نظرية الوراثة الصبغية (الكروموسومية) تتواجد الكروموسومات على هيئة أزواج، وعلى هذه الأزواج تقع الجينات الوراثية (والأليلات- alleles) الخاصة بها . وعندما تنقسم الخلية إلى النصف، يذهب كل كروموسوم إلى خليةٍ مختلفة ، ويحدث هذا أثناء الانقسام الاختزالي (الميوزي) عند تشكل خلايا البويضات والحيوانات المنوية . كذلك تنقسم الجينات إلى نصفين ، فيما يُعرف باسم الأليلات . تحتوي نواتج الانقسام الاختزالي على (صبغي متماثل- homologous chromosome) واحد وليس كليهما .

باحثون يعيدون صياغة تقنية (CRISPR-Cas9) لتحرير الجينات

ويُعد الانقسام الاختزالي سلسلةً من الانقسامات الخلوية التي تنتج خلايا أحادية الصيغة الصبغية تحتوي على نصف العدد الكلي للكروموسومات. وعندما تلتقي البويضة والحيوان المنوي، تُستردّ الأزواج مرةً أخرى، لكن هذه المرة بتركيب جيني مختلف. إذ يأتي أليل من الأم، والآخر من الأب، وهذه الطريقة توضح كيف تنتقل الجينات المعيبة المسببة للأمراض الوراثية إلى النسل الجديد.

الارتباط الجيني على الكروموسومات

وفقًا لمبادئ الوراثة المندلية، فإن الجينات يجب أن تورث بشكل مستقل عن بعضها، ومع ذلك فإن عدد الجينات أكثر بكثير من أزواج الكروموسومات. لذلك وُجد أن كل الجينات الموجودة على كروموسوم واحد تورث جسديًا كمجموعةٍ واحدة مترابطة، فقط الجينات الواقعة على كروموسومات مختلفة هي التي تستقل عن بعضها أثناء الانقسام الاختزالي.

اكتشاف الجينات المسؤولة عن شيخوخة الدماغ

العبور الوراثي وإعادة التركيب الجيني

طبقًا للنظرية الصبغية، فإن الاحتمالات الوراثية ستكون كالآتي: 25% سيشبه أحد الوالدين، 25% سيشبه الوالد الآخر، 25% سيحصل على إحدى السمات من والد والسمة الأخرى من الوالد الآخر، 25% سيحصل على السمات الأخرى من كل والد. وبما أن كل الكروموسومات ثنائية الصبغة (تتواجد على هيئة أزواج) فإن الجينات الموجودة على كروموسومات مختلفة سوف تستقل عن بعضها أثناء التكاثر الجنسي، وتحدث إعادة تركيب جيني لتكوين مجموعة جديدة من الجينات، لذلك فالجينات الموجودة على نفس الكروموسوم لن تتجمع سويًا مرة أخرى أبدًا.

DNA molecule spiral structure with unique connection on abstract dark background. Genetics, GMO and biotechnology concept. 3D illustration

ومع ذلك، تخضع الجينات للتبادل، يحدث هذا أثناء عملية (العبور- crossover) التي تحدث أثناء الانقسام الاختزالي، إذ تتبادل الكروموسومات مساحات من الحمض النووي، ما يسمح بخلط الأليلات بين الكروموسومات. تعتمد احتمالية حدوث عبور بين نقطتين على الكروموسوم على المسافة الواقعة بين النقطتين، فإذا كانت المسافة بينهما طويلة، فإن احتمالية حدوث العبور أعلى. أما الجينات القريبة من بعضها، فإن احتمالية حدوث العبور منخفضة، وبدلًا من ذلك تحدث عملية الارتباط الجيني، التي تعني أن الأليلات الخاصة بالجينين ستورث معًا، وتجمع كميات الارتباط بين سلسلة من الجينات لتشكل خريطة صبغية خطية.

