أظهرت دراستان كبيرتان – أُصدِرتا يوم السبت 10/11/2018 – دليلًا على أنّ الأدوية المشتقّة من زيت السمك فعّالة لحماية الأشخاص من السكتات القلبية المميتة، والجلطات والأنواع الأخرى من أمراض القلب.

اختبرت الدراسة الكبيرة التي استمرّت عدّة أعوام تأثير الأدوية ذات التركيبات والكميات المختلفة من الأحماض الدهنية (أوميجا 3) على مجموعتين من الأشخاص: مجموعة تعاني من أمراض القلب أو مرض السكري، ومجموعة أخرى تمثّل