البلورات السائلة – حالة المادة الغريبة – أو البلورة السائلة – بلورة سائلة – بدأت دراسة البلورات السائلة عام 1888 عندما لاحظ عالم النبات النمساوي (فريدريش رينيتزر- Friedrich Reinitzer) أن المادة المعروفة باسم ( بنزوات الكوليستريل -cholesteryl benzoate ) لها نقطتا انصهار مميزتان. رفع رينيتزر في تجاربه درجة حرارة عينة صلبة ورصد تغير البلورات إلى حالة المادة سائلة غامضة مبهمة. مع زيادة درجة الحرارة بشكل أكبر، تغيرت المادة مرةً أخرى إلى سائل شفاف بشكل واضح تمامًا. بسبب هذا العمل المبكر غالبًا ما يُعزى إلى رينيتزر اكتشاف مرحلة جديدة من المادة -مرحلة البلورات السائلة. مواد الكريستال السائل متفردة في خصائصها واستخداماتها. ستلعب البلورات السائلة دورًا مهمًا في التكنولوجيا الحديثة مع استمرار البحث في هذا المجال ومع تطوير التطبيقات الجديدة. إليكم مقدمة لعلوم وتطبيقات هذه المواد.

 

ما هي البلورات السائلة ؟

تحتوي مواد البلورات السائلة عادةً على عددٍ من الخصائص المشتركة مثل (بنية جزيئية تشبه القضبان rod-like molecular structure)، و(محور طويل صلب -rigid ness of the long axis)، و(ثنائيات الأقطاب القوية-strong dipoles) و / أو (مستبدل* سهل للاستقطاب- easily polarizable (substituents.

البلورات البلاستيكية حالة غير كلاسيكية للمادة

*مستبدل substituent: هي ذرة أو مجموعة من الذرات استبدلت ذرة هيدروجين في سلسلة هيدروكربون؛ أي أن المستبدل وأحيانًا يسمى «بقية» يحل محل ذرة الهيدروجين في أحد المركبات الكيميائية العضوية (هيدروكربون). السمة المميزة لحالة البلورات السائلة (الحالة الوسيطة-mesogens) هي ميل الجزيئات عن المحور الرأسي المشترك والذي يطلق عليه (الدليل-director). على النقيض من جزيئات الحالة السائلة، والتي ليس لها ترتيب جوهري، في الحالة الصلبة تكون الجزيئات أكثر ترتيبًا وليس حرّة التحرك. النظام المميز لحالة البلورات السائلة أن تكوّن وسطًا بين الحالة الصلبة والحالة السائلة التقليدية وهذا هو أصل مصطلح الحالة الوسيطة أو mesogenic، المستخدم للتعبير عن حالة البلورات السائلة.

لاحظ متوسط محاذاة الجزيئات لكل مرحلة من مراحل المادة في الشكل التوضيحي التالي:

تحديد ما إذا كانت مادة ما في حالة بلورية فقط أو بلورية سائلة أمر صعب بعض الشيء. تظهر المواد البلورية ترتيبًا دوريًا بعيد المدى في ثلاثة أبعاد.
بحكم التعريف، ليس (للسائل المتماثل-isotropic liqui) أي ترتيب موجه. المواد التي ليست مرتبةً كمادة صلبة، ولكن لديها درجة معينة من المحاذاة يمكن اعتبارها بلورات سائلة. لتحديد معامل الترتيب الموجود في المادة، يعرف (معامل الترتيب -order parameter) (S). عادةً ما يتم افتراض معامل الترتيب كالتالي:
S = (1/2)<3cos2q-1>

إذ Ɵ هي الزاوية بين الدليل والمحور الأطول لكل جزيء. تشير الأقواس إلى متوسط جميع الجزيئات في العينة. في سائل متماثل، يكون متوسط جزء المعادلة التي تحتوي على جيب تمام الزاوية يساوي صفر، وبالتالي فإن معامل الترتيب يساوي صفر.
للحصول على بلورة مثالية، يصبح معامل الترتيب 1. تتراوح القيم المثالية لمعامل الترتيب لمجموعة البلورات السائلة بين 0.3 و 0.9، مع القيمة الدقيقة لدالة درجة الحرارة، كنتيجة لحركة الجزيئات النشطة.

