إن الأضواء الراقصة التي تشكل الشفق القطبي ليست إلا نتيجةً لتصادم بين جسيمات مشحونة كهربائيًا آتية من الشمس تدخل الغلاف الجوي للأرض. يمكن مشاهدة هذه الأضواء فوق القطبين المغناطيسيين الشمالي والجنوبي للأرض. تُعرف هذه الأضواء باسم “أورورا بورياليس” في الشمال و”أورورا اوستراليس” في الجنوب.

تظهر هذه الأضواء في عدة ألوان. اللون الأخضر الفاتح واللون الوردي هما الأكثر شيوعًا. ولكنها تظهر أيضًا باللون الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي. كما أنها تتجلى بالعديد من الأشكال فهي تبدو تارةً كسحب متفرقة من الضوء وطورًا تأخذ شكل لافتات وأقواس وأطوارًا أخرى تظهر على شكل ستائر متموجة وفي بعض الأحيان تُضيء السماء بتوهج غريب كأنها خلفية صورة.

الشفق القطبي جسيمات مشحونة القطبين المغناطيسيين الغلاف الجوي

الشفق القطبي

ما الذي يسبب ظاهرة الشفق القطبي؟

أضواء الشفق القطبي هي في الواقع نتيجة تصادمات بين الجسيمات الغازية (جسيمات الأوكسيجين والنيتروجين) التي تشكل الغلاف الجوي للأرض مع الجسيمات المشحونة (بروتونات وإلكترونيات) التي تنطلق من الغلاف الجوي للشمس.

الاختلافات في اللون هي بسبب نوع جسيمات الغاز التي تصطدم بها الجسيمات المشحونة. يتم إنتاج اللون الأكثر شيوعًا: الأخضر المصفر الشاحب عبر جزيئات الأكسجين التي تقع على بعد 60 ميلًا فوق الأرض. بينما يتم إنتاج الشفق الناري الأحمر بالكامل بواسطة الأكسجين على ارتفاعات شاهقة، حوالي 200 ميل. أما جزيئات النيتروجين فتُصدر أضواء الشفق الزرقاء أو الحمراء الأرجوانية.

افتراض ارتباط الشفق القطبي بالنشاط الشمسي موجود منذ حوالي عام 1880. أما الآن فنحن نعلم تمامًا أن الجسيمات المشحونة التي تسبب الشفق القطبي ليست إلا الإلكترونات والبروتونات التي تأتي من الشمس مع “الرياح الشمسية”. وذلك بفضل الأبحاث التي أُجريَت في خمسينيات القرن الماضي، (ملاحظة: كانت سنة 1957-1958 سنةً جيوفيزيائية دولية عندما تمت دراسة الغلاف الجوي بشكل مكثف. إذ تم استخدام البالونات والرادارات والصواريخ والأقمار صناعية لهذه الغاية. ولا تزال الدراسة جاريةً بواسطة علماء في بوكر فلاتس، وهو مرفق تحت إشراف جامعة ألاسكا في فيربانكس.

مراحل الشفق القطبي

  • أولًا: تتحرر هذه البروتونات والإلكترونات نتيجة الاصطدامات بين جزيئات الغاز الشمسي، إذ تسمح درجة حرارة سطح الشمس، والتي تصل إلى ملايين الدرجات المئوية باصطدامات متكررة ومتفجرة ذات طاقات عالية.
  • ثانيًا: يُساعد دوران الشمس هذه الإلكترونات والبروتونات التي تحررت على الإفلات من جاذبية الشمس، كما تساعدهم الطاقة التي اكتسبوها جراء الاصطدام على ذلك.
  • ثالثًا: تصل هذه الجسيمات المشحونة الى الأرض عن طريق الرياح الشمسية.
  • رابعًا: يعمل المجال المغناطيسي للأرض -والذي يكون أضعف مما هو عليه عند القطبين- على حرف هذه الجسيمات وتشتيتها. ولكن بعضها يدخل الغلاف الجوي للأرض ويصطدم بجزيئات الغلاف الجوي. هذه التصادمات تبعث الضوء الذي نسميه الشفق القطبي في الشمال والجنوب.

أين هو أفضل مكان لمشاهدة الشفق القطبي؟

يمكن رؤية الشفق القطبي الشمالي في نصف الكرة الشمالي أو الجنوبي، في منطقة تأخذ شكلًا بيضاويًا غير منتظم حول كل قطب مغناطيسي. تُعرَف الأضواء باسم “أورورا بورياليس” في الشمال و “أورورا أويستراليس” في الجنوب. لقد تبين للعلماء أن الشفقين القطبيين الشمالي والجنوبي في معظم الحالات هما متشابهان للغاية كأن أحدهما صورة الآخر في المرآة فهما يتكرران في نفس الوقت بأشكال وألوان متشابهة.

ولأن الظواهر تحدث بالقرب من القطبين المغناطيسيين، فإن أفضل الأماكن لمشاهدة الأضواء (في أمريكا الشمالية) تقع في الأجزاء الشمالية الغربية من كندا، ولا سيما في يوكون ونونافوت (Nunavut) والأراضي الشمالية الغربية الكندية وألاسكا. كما يمكن مشاهدتها فوق الطرف الجنوبي من غرينلاند وأيسلندا والساحل الشمالي للنرويج وعلى الشاطئ الشمالي لسيبيريا. أما الشفق الجنوبي فلا يتم رصده في كثير من الأحيان لأنه يتركز في مناطق غير مأهولة: أنتاركتيكا وجنوب المحيط الهندي.

المناطق التي لا تخضع “للتلوث الضوئي” هي أفضل الأماكن لمشاهدة الأضواء. المجمعات السكنية الصغيرة في الشمال هي الأفضل. تمتد أضواء الشفق القطبي عمومًا من ارتفاع 80 كيلومترًا (50 ميلًا) إلى ارتفاع 640 كيلومترًا (400 ميل) فوق سطح الأرض.

متى يكون أفضل وقت لمشاهدة الشفق القطبي؟

اكتشف الباحثون أيضًا أن ظاهرة الشفق القطبي دورية، وتصل إلى ذروتها تقريبًا كل 11 عامًا. عادةً ما يكون فصل الشتاء في الشمال موسمًا جيدًا لمشاهدة الأضواء. فساعات الليل الطويل والسماء الصافية توفران العديد من الفرص الجيدة لمشاهدة الشفق. عادةً ما يكون أفضل وقت هو منتصف الليل المحلي عندما تكون السماء صافيةً.

أساطير الشفق القطبي

أورورا بورياليس وهو الاسم الذي يُطلَق على أضواء نصف الكرة الشمالي، يعني: “فجر الشمال”. أما اسم الشفق القطبي الجنوبي: أورورا أويستراليس فهو يعني: “فجر الجنوب”. في الأساطير الرومانية، كانت أورورا هي آلهة الفجر.

في العصور الوسطى، كان يُنظَر إلى ظهور الشفق على أنه فأل حرب أو مجاعة. أما شعب الماوري النيوزيلندي فكان يُشاطر العديد من سكان شمال أوروبا وأمريكا الشمالية اعتقادهم بأن هذه الأضواء هي انعكاسات لمشاعل كبيرة أو لحرائق غابات.

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: أسامة أبو ابراهيم
تدقيق: رزوق النجار