التغير المناخي سيغيّر قريبًا لون محيطاتنا، والجواب لدى الفيتوبلانكتون – بحلول نهاية القرن الحالي وربما قبل ذلك، ستبدو محيطات العالم أكثر زرقةً وخُضرةً من أي وقت مضى وذلك بسبب المناخ الحار، وهو ما قدّم العلماء تقريرًا حوله لموقع Monday. وأثناء تحوّل اللون بشكل كامل، والذي لن يكون مرئيًّا بالعين المجرّدة للبشر؛ فإنّه سيكون بمثابة تلميح للتغيرات العميقة والكبيرة المُخبّأة لصفوف واسعة من أشكال الحياة البحرية.

في قلب هذه الظاهرة توجد كائنات حية بحرية مجهرية تسمى الفيتوبلانكتون، والتي تعد أساسية للشبكات الغذائية في المحيطات وإعادة تدوير الكربون في الهواء وحسّاسة لدرجة الحرارة في مياه المحيطات. بفضل الطريقة التي ينعكس فيها الضوء عن سطح الأحياء الدقيقة، تشكّل براعم الفيتوبلانكتون أشكالًا ملونةً على سطح المحيط.

التغير المناخي سيدعم براعم الفيتوبلانكتون في بعض المناطق بينما يقلّلها في بُقع أخرى، ما سيقود إلى تغيرات متقنة بمظهر المحيطات.
يتغير لون المحيط من الأخضر للأزرق بالاعتماد على نوع وكثافة الفيتوبلانكتون أو الطحلب في أي منطقة محددة. محيط بلون أزرق داكن يعني وجود كمية قليلة من الفيتوبلانكتون.

بقدر وجود الفيتوبلانكتون سيظهر اللون الأخضر في الماء. بحسب ناسا، عندما تسقط أشعة الشمس على الماء؛ فإن القليل من الضوء سينعكس مجدّدًا بشكل مباشر، لكن معظم ذلك الضوء يخترق الماء ويتفاعل مع جزيئات الماء التي يصادفها. بمراقبة ألوان المحيطات عن كثب، يستطيع العلماء فهم الفيتوبلانكتون بشكل أفضل وكيفية تفاعله مع العالم المحيط.

اللون سيكون واحدًا من المؤشرات الباكرة، هذا ما قالته Stephanie Dutkiewicz وهي عالمة أبحاث أساسية في مركز MIT لعلوم التغير المناخي وكاتبة مساعدة في الدراسة التي يقوم بها Monday في الاتصالات الطبيعة. سنكون قادرين على رؤية التغير في المحيط ولكن ليس بالعين المجرّدة بل بالأجهزة.

يعيش الفيتوبلانكتون على سطح المحيط، فيستخدم ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون للقيام بالتركيب الضوئي. يسحب الفيتوبلانكتون ثاني أكسيد الكربون إلى المحيط ويطرح غاز الأكسجين. عندما تموت هذه الأحياء الدقيقة، تقوم بدفن الكربون في أعماق المحيطات وهي عملية حيوية لتنظيم المناخ في الكون.

لكن يمكن للفيتوبلانكتون أن يكون سريع التأثر بارتفاع درجة حرارة المناخ. بحسب ناسا، يغير ارتفاع درجات الحرارة الخصائص الأساسية للمحيط وقد يؤثر على نمو الفيتوبلانكتون، بما أنه لا يحتاج إلى ضوء الشمس وثاني أكسيد الكربون فحسب بل للمواد الغذائية أيضًا. وتشرح الوكالة قائلةً: من المتوقّع أن تنخفض الإنتاجية لأنه عندما يسخن سطح الماء فإن الطبقات في الماء تزداد تراصُفًا بشكل عمودي؛ يوجد امتزاج عمودي أقل لإعادة تدوير المواد المغذية من المياه العميقة عودةً إلى السطح.

قالت Dutkiewicz أن نماذج علمية متنوعة تقترح انخفاض كمية الفيتوبلانكتون في المحيطات بمرور الوقت. ولكنّها قالت بأن عقودًا عديدةً قد تمر قبل أن يتمكّن العلماء من توثيق الدور الذي يلعبه تغيُّر المناخ بدقّة في عملية التحول تلك. وأضافت أنّه في هذه المرحلة، الانتباه عن كثب لتغيُّر لون المحيطات بإمكانه أن يقدم الأفكار الأولية حول التغيّرات القادمة.

