الطب الغريب

مِنَ الرجل الذي سعل قطعة دم متجلطة تشبه الرئة، إلى السيدة المصابة بطفيليّات في عمودها الفقري، شكَّلت مجموعةٌ من الحالات الطبيّة المثيرة للاهتمام العناوينَ الرئيسيّة في عام 2018.

ما يسمى “تقارير الحالة”، التي تصف ظروف المرضى الفرديين، لا تحمل نفس الوزن الموثوق التي تحمله الدراسات العلميّة الصارمة مع مئات بل آلاف الأشخاص المشاركين بها. لكن أحيانًا، مثل هذه التقاريرِ تساعد الأطباء بطريقة أفضل لفهم الأمراض النادرة أو لتحديد العلامات غير المعتادة للحالات الطبيّة المشهورة.

إليكم أغرب 10 تقارير لحالات طبية في عام 2018:

رجل يسعل قطعة دم متجلطة عملاقة تشبه الرئة:

رجل في كاليفورنيا لم يسعل رئته حرفيًا، لكنّه كان وشيكا للغاية من ذلك. صَدَم المريض ذو ال 36 عامًا أطباءه حين سعل قطعة دم متجلّطة عملاقة على شكل رئته. كيف لذلك أن يحدث؟

كان هذا الرجل يُعَالَج من مرض خطير بالقلب والذي تطلّب منه أخْذَ بعض أدوية السيولة. لكن رفعت لديه هذه الأدوية أيضًا خطر الإصابة بنزيف. أثناء “نوبة حادّة من السعال”، سعل المريض قطعة دمٍ سليمةٍ متجلّطةٍ تشبه شجرةَ شعيراتِ الشعب الهوائية اليمنى لديه. بمعنى آخرَ، كان هذا قالبًا مصنوعًا من الدم المتجلط على شكل مجرى الهواء المتفرّع من الرئتين المعروف باسم القصبات الهوائية.

قال أطباؤه إنَّه من النادر للغاية أنْ نرى مثل هذا القالب المصنوع من الدم. كانت حالة الرجل الصحية خطرة للغاية، وقد توفي بعد أسبوع نتيجةً للمضاعفات. قرّر أطباؤه نشر هذه الصورة لإظهار مدى جمال تركيب جسم الإنسان.

نُشِرَ تقرير للحالة ب 29 نوفمبر في                                         «The New England Journal Of Medicine».

إصابة امرأة بعدوى الأميبا (الآكلة للدماغ) نتيجة لوعاء نيتي:

طوَّرت امرأة في سياتل عدوى أميبا آكلة للدماغ قاتلة ونادرة، والتي يبدو أنَّها نتيجةَ الاستخدام الخاطئ للوعاء النيتي. استخدمت المرأة ذات الـ 69 عامًا وعاءً نيتيًا لغسل جيوبها الأنفية، إلا أنّها ملأته بماء الصنبور غير المعقم بدلًا من الماء المعقم أو المحلول الملحي المُوصى به من قِبَل الطبيب. وسرعان ما أُصيبَت بطفحٍ جلديّ صغير على أنفها والذي استمر دون الاختفاء. لاحقًا، بعد عام، داهمتها نوبةٌ.

بدايةً، اعْتقد الأطباء أنَّها تعاني من ورم بالدماغ، لكن أظهرت الفحوصات لاحقًا أنَّها أُصيبت بعدوى أميبية تُسَمّى «Balamuthia mandrillaris». تُعَدّ هذه العدوى نادرةً للغاية، مع حوالي 70 حالة فقط مسجلة في الولايات المتحدة منذ العام 1993. اشتبه الأطباء أنَّ المرأة قد التقطت هذه العدوى من ماء الصنبور غير المعقم، يوضح هذا سبب ضرورة استخدام الماء المعقم أو المحلول الملحي فقط، لمن يريد ملأ هذا الوعاء النيتي.

نُشِرَت هذه الحالة بنقاش شهر ديسمبر في                                 «The International Journal Of Infectious Diseases».

رجل يحتفظ بملعقة عالقة في مريئه لمدة عام:

قد تساعدك ملعقةٌ من السكر على ابتلاع الدواء المرّ. لكن، لن يساعدك أيّ شيءٍ على ابتلاع هذه الملعقة. اكتشف ذلك رجلٌ صينيّ بأصعب الطرق عند ابتلاعه ملعقةً باعتبار الأمر رهانًا. ظلّت الملعقة عالقةً في مريئه، وللمفاجأة، لم يتسبب له هذا بعدم الارتياح.

ظل الأمر بهذه الصورة حتى عامٍ لاحقٍ، عند تلقّيه لكمةً في صدره، فبدأ يعاني من الآمٍ الصدر وصعوبة في التنفس، الأمر الذي دفعه للبحث عن رعاية طبية، فأجرى الأطباء عمليةً جراحية مدتها ساعتين لإزالة الملعقة، طبقًا للبيان الصادر عن مستشفى شينجيانغ ميكانج العام، حيث عولج المريض في شهر أكتوبر الماضي. توقّع الأطباء أنْ يتعافى الرجل سريعًا.

عدوى دماغية نادرة نتيجة أكل أدمغة السناجب:

أُصيبَ رجلٌ في نيويورك بمرض دماغيّ نادرٍ وقاتلٍ للغاية بعد تناوله لأدمغة السناجب. نُقل الرجل ذو الـ 61 عامًا إلى المستشفى بعد مواجهته انخفاضًا في معدلات تفكيره وانفصاله عن الواقع المحيط به. قالت عائلته إنَّه يحبّ الصيد، كما أفادت التقارير بأنّه أكل أدمغة السناجب، لذلك، من الوارد أنَّ هذه العادة الغذائية الغريبة قد عرّضته لخطر الإصابة بِـ «مرض كروتزفيلد جاكوب المتنوّع-variant Creutzfeldt-Jakob disease (vCJD)» أو «مرض جنون البقر»، وهو عبارة عن حالة طبيّة قاتلة تُصيب الدماغ، وتسبّبها بروتينات مُعديَة تُدعَى «prions».

بالفعل، ظهر مسح الرنين المغناطيسيّ لدماغ الرجل مشابهًا لهؤلاء الأشخاص المصابين بـ «vCJD». قال الأطباء إنَّ الرجل مصابٌ في الغالب بِـ «vCJD»، رغم أنَّ التشخيص لم يُؤَكَد رسميًا بواسطة تشريح الجثة.

بُلِّغَ فقط عن مئات قليلة من حالات «vCJD»، والتي كان لها علاقة بتناول اللحم البقري المُلَوَّث في المملكة المتحدة في العقد الثامن والتاسع من القرن العشرين.

أُصيب الرجل عام 2015، لكن أُعِلَنَ عن الحالة لأولّ مرة في أكتوبر 2018 بالاجتماع العلميّ للأمراض المُعِدَية.

عدسة لاصقة «مفقودة» تظهر بعد 28 عامًا:

عندما فقدت امرأة عدستها اللاصقة خلال لعبها لتنس الريشة، لم تُفكر كثيرًا في مصيرها. لكن بعد مرور ما يقارب ثلاثة عقود، وجد الأطباء عدسةً لاصقةً مغروسةً في جفنها.

ذهبت المرأة صاحبة ال 42 عامًا إلى طبيب العيون بعد انتفاخ جفنها وتدلّيه. أظهرت الاختبارات أنَّ هناك كيسًا دهنيًا في الجفن، والذي أُزيلَ جراحيًّا. لكنّ العدسة اللاصقة المفقودة كانت داخله.

فقدت المرأة عدستها هذه عندما كانت بعمر الرابعة عشرة، بعد أن صَدمت كرة الريشة الطائرة عينها خلال اللعب. يبدو أنَّ الصدمة ساهمت في هجرة العدسة إلى جفنها الأيسر، كما صرّح أطباؤها.

تقرير حالة هذه السيدة تم نشره في 10 أغسطس في مجلة «BMJ Case Reports»

الثوم لا يعالج فطريات القدم، لكنّه يسبب حروقًا:

عندما أُصِيبَت امرأة في انجلترا بعدوى فطريّة في إصبع قدمها الكبير وظفره، قرّرت تجربة علاج منزلي: الثوم، لكنّه لم يفشل فقط في علاجها، بل وأصاب بشرتها بحروق بالغة. وفقًا لتقرير الحالة، الذي نُشِرَ في 3 يوليو في مجلة «BMJ Case Reports»، طبَّقت المرأة شرائح الثوم على إصبعها لمدة 4 ساعاتٍ يوميًا على مدار شهر.

يحتوي الثوم على مركبٍ كبريتيّ يدعى «Diallyl Disulfide»، والذي يُهيّج الجلد ويسبب الحروق، كما بإمكانه أن يؤدي إلى الحساسيّة. نصح أطباء هذه السيّدة بتطبيق العلاجات التقليدية على العدوى الفطرية للقدم، والتي تتضمّن المراهم المضادّة للفطريّات والأدوية الموصوفة لها.

645388603
skill, precision, care, appreciation, lushious
Woman separating garlic cloves for the fig salad she is making. Fresh figs on the cutting board in the background. First person perspective.

طفيليّات في العمود الفقري لامرأة:

أبلغت امرأة في فرنسا عن أعراض غريبة، تتضمّن الشعور بصدمات كهربائيّة تسري في جسدها نزولًا إلى ساقيها، والتي تبين لاحقًا بأنَّها عدوى نادرة. أظهرت صورة الرنين المغناطيسي لظهر المرأة وجود ورمٍ بعمودها الفقريّ، والذي يستقضي تدخلًا جراحيًا لإزالته.  كشفت فحوصات أعمق بأنَّ هذه الكتلة نجمت عن عدوى تسببها «Echinococcosis granulosus»، وهي دودةٌ شريطيّةٌ صغيرةٌ تكون في الكلاب وبعض حيوانات المزارع، مثل الخراف والأبقار والماعز والخنازير.

يمكن لهذه الدودة الشريطيّة أن تُسبِّب مرضًا يُسَمّى داء المشوكات الكيسي، يُعَرف أيضًا بالداء العدَّاري، حيث تشكّل اليرقة كيسًا دهنيًّا ينمو ببطء في جسم الشخص. يُعَدّ هذا المرض نادرًا في فرنسا، ومن غير الواضح كيف أصيبت به المرأة، كما أنّها لم تبلغ عن أيّ احتكاك لها مع الكلاب، لكنّها احتكت مع حيوانات المزرعة، كالبقر والأحصنة، ومن المحتمل أيضا أنَّها قامت بتناول خضروات ملوثّة بالطفيليّات.

تلَّقت المرأة علاجًا ضدّ الطفيليات، وبعد تسعة أشهر، اختفت جميع الاعراض.

تقرير الحالة تم نشره في 11 يوليو في                                     «The New England Journal Of Medicine».

نتوء غريب في وجه امرأة يتضح إنه دودة:

نتوء غريب كان يتحرك بطريقة غامضة في وجه امرأة، ظهر في الحقيقة بأنّه عبارة عن دودة تزحف تحت جلدها. أخذت المرأة التي تعيش في روسيا، سلسلةً من الصور الذاتيّة (سيلفي) لتوثّق الكتلة الزاحفة، والتي ظهرت لأول مرة أسفل عينها اليسرى، ثم تحركت لتظهر فوق عينها ثم إلى شفتها العليا.

أُصِيَبت المرأة بنوعٍ من العدوى يسبّبه نوع من الدود الطفيليّ يدعى «Dirofilaria repens»، طبقًا لتقرير حالة المرأة، والذي نُشِرَ في 20 يونيو في «The new England journal of Medicine».

يعدي هذا الدود الذي يشبه الشرائط طبيعيًا الكلابَ والقططَ والثعالبَ والثديّاتَ البريّة الأخرى، ويعيش في الأنسجة تحت الجلد. ينتشر الدود من خلال لدغات البعوض، وهناك حالات بشرية تم الإبلاغ عنها في أجزاءٍ من أوروبا وآسيا (روسيا أيضًا)، وكذلك أفريقيا. على قدر ما تبدو هذه العدوى مرعبة، إلا أنّ علاجها بسيطٌ نسبيًّا: بإمكان إزالة الدودة جراحيًا التخلّص من العدوى. وقد أزيلت هذه الدودة من وجه المرأة الروسية بالطبع، والتي تعافت بشكل كامل بعد ذلك.

نجاة صبي بعد أن اخترق سيخ لحم رأسه:

كان الطفل ذو العشر سنوات محظوظًا للغاية لنجاته بعد اختراق سيخِ لحمٍ رأسه وبقائه عالقًا به. الطفل، إكزافييه كانينجهام من ميسوري، كان يلعب في منزل الشجرة الخاصّ به عندما هاجمته الدبابير، ما أسفر عن سقوطه من المنزل فوق سيخ اللحم الذي وضعه هو ورفاقه على الأرض، كما أوضحت الأخبار المحليّة «KCTV» في سبتمبر.  بَيَّن المسح الذي أُجري على رأس الفتى أنَّ السيخ قد اخترق وجهه ومرّ تحت جمجمته مباشرةً، عابرًا بذلك كلّ هذا الطريق إلى أن وصل مؤخرة رقبته. أخفق السيخ لمس المكوّنات المهمة كالدماغ، النخاع الشوكيّ والأعصاب الرئيسية. قال الأطباء إنَّ مسار السيخ هذا يُعدّ واحدًا في المليون. وبجراحة دقيقة، استطاع الأطباء إزالته، وسرعان ما تعافى الفتى.

يرتبط «صداع الرعد» بتناول الفلفل الأكثر حرارةً بالعالم:

يبدو قضم أكثر أنواع الفلفل حرارةً في العالم مؤلمًا بالقدر الكافي، لكن بالنسبة لذلك الرجل الذي دخل مسابقة أكل الفلفل الحارّ، تَبِع ذلك التحديَ البطوليَّ إصابتُه بصداع شديد، والذي يُدعى «صداع الرعد». أكل الرجل ذو الـ 34 عامًا «كارولينا ريبير»، والذي يُعَدّ الفلفل الأكثر حرارةً بالعالم، طبقًا للتقرير الذي نُشر في 9 أبريل بِـ «The Journal BMJ Case Reports».

بعد تناول الفلفل، شعر الرجل بألم شديدٍ في رقبته وفي مؤخرة رأسه. وعلى مدار بضعة الأيام التالية، مرّ بالعديد من نوبات الصداع الوجيز ولكن الحادّ في ذات الوقت، أو صداع الرعد، والذي يعتريه فجأة ويصل إلى ذروته في غضون 60 ثانية.

أوضح الأطباء أنَّ صُداع الرجل حدث نتيجةَ حالةٍ طبيّةٍ تُعرف بمتلازمة تضَيّق الأوعية الدماغية العكسيّة (RCVS)، إذ تضيق شرايين الدماغ بصورة مؤقتة، وبحسب التقرير، فإنَّ هذه المرة الأولى التي يُبلّغ فيها الأطباء عن وجود علاقةٍ بين أكل الفلفل الحار وهذه المتلازمة. تحسنت حالة الرجل الصحية دون أيّ علاج محدّد.


  • ترجمة: نسمة عادل
  • تدقيق: نغم رابي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر