوس تايمز في تقرير لها عام 1989: »إنّ قرار القوات الجوية بإخراج الـ Blackbird من الخدمة في عام 1990 مبنيّ على عدة أسباب. ففي شهادة للكونغرس، حدّد قائد طاقم القوات الجوية Gen. Larry D.Welch الأسباب التالية: تزايد فعالية أقمار التجسس الصناعية التي تؤدّي نفس مهمة الطائرة دون التعرض لخطر الكشف والتدمير، ضعف الطائرة أمام منظومة الدفاع الجوّي السوفيتية SAM-5، والكلفة المرتفعة لصيانة وتشغيل هذه الطائرات. تُعتبر هذه التكلفة العاملَ الرئيسي بالنسبة للقوات الجوية نظرًا إلى أنها تحدّ من مصاريفها في المجالات الأخرى. فقد قدّر أمين سرّ القوات الجوية Edward C. Aldridge أنّ مصروف تشغيل أسطول طائرات الـ SR-71 يكفي لتشغيل وصيانة طائرتين حربيتين استراتيجيتين«.

بحسب التقديرات، فإنّ الـ SR-71 تكلّف 200,000 دولار لكل ساعة طيران إذا حُسبت كل المصاريف. جزءٌ من هذا المصروف العالي يأتي من حقيقة أنّ عدد هذه الطائرات قليل (حوالي 32)، إلى جانب تصميمها المميز الذي يجعل صيانتها مكلّفة جدًا. وقد احتاجت صيانتها أيضًا تدريبًا مخصصًا بسبب استخدامها لوقودٍ خاص (كان يكلّف حوالي 18000 دولار في الساعة في عام 1989).

صُمّم وقود الـ SR-71 الخاص المُسمى JP-7 (والذي كان يجب أن يُخزن في خزانات خاصة تدعى KC-1335Q) ليكون وقودًا آمنًا وفعّالًا غير قابل للتبخر أو الانفجار تحت الضغط العالي أو الحرارة المرتفعة. كانت تطايرية هذا الوقود منخفضة جدًا ما جعله صعب الحرق. فرض ذلك على Lockheed Martin أن تطوّر نظام حرق جديد لمحركات الـ SR-71، ما زاد من تعقيد الطائرة وتكلفة صيانتها.

مع انخفاض ميزانيتها بالتزامن مع نهاية الحرب الباردة، لم تستطع القوات الجوية أن تُبقي على SR-71 في الخدمة، خصوصًا مع ظهور تهديدات جديدة. فافترضت حلول الأقمار الصناعية وتقنيات أخرى محل الطائرة.

إحدى هذه التقنيات كانت درون الاستطلاع الشبحي RQ-3 Darkstar (الذي لا يلتقطه الرادار) من شركة Lockheed Martin، لكن لم تتم صناعته. رغم ذلك، طوّرت القوات الجوية أنظمة أخرى مثل الـ RQ-170 والـ RQ-180.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: مهران يوسف
تدقيق: محمد وائل القسنطيني

المصدر