إن ميل جزيئات البلورات السائلة إلى الإشارة إلى الدليل يؤدي إلى حالة تعرف باسم (تباين الخواص-anisotropy). هذا المصطلح يعني أن خواص المادة تعتمد على الاتجاه الذي يقاس منه. على سبيل المثال، من الأسهل قطع قطعة من الخشب بطول الجذع بدلًا من الاتجاه الآخر. الطبيعة متباينة الخواص للبلورات السائلة هي المسؤولة عن الخصائص البصرية الفريدة التي يستغلها العلماء والمهندسون في مجموعة متنوعة من التطبيقات.

خصائص البلورات السائلة:

تصف المعاملات التالية بنية البلورات السائلة:
– الترتيب الموضعي Positional Order
– الترتيب التوجيهي Orientational Order
– رابطة الترتيب التوجيهي Bond Orientational Order

تصف كل هذه المعاملات المدى الذي يتم فيه ترتيب عينات البلورات السائلة. يشير الترتيب الموضعي إلى المدى الذي يظهر فيه جزيء متوسط أو مجموعة من الجزيئات (تعديًا متماثلًا -translational symmetry) (كما يظهر في حالة المادة البلّورية). يمثل الترتيب التوجيهي مقياسًا لميل الجزيئات عن محاذاة الدليل على المدى البعيد. بينما تصف رابطة الترتيب التوجيهي Bond by Orientational خطًا يربط بين مراكز الجزيئات المتجاورة القريبة دون الحاجة إلى مسافات منتظمة على طول هذا الخط، وبالتالي، فإن الترتيب طويل المدى نسبيًا مقارنةً بالخط الرابط بين مراكز الجزيئات ليس إلا ترتيبًا موضعيًا قصير المدى على طول هذا الخط.

تظهر معظم مركبات البلورات السائلة تعدد الأشكال polymorphism، أو الحالة التي يلاحظ فيها أكثر من طور واحد في الحالة البلورية السائلة. يستخدم مصطلح (الطور الوسيط -mesophase) لوصف (الأطوار الفرعية-subphases) للمواد البلورية السائلة. تتشكل الأطوار الوسيطة عن طريق تغيير كمية الترتيب في العينة، إما عن طريق فرض الترتيب في بعد واحد أو اثنين فقط، أو عن طريق السماح للجزيئات بأن يكون لها درجة من الحركة المتعدية.

أطوار البلورات السائلة:

الحالة البلورية السائلة هي طور متميز من المادة تحت الاختبار بين الحالات المتبلورة (الصلبة) والحالة التماثلية (السائلة). هناك العديد من أنواع حالات البلورات السائلة، اعتمادًا على كمية الترتيب في المادة. يشرح هذا الجزء من المقال سلوك طور المادة البلورية السائلة.

هل هناك أربع حالات للمادة حقا؟ ما هي حالات المادة الأخرى؟

الأطوار الخيطية، أطوار البلورات السائلة الخيطية Nematic Phases:

يتميز الطور الخيطي للبلورات السائلة بأن الجزيئات دون ترتيب موضعي ولكنها تميل إلى الإشارة في نفس الاتجاه (باتجاه الدليل). في الرسم التوضيحي التالي، لاحظ أن الجزيئات تشير رأسيًا ولكنها تتوضع دون ترتيب معين.

البلورات السائلة هي مواد متباينة الخواص، وتتنوع الخواص الفيزيائية للنظام مع متوسط المحاذاة مع الدليل. إذا كانت المحاذاة كبيرة، تكون المادة متباينة الخواص للغاية. وبالمثل، إذا كانت المحاذاة صغيرة، تكون المادة متماثلةً تقريبًا من هنا تأتي أطوار البلورات السائلة المختلفة
تدعى فئة خاصة من البلورات السائلة الخيطية بـ (البلورات الخيطية غير المتناظرة-chiral nematic). يشير مفهوم غير المتناظرة إلى القدرة الفريدة على العكس الانتقائي لأحد مكونات (الضوء المستقطب دائريًا-circularly polarized light). يستخدم مصطلح البلورات الخيطية غير المتناظرة بشكل تبادلي مع البلورات) متراصة الجزيئات-cholesteric).