بنَت Dutkiewicz وفريقها نموذجًا مناخيًّا غيّرته المشاريع للمحيطات بما يتضمّن خصائصها البصرية خلال القرن. وبالنسبة لعالم تزداد فيه درجة الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية ( 5.4 درجات فهرنهايت)، فإن العديد من التغيّرات في الألوان قد تحدث.

المشاريع النموذجية للمحيطات التي تظهر بلون أزرق في المناطق قليلة الفيتوبلانكتون، ستبدو مع الوقت أكثر زرقةً. لكن في بعض المناطق المائية كتلك الموجودة في القطب الشمالي، ارتفاع درجات الحرارة سيُعرّض الفيتوبلانكتون لظروف مواتية وستبدو المياه في تلك المناطق أكثر اخضرارًا.

لقد ارتفعت درجة حرارة الأرض لأكثر من درجة مئوية (1.8 درجات فهرنهايت) منذ القرن التاسع عشر، وعلى هذا النحو يتوقّع العلماء أن ارتفاع حرارة المناخ سيزداد بوتيرة أسرع إذا لم تتخذ الدول خطوات جادّة لتقليل انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون. لجنة من العلماء المدعومين من الأمم المتحدة قالت العام الماضي أن الأمر يتطلب تدخّلًا لم يسبق له مثيل خلال العقد القادم للحد من الاحتباس الحراري ودرء أكثر العواقب الكارثيّة للتغيّر المناخي.

لسنوات، أنفقت الحكومة على الأقمار الصناعية لمراقبة نوع الضوء أو الإشعاع الذي ينبعث من سطح الأرض. قالت Dutkiewicz أن هذه المعدّات ستزوّد العلماء بمؤشّرات مبكرة لكيفية تهديد التغير المناخي للمحيطات ولونها. قالت: «ستكون هذه الأقمار الصناعية بمثابة حرّاس وستتنوّع بشكل كبير. لن تخبرنا فحسب بأن كمية الفيتوبلانكتون تتناقص في المحيطات، بل ستخبرنا أيضًا أن نوع الفيتوبلانكتون نفسه سيتغير في المحيطات».

ولماذا يعتبر ذلك مهمًّا؟ قالت Dutkiewicz: «يعد الفيتوبلانكتون أساس الشبكة الغذائية وهو يتغيّر بشكل كبير. إذا تلاشت أنواع معيّنة من الفيتوبلانكتون فإن ذلك سيؤدي إلى تغيُّر نوع الأسماك التي يمكنها البقاء حية؛ ما سيؤثّر على السلسلة الغذائية». التغيّر في تركيب المجتمع الموجود في قاعدة الشبكة الغذائية البحرية سيكون أقوى مؤشر على تغيّرات أكبر ستطرأ على أنظمة بيئية أخرى، الأمر الذي قد يؤثّر على الثروات السمكية وإعادة تدوير الكربون. هذا ما قالته Sonya Dyhrman وهي خبيرة في الفيتوبلانكتون في قسم Lamont-Doherty Earth Observatory في جامعة كولومبيا، وهي لم تكن مشارِكةً في البحث الذي أطلقه Monday.

أضافت: «هذا الاستنتاج يعزّز أهمية المراقبة طويلة الأمد لتركيب مجتمع الفيتوبلانكتون». مهما كانت التغيرات التي تواجهها ألوان المحيطات، فإنها ستكون تدريجيّةً وغير ملحوظة بالنسبة للناس. ولكن في الأوساط العلمية؛ ستكون تلك التغيّرات مهمةً وذات دلالة.

قالت Dutkiewicz: «هذه التغيرات تحدث بسبب التغيّر المناخي. سيتطلّب الأمر وقتًا لإظهار ذلك بالإحصائيات. ولكن التغير بلون المحيطات سيكون من المؤشرات المبكرة التي تدل على أنّنا بالفعل قد غيّرنا كوكبنا».

المصدر

إقرأ أيضًا: تنخفض نسبة الاوكسجين في مياه المحيطات بسببنا نحن!

تدقيق أحلام مرشد