اكتشف باحث في (جامعة وايومنغ -University of Wyoming) بمساعدة فريقه أنّه بفصل ذكور الفئران عن الإناث مع مرور الوقت تتأثّر حاسة الشم لدى الفئران.

يقول (ستيفن سانتورو – Stephen Santoro) الأستاذ المساعد في قسم علم الحيوان وعلم وظائف الأعضاء: «كشفت الدراسة عن كيفية تغيّر طريقة عمل المستقبلات الحسيّة الشميّة في الفئران بالتعرّض للروائح المنبعثة من أفراد الجنس الآخر، الفكرة هي أنّ خبراتنا وتجاربنا تؤثّر على أجهزتنا الحسيّة بطريقة شبه دائمة، ومن المحتمل أن يكون الأمر حقيقيًا بالنسبة للإنسان كما في الفئران تمامًا».

يضيف سانتورو: «لقد وجدنا أنّ الفئران التي اختلطت بفئران من الجنس الآخر امتلكت جميعها طوال الوقت مستقبلات حسيّة شميّة متشابهة في التركيب، وذلك لأنّها جميعًا كانت تشتَم الروائح ذاتها، وعلى الجانب الآخر فإنّه عند فصل ذكور الفئران عن الإناث حدثت تغيّرات في طبيعة عمل المستقبلات الحسيّة للحيوانات اعتمادًا على الجنس، ونتيجة لذلك أصبحت كلّ من المجموعتين (مجموعة الذكور ومجموعة الإناث) تستشعر الروائح بشكل مختلف عن السابق».

نُشِرت الدراسة الجديدة في الرابع من كانون الأول لعام 2018 في مجلة (Nature Communications) تحت عنوان (الفصل بين الجنسين يحفّز حدوث تغيّرات في المستقبلات الحسيّة الشميّة لدى كلّ من ذكور وإناث الفئران – Sex Separation Induces Differences in the Olfactory Sensory Receptor Repertoires of Male and Female Mice)، وكان الباحث الرئيسيّ وكاتب الورقة العلمية الأساسيّ هو (كارل فان دير ليندن – Carl van (der Linden وهو طالب متخرّج في جامعة (سانتا ينز كاليفورنيا – Santa (Ynez, Calif، والحاصل على شهادة (برنامج علم الأعصاب من جامعة واشنطن – UW Neuroscience Program)، بالتعاون مع مجموعة من الباحثين وهم (بوچا جوبتا – Pooja Gupta) باحث ما بعد الدكتوراه في قسم علم الحيوان وعلم وظائف الأعضاء وأحد الباحثين في معمل سانتورو، (سوزان جايكوب – Susanne Jakob) المدرّس في (قسم علم الخلايا الجذعيّة والطب التجديديّ بجامعة هارفارد – Department of Stem Cell and Regenerative Biology at Harvard University) و(كاثرين دولاك – Catherine (Dulac أستاذ (علم الأحياء الجزيئيّ والخلويّ بجامعة هارفارد – Molecular and Cellular Biology and department chair at Harvard University) والعالمة في (معهد هاورد هيوز الطبيّ Howard Hughes – Medical Institute)، أمّا سانتورو فكان هو المشرف على الدراسة وكتابة الورقة العلميّة.

ويقول سانتورو أنّ هناك تشابهًا كبيرًا في نظام الشم (المستقبلات الشميّة) بين الفئران والبشر، ويضيف: «تعتبر الفئران بمثابة نموذج ممتاز لدراسة وفهم كيفية عمل الجهاز العصبيّ في العموم، حتى أنّها أفضل من الحشرات الطائرة أو النماذج الشائعة الأخرى».

يلعب النشاط الحسيّ دورًا حيويًا في تطور الجهاز العصبيّ، ورائحة الفأر تكون عبارة عن مزيج من المواد الكيميائيّة المتطايرة وغير المتطايرة المُفرَزة من الجلد أو الموجودة في البول والبراز والدموع واللعاب، ويختلف التركيب الكيميائيّ لتلك المواد وبشكل جوهريّ بين الذكور والإناث.

وهنا يضيف سانتورو قائلًا: «الوضع نفسه بالنسبة للبشر أيضًا، فرائحة الذكر تختلف عن رائحة الأنثى، فعلى سبيل المثال تنبعث من الرجل روائح ناتجة عن أيض هرمون التستوستيرون، وهناك اختلافات جينيّة بين الأشخاص في كيفية استشعار تلك الروائح، فهناك من يجدها روائح جذابة، وهناك من يجدها كريهة، وهناك أيضًا من ليس لديه القدرة على إدراكها من الأساس، ويرجع ذلك إلى الاختلافات الجينيّة في مستقبلات الشم بين شخص وآخر، ويعتقد بعض الباحثين أن هذا النوع من الجزيئات يعتبر بمثابة (فيرمونات بشرية –pheromones)».

الفيرمونات هي مواد كيميائيّة تتركب من جزيئات عضويّة مُعقّدة تستخدم لنقل الإشارات بين الحيوانات.

بخلاف معظم الخلايا العصبيّة الموجودة في الجهاز العصبيّ للثدييات فإن (الخلايا العصبيّة الحسيّة الشميّة – olfactory sensory neurons) أو اختصارًا (OSNs) تتجدد وتُستبدل بشكل مستمر مدى الحياة، ووفقًا لسانتورو فإنّ الخلايا العصبيّة الشميّة التالفة تُستبدل باستمرار إذا أُصيب الإنسان بالبرد أو في حالة استخدام رذاذ الزنك للأنف، وكما أشارت الدراسة أيضًا إلى أنّ الجسم يحتفظ بالخلايا العصبيّة الشميّة النشطة بينما يتخلص من نظيرتها الخاملة أو المتوقفة عن العمل بشكل دوريّ.

  • ترجمة: إيمان سمير
  • تدقيق: لبنى حمزة
  • تحرير: كارينا معوض
  • المصدر