كلا الزجاج ليس صلبًا.. إذًا ما هي حالة المادة فيه؟

الأطوار الزلقة ، أطوار البلورات السائلة الزلقة:

كلمة «زلق-smectic» مشتقة من الكلمة اليونانية للصابون. يفسر هذا المصدر ظاهريًا حقيقة أن المادة السميكة والزلقة التي توجد غالبًا في أسفل صحن الصابون هي نوع من البلورات السائلة الزلقة. تعتبر الحالة الزلقة طورًا متميزًا آخر لمواد البلورات السائلة. تظهر الجزيئات في هذه المرحلة درجةً من الترتيب متعدية غير موجودة في الأطوار الخيطية. في الحالة الزلقة، تحتفظ الجزيئات بالترتيب التوجيهي للأطوار الخيطية، لكنها تميل أيضًا إلى المحاذاة في طبقات أو أسطح. تقيد الحركة على هذه الأسطح، ويلاحظ أن الأسطح المنفصلة تتدفق بعيدًا عن بعضها بعضًا. يعني الأمر المتزايد أن الحالة الزلقة أكثر «صلابةً» من الحالة الخيطية.

لوحظ أن العديد من المركبات تشكل أكثر من نوع واحد من الطور الزلق. تم تحديد ما يصل إلى 12 من هذه الاختلافات، ولكن تتم مناقشة فقط أكثر المراحل المميزة هنا. في المرحلة المتوسطة الزلقة – A، يكون الدليل متعامدًا مع السطح الزلق، ولا يوجد ترتيب موضعي معين في هذه الطبقة. وبالمثل، فإن دليل الطور المتوسط الزلق- B يكون متعامدًا مع السطح الزلق، لكن الجزيئات مرتبة في شبكة من السداسيات داخل هذه الطبقة. في المرحلة المتوسطة الزلقة -C، يتم ترتيب الجزيئات مثل الحالة A، لكن الدليل يكون مائلًا بزاوية ثابتة تقاس عادةً بالنسبة للسطح الزلق.

كما هو الحال في الطور الخيطي المرحلة المتوسطة الزلقة -C لها حالة غير متماثلة يرمز لها *C. بالتوافق مع الحالة الزلقة C، هناك زاوية ميل بين الدليل والطبقة الزلقة. الفرق هو أن هذه الزاوية تدور بين طبقة وأخرى في شكل لولبي. وبعبارة أخرى، فإن دليل الطور *C ليس موازيًا أو متعامدًا مع الطبقات بل يدور من طبقة إلى أخرى. لاحظ أن الدليل يكون ملتويًا في كل طبقة.
تتأثر الجزيئات في بعض المراحل المتوسطة الزلقة بالطبقات المختلفة فوقها وأسفلها. لذلك، لوحظ وجود كمية صغيرة من النظام ثلاثي الأبعاد. الطور الزلق G أحد الأمثلة على هذا النوع من الترتيب.

طور الجزيئات المتراصة:

يتكون طور الجزيئات المتراصة للبلورات السائلة (أو الخيطية غير المتماثلة) عادةً من جزيئات متوسطة خيطية تحتوي على مركز لولبي ينتج قوى بين- جزئية intermolecular تحاذي بين الجزيئات المفضلة بزاوية طفيفة بين بعضها بعضًا. وهذا يؤدي إلى تشكيل بنية يمكن تصورها على شكل كومة من طبقات خيطية ثنائية الأبعاد مع الدليل في كل طبقة بالتواء بين كل طبقة والطبقة التي تعلوها. في هذه البنائية، يتشكل الدليل في نموذج حلزوني مستمر حول الطبقة العادية كما يتضح من السهم الأسود في الشكل التالي. يمثل السهم الأسود في الرسم اتجاه الدليل في سلسلة من الطبقات المتكدسة.

