حقائق عن الفاناديوم (العنصر الثالث والعشرون)

 

يُعدّ الفاناديوم (Vanadium) فلزًّا متوسط القساوة، ذا لون أزرق فولاذي، ورغم كونه أقل شعبية من الفلزات الأخرى، فإنه يمتلك قيمة كبيرة في مجال التصنيع نظرًا لخواصه الطيّعة، واللدنة والمقاوِمة للتآكل.

نادرًا ما يوجد هذا العنصر بشكل حرٍّ في الطبيعة، لكن يمكن العثور عليه في حوالي 65 معدنًا مختلفًا، بما فيها المغنيتيت، والفانادينيت، والكارنوتيت والباترونيت، كما قد يوجد في الصخور الفوسفاتية وبعض الزيوت الخام.

يُستحصل الفاناديوم عادةً بتسخين الخامة المسحوقة بوجود الكربون والكلور، فينتج ثلاثي كلوريد الفاناديوم، والذي يُسخّن بعد ذلك مع المغنيزيوم في جو من الأرغون، وفق ما أورده مختبر جيفرسون (Jefferson Lab)، وتعود 98% من خامات الفاناديوم المُنقَبة إلى جنوب أفريقيا، وروسيا والصين.

يشكّل هذا العنصر 150 جزء بالمليون (ppm) من لب الأرض، و0.019% من قشرتها، حسب موقع (PeriodicTable.com)، وتبلغ الكمية الكونية للفاناديوم في العالم حوالي 0.0001%، ويمكن تحرّيه مطيافيًا في أشعة الشمس ونادرًا في الضوء الصادر عن نجوم أخرى.

خواص الفاناديوم

  • العدد الذري (أي عدد البروتونات في النواة): 23
  • الرمز الذري (على الجدول الدوري للعناصر): V
  • الوزن الذري الوسطي: 50.9415 غ / مول
  • الكثافة: 5.8 غ / سم۳
  • الطور عند درجة حرارة الغرفة: صلب
  • درجة الانصهار: 3,470 فهرنهايت (1,910 °م)
  • درجة الغليان: 6,165 فهرنهايت (3,407 °م)
  • عدد النظائر (وهي عناصر تتشابه بالذرات وتختلف بعدد النترونات): 2؛ أحدهما مستقر (V-51) والآخر مشع (V-50)
  • النظائر الأكثر شيوعًا: V-51 (تبلغ نسبة توفره الطبيعي 99.75%)

اكتشاف الفاناديوم

اكتُشف الفاناديوم مرتين، بحسب الجمعية الملكية للكيمياء، ففي عام 1801، اكتشفه أندريه مانويل ديل ريو (Andrés Manuel del Rio)، وهو أستاذ في علم الفلزات في مدينة المكسيك، في عينة من الفاناديت، فأرسل عينات من هذا العنصر (الذي أسماه حينذاك بالإريثرونيوم) بالترافق مع رسالة وضّح فيها آلياته في العمل لمعهد فرنسا (Institut de France) ليقوم العاملون فيه بتحرّيه والتأكد منه.

لكن رسالته ضاعت مع الأسف في حطام سفينة، وفق ما أشار إليه مختبر جيفرسون، ولم يتلقّ المعهد سوى العينة، إلى جانب ملاحظة قصيرة تشير إلى تشابه العنصر الجديد مع الكروم، فتوصّل العاملون فيه إلى أنّ العينة كانت في الحقيقة معدن كروم، فسحب ديل ريو ادعاءه.

بعد ذلك في عام 1830، أعاد الكيميائي السويدي نيلز غابريل سفستروم (Nils Gabriel Sefstrôm) اكتشاف الفاناديوم، أثناء تحليله عينات من الحديد في منجم في السويد، وأسماه «فاناديوم»، تيمّنًا بالآلهة النوردية القديمة «فاناديس»، وهو الاسم النوردي القديم لـ«فرِيا» الذي ترافق مع الجمال والخصوبة. ربما استوحى سفستروم هذا الاسم من مركبات العنصر بديعة الألوان.

أخيرًا، عزل العنصرَ الكيميائيُّ الإنكليزي السير هنري إنفيلد روسكو (Sir Henry Enfield Roscoe) عام 1867 أثناء جمعه لثلاثي كلوريد الفاناديوم (VCl3) مع غاز الهيدروجين (H2).

معدن نادر

تُعدّ الجرعات العالية من الفاناديوم سامّةً للبشر، لكن يعتقد العلماء بالحاجة لهذا العنصر بكميات صغيرة جدًا للمحافظة على نمو العظام الطبيعي، ويمكن العثور على الفاناديوم بكميات زهيدة في العديد من أصناف الطعام، بما فيها الفطر، والفلفل الأسود، والبقدونس، والشبت، والمحار، والبيرة، والنبيذ والحبوب. عند تناول غذاء متوازن، يستهلك المرء 0.01 ملغ فقط من هذا العنصر يوميًا، وهو أكثر من كافٍ للحاجات البيولوجية، حسب الجمعية الملكية للكيمياء.

لم تتضمن إلّا القليل من الدراسات على الفاناديوم البشر (إذ أُجري معظمها على الحيوانات)، لذا لا يُنصح حاليًا به كعلاج لأي أمراض أو حالات صحية معينة، لكن تقترح العديد من الدراسات على الحيوان وبعضها على البشر قدرة الفاناديوم على خفض مستويات سكر الدم وتحسين الحساسية للإنسولين لدى مرضى السكري من النمط الثاني، وذلك حسب المركز الطبي التابع لجامعة ماريلاند.

ففي بعض الدراسات على الفئران مثلًا، أظهر هذا العنصر قدرة على خفض المستويات المصلية للسكر وكوليسترول البروتين الشحمي منخفض الكثافة (LDL) وثلاثيات الغليسيريد، وفي دراسة على الماعز نُشرت في دورية (American Dietetic Association) عام 1994، تبيّن أن صغار الماعز التي تناولت أمهاتها غذاءً معوزًا بالفاناديوم قد وُلدت بعيوب في العظام الهيكلية وماتت بعد ثلاثة أيام.

تضمنت العديد من الدراسات البشرية على الفاناديوم عددًا قليلًا من البشر لفترات قصيرة من الزمن وجرعات عالية من العنصر تفوق مستوى المدخول الأقصى المُحتمل، ولا يدري العلماء ما إن كانت هذه المستويات آمنة للاستهلاك البشري.

يُباع الفاناديوم كمتمّم بانٍ للجسم عادة على شكل سلفات الفاناديل، ويُسوَّق له على أنه طريقة لزيادة القبط العضلي للغلوكوز والأحماض الأمينية وتعزيز اصطناع الغليكوجين والبروتين، ولكن وفقًا لبعض الأبحاث العلمية، لا يبدو أن الفاناديوم يعزز نشاط الإنسولين لدى الأفراد الأصحاء، وإنما مرضى السكري فقط، وذلك حسب الموقع (Encyclopedia.com).

استخدامات الفاناديوم

يُسبَك حوالي 80% من الفاناديوم المُنتَج مع الحديد لصنع مادة «فيروفاناديوم» (ferrovanadium) التي تُضاف للفولاذ فتجعله مقاومًا للصدمات والتآكل، وذلك حسب مختبر جيفرسون، علمًا أن الفيروفاناديوم تحتوي بين 1% إلى 6% من الفاناديوم.

تُستخدم سبائك (الفاناديوم-فولاذ) لصنع أدوات شديدة القساوة، مثل محاور العجلات، وصفائح الدروع، ومعدات السيارات، والنوابض، وأدوات التقطيع، وقضبان المكابس والأعمدة المرفقة، كما توظّف سبائك الفاناديوم في صناعة المفاعلات النووية بسبب امتصاصها القليل للنترونات، وذلك حسب الجمعية الملكية للكيمياء.

في الحقيقة، استُخدم الفاناديوم صناعيًا لأول مرة بشكل واسع الانتشار في الهيكل الفولاذي لسيارة فورد موديل تي، ما أكسبه خفةً إلى جانب قوة شدّ أكبر.

واستُعمل مركب خماسي أكسيد الفاناديوم (V2O5) كمرسّخ للون (مادة تثبت الأصبغة على الأقمشة بشكل دائم)، ومحفّز لبعض التفاعلات الكيميائية، وفي صناعة السيراميك، كما يمكن إضافته للغاليوم لتشكيل مغانط فائقة الناقلية ، وذلك حسب مختبر جيفرسون.

أما عند مزج الفاناديوم مع الألمنيوم والتيتانيوم، فبإمكانه أن يشكّل سبيكة قوية تُستخدم لتطبيقات خاصة، كالغِرسات السنّية والمحركات النفاثة.

هل تعلم؟

  • قد يسبّب استنشاق كميات كبيرة من الفاناديوم مشاكل رئوية، كالتهاب القصبات أو الالتهاب الرئوي، وقد تبيّن أن العاملين المتعرّضين لبيروكسيدات الفاناديوم هم أكثر عرضة لتهيّج العين، والأنف والحلق.
  • استُخدم الفاناديوم لصنع قطع مدفعية محمولة ودروعًا للجسم في الحرب العالمية الاولى.
  • في دراسة منشورة عام 1996 في دورية (Metabolism) الطبية، أعطي ثمانية مرضى بالسكري من النمط الثاني متمّمات فاناديوم لمدة شهر، فتبيّن أنها متوسطة الفعالية في خفض مستويات سكر الدم مع آثار جانبية قليلة. في الأسبوع الأول تعرّض ستة من المشاركين الثمانية لمشاكل معدية معوية، إلّا أن هذه التأثيرات الجانبية اختفت مع استمرار استخدام المتمّمات.
  • يمتلك الفاناديوم حالات أكسدة مفعمة بالألوان، منها الأرجواني، والأخضر، والأزرق والأصفر.
  • في عام 1911 اكتشف الكيميائي الألماني مارتن هينزي (Martin Henze) وجود الفاناديوم في الخلايا الدموية لبخّاخات البحر.
  • تمتلك ذرات الفاناديوم 23 إلكترونًا، و28 نيوترونًا، و23 بروتونًا.
  • نظرًا لمحافظة فولاذ الفاناديوم على قساوته عند درجات الحرارة العالية، فإنه يُستخدم في المناشير الدائرية، ورؤوس المثاقب، وعنفات المحركات، وأجزاء متحركة أخرى تُنتج مستويات عالية من الحرارة.
  • يمكن أن يُستخدم الفاناديوم في عملية تكرير اليورانيوم لأهداف نووية.
  • يوجد الفاناديوم في عدد قليل من النيازك.

  • ترجمة: سارة وقاف
  • تدقيق: رزان حميدة
  • تحرير: مازن سفّان
  • المصدر