يعد الفيزيائي النظري الأمريكي ريتشارد فاينمان وفقًا لاستطلاع أجرته مجلة عالم الفيزياء البريطانية سنة 1999 واحدًا من أعظم علماء الفيزياء في التاريخ.

ساهم فاينمان في صياغة المسار التكاملي لنظريتي ميكانيكا الكم والكهروديناميكية الكمية وفيزياء الميوعة الفائقة والتبريد الفائق للهيليوم المسال، إلى جانب إسهاماته في فيزياء الجسيمات، وطور أيضًا مجموعة من المخططات المفسِرة لسلوك الجسيمات دون الذرية عرفت فيما بعد باسم مخططات فاينمان.

ولد ريتشارد فاينمان لوالدين يهوديين من ليتوانيا (لوسيل فيلبس – ميلفل آرثر فاينمان) في 11 من مايو 1918، نطق فاينمان أولى كلماته في الثالثة من عمره.

لكنه بعد ذلك سرعان ما أظهر موهبة هندسية فذة واخترع في المرحلة الابتدائية جهاز إنذار ضد السرقة ليعمل أثناء غياب والديه في العمل.

في التاسعة من عمره أنجب والداه أخته (جوان فاينمان) والتي كبرت لتصبح صديقته المقربة، ورغم رفض والدتهما انخراط جوان في دراسة علم الفلك قناعة منها بأن النساء لا يملكن القدرة على استيعاب مثل هذه الأشياء، إلا أن ريتشارد لم يتوقف عن دعمها حتى صارت في النهاية عالمة في الفيزياء الفلكية.

في الخامسة عشرة علّم فاينمان نفسه حساب المثلثات، والجبر والتفاضل والتكامل إضافةً إلى الهندسة التحليلية وقبل التحاقه بالجامعة كان قد ابتكر رموزه الخاصة للّوغاريتم والجيب وجيب التمام وظل الزاوية بحيث لا تبدو كمتغيرات مختلفة مضروبة في بعضها، وفي عامه الأخير من الجامعة حصل على جائزة جامعة نيويورك في الرياضيات.

حصل فاينمان على درجة البكالوريوس سنة 1939 من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، عمل كمساعد أبحاث في جامعة برينستون خلال عامي 1940 – 1941 وحصل على درجة الدكتوراة في نفس الجامعة سنة 1942، كما عمل أستاذًا للفيزياء النظرية في جامعة كورنيل خلال الفترة من 1945 حتى 1950 ثم عمل كأستاذ للفيزياء النظرية في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.

أثناء الحرب العالمية الثانية شارك فاينمان في مشروع مانهاتن السري والذي كان غرضه الرئيسي هو صنع جهاز يسمى الآيزوترون لاستخدامه في فصل اليورانيوم 235 عن اليورانيوم 238، لكن ما حصل فعلًا هو استخدام جهاز سمي بالكالوترون رغم ارتفاع كفاءة الآيزوترون من الناحية النظرية.

شارك فاينمان بعد ذلك في مشروع لوس آلاموس السري الخاص بالعالم الشهير روبرت أوبنهايمر والمختص بتطوير القنبلة النووية، وعُيّن فاينمان في مشروع هانز بيث النظري وهناك طور معادلة (فاينمان – بيث) لحساب إنتاج القنبلة الانشطارية، إلى جانب العديد من الإنجازات الأخرى مثل ابتكار طريقة جديدة لحساب اللوغاريتمات بالإضافة إلى حساب معادلات النيوترون من أجل مفاعل صغير لمعرفة مدى اقتراب المواد الانشطارية من الحالة الحرجة.

حصل فاينمان على العديد من الجوائز مثل: جائزة ألبرت آينشتاين 1954، جائزة إرنست أورلاندو لورنس 1962، جائزة نوبل في الفيزياء بالمشاركة مع جوليان شفينجر وشينيتشيرو توموناجا 1965.

تُوفي فاينمان في 15 فبراير 1988 بعد إصابته بسرطان في المعدة أدى إلى تلف إحدى كليتيه وطحاله.

احتفل معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في 11 من مايو الماضي (2018) بمرور مائة سنة على ميلاد ريتشارد فاينمان ونشر على موقعه الرسمي التعليق الآتي: «رغم أن فاينمان تُوفي قبل أكثر من 30 عامًا إلا أنه ترك وراءه إرثًا دائمًا كفيزيائي وحكَّاء ومعلم لامع».

أجمل وأشهر أقوال ريتشارد فاينمان:

  • القاعدة الأولى هي ألّا تخدع نفسك، وأنك أسهل شخص يمكن خداعه.
  • في قبول الجهل وعدم التأكد يسكن أمل الحركة الدائمة للبشرية في اتخاذ طريق لا يمكن اختصاره أو اعتراضه نهائيًا كما حدث مراتٍ عديدة في فتراتٍ مختلفة من تاريخ الإنسانية.
  • لا يمكن خداع الطبيعة، لذا يجب أن يكون للواقع الأفضلية على العلاقات العامة.
  • تملك الفيزياء تاريخًا كبيرًا في تلخيص ظواهر عديدة إلى نظريات قليلة.
  • لا يهم كم تبدو نظريتك رائعة، ولا يهم كم أنت ذكي، ما دامت نظريتك تتعارض مع التجارب فهي خاطئة.
  • أكثر اكتشاف فلكي جدير بالذكر هو أن النجوم مكوَّنة من نفس الذرات الموجودة على كوكب الأرض.
  • أرى أن خيال الطبيعة أعظم بكثير من خيال الإنسان.
  • الأوروبيون أكثر جدية منا نحن الأمريكيين، ذلك لأنهم يعتقدون أن حفلات شرب البيرة ملائمة لمناقشة الأمور الذهنية.
  • قررت بيع رسوماتي لكني لم أرد بيعها لأنه من المفترض أن أساتذة الفيزياء لا يرسمون، أليس هذا رائعًا؟ لذا اخترعت اسمًا مستعارًا.
  • لو كان بإمكاني شرحها للرجل متوسط المستوى لما استحقَّت جائزة نوبل.