الوراثة الجسمية المتنحية

تحتوي معظم الجينات على نسخة ثانية للعمل، إحدى هذه النسخ قد لا تعمل بشكلٍ فعالٍ مطلقًا، وعندما تُورث هذه النسخة تُعرف باسم الصفات المتنحية. لا تظهر الصفات المتنحية إلا إذا ورث الشخص نسختين مختلفتين من نفس الجين من الوالدين معًا. على سبيل المثال، تعتبر الثلاسيميا (فقر دم حوض البحر المتوسط) والتليف الكيسي من الأمراض الوراثية المتنحية. تظهر هذه الأمراض إذا كان كُلٌّ من الوالدين يحمل جين المرض، وتكون نسبة ظهورها في النسل الجديد 25% ، أي أن الطفل من هذا الزواج لديه فرصة بنسبة 75% من عدم تطوير هذا المرض.

عشرة أشياء مذهلة حققها العلماء بتقنية تعديل الجينات كريسبر CRISPR

هناك أيضًا صفاتٌ وراثية متنحية أخرى تُورث بنفس الطريقة، مثل العيون الزرقاء والشعر الأحمر. يُسمى الشخص الذي يحمل نسختين مختلفتين أحدهما ظاهرة أعراضها والأخرى لا، بحامل الصفة المتنحية. وإذا تزوج حاملا صفةٍ ما، فإن نسبة حصول الأبناء على هذه الصفة هي 25% في كل حمل.

الوراثة الجسمية السائدة

أحيانًا يكون الجين الموروث هو جين سائد، بمعنى أن وجود نسخة واحدة فقط من هذا الجين كفيلة بإظهار الصفة الخاصة به. وفي بعض حالات الجينات السائدة، يمكن أن يرث المرء جينًا معَدلًا دون أن تظهر عليه أي علاماتٍ للحالة، وبعبارة أخرى فإن الجين ليس نافذًا بشكلٍ كامل. يُعد كُلٌّ من داء هنتنغتون والورم العصبي الليفي من النمط الأول (NF1) من الأمراض الوراثية السائدة. إذا حمل أحد الوالدين جينًا لصفة سائدة، فإن كل طفل من أطفاله لديه فرصة للحصول على هذا الجين بنسبة 50% أو 1/2 بغض النظر عن جنس الطفل.

الوراثة المرتبطة بالصبغي إكس (X-linked inheritance)

تحدث للجينات الموجودة على الكروموسوم الجنسي X، وليس على أحد الكروموسومات الجسدية. تحمل النساء اثنين من الكروموسوم X، بينما يحمل الرجال كروموسوم X واحد مع كروموسوم Y. إذا كان الجين سائدًا، فإن المرأة التي تحمل نسخة منه إما لا تظهر لديها أي أعراض على الحالة التي يسببها الجين، أو ستكون لديها أعراض بسيطة، وتكون حاملة لتلك الحالة. أما إذا كان رجل، فستظهر عليه الأعراض، لأنه يحمل كروموسوم X واحد فقط.

تعرف على الحمض النووي المظلم أو الجينات المستترة التي قد تغير من نظرتنا للتطور

وطبقًا للأنماط الوراثية، إذا كان للمرأة ولد فإن نسبة ظهور الأعراض لديه تساوي 50%، وإذا كان لديها بنت فهناك احتمال بنسبة 50% أن تحصل البنت على نسخة الجين وتكون حاملة مثل والدتها. أما إذا كان الأب لديه هذا الجين الموروث من والدته، فسوف ينقل هذا الجين إلى جميع بناته بنسبة 100%، وسيصبحنَ جميعًا حاملاتٍ للصفة. ولأن الأبناء الذكور لا يُنقل لهم شيء من الكروموسوم X الخاص بأبيهم، فإن نسبة حصولهم على الصفة المرتبطة بكروموسوم X عند أبيهم تساوي 0%. وتُعد الهيموفيليا والضمور العضلي الدوشيني وعمى الألوان الأحمر والأخضر من الأمراض المرتبطة بالصبغي إكس.

ترجمة: شيماء ممدوح تدقيق: سلام طالب

المصدر