الجزيئات الموضحة هي مجرد تمثيلات للعديد من الأطوار الخيطية الوسيطة غير المتماثلة الموجودة في الألواح متناهية الصغر مع توزيع الاتجاه حول الدليل. ينبغي ألا تخلط بينه وبين الترتيب المسطح الموجود في الأطوار الوسيطة الزلقة.
من الخصائص الهامة لطور الجزيئات المتراصة هو التأرجح pitch. يرمز له بالرمز p، باعتباره المسافة التي يستغرقها الدليل ليتم دورةً حلزونيةً كاملةً حول محوره كما هو موضح .

الناتج الثانوي للبنية الحلزونية للطور الخيطي غير المتماثل، هو قدرتها على عكس انتقائي لأطوال موجية مساوية لطول التأرجح، إذ ينعكس اللون عندما يكون طول التأرجح مساويًا للطول الموجي المقابل للضوء في الطيف المرئي.
يعتمد التأثير على درجة الحرارة للتغير التدريجي في اتجاه الدليل بين الطبقات المتعاقبة، والذي يعدّل طول التأرجح؛ ما يؤدي إلى تغيير طول الموجة للضوء المنعكس وفقًا لدرجة الحرارة.

يمكن جعل الزاوية تغير الدليل أكبر حجمًا، وبالتالي تصغير التأرجح، عن طريق زيادة درجة حرارة الجزيئات، ومن ثم منحها طاقةً حراريةً أكثر. وبالمثل، يؤدي خفض درجة حرارة الجزيئات إلى زيادة طول التأرجح للبلورة السائلة الخيطية.
وبالتالي يمكن تصنيع ترمومتر من البلورات السائلة يعرض درجة حرارة بيئته عن طريق عكس لون معين.
غالبًا ما ُيستخدم خليطٌ من أنواع مختلفة من هذه البلورات السائلة لإنشاء أجهزة استشعار مع مجموعة واسعة من الاستجابات للتغير في درجة الحرارة. وتستخدم هذه المستشعرات لقياس الحرارة على شكل رقائق حساسة للحرارة للكشف عن العيوب في وصلات اللوحات الإلكترونية وأشكال تدفق السوائل وحالة البطاريات ووجود الإشعاع، أو في الموضة مثل خاتم «المزاج» الذي يغير لونه تبعا للحالة المزاجية.

في تصنيع الرقائق، بما أن وضع البلورات السائلة الخيطية مباشرة على خلفية سوداء قد يؤدي إلى التحلل وربما التلوث الإشعاعي، تكون البلورات مغلفةً بشكل دقيق بجسيمات ذات أبعاد صغيرة جدًا. يتم بعد ذلك معالجة الجسيمات بمواد محكمة تنكمش عند المعالجة وذلك لتسطيح الكبسولات الدقيقة وإنتاج أفضل محاذاة للألوان الساطعة.

تطبيقيًا، تستخدم فئة البلورات السوائل الخيطية التي تكون أقل حساسيةً لدرجة الحرارة في تصنيع مواد مثل الملابس والدمى والأحجار والدهانات. يمكن أيضًا التحكم في طول الموجة للضوء المنعكس من خلال ضبط التركيب الكيميائي، إذ يمكن أن يتكون طور الجزيئات المتراصة إما من جزيئات حلزونية بشكل حصري أو من جزيئات خيطية وجزيئات خيطية من (عامل الإشابة dopant) مشتتة ومنتشرة. في هذه الحالة ، يتم استخدام تركيز عامل الإشابة لضبط الالتواء وبالتالي التأرجح.

الطور العمودي:

تختلف البلورات السائلة العمودية عن الأنواع السابقة لأنها تشبه الأقراص بدلًا من القضبان الطويلة. يتميز هذا الوسيط بأعمدة مكدسة من الجزيئات. تجتمع الأعمدة معًا لتشكيل مجموعة بلورية ثنائية الأبعاد. ترتيب الجزيئات داخل الأعمدة وترتيب الأعمدة نفسها يؤدي إلى مواد وسيطة جديدة.

إذا، فالعمل الذي بدأه رينيتزر ما زال يحتاج لمزيد من الوقت لنحقق فهمًا افضل لهذه الحالة الغريبة للمادة

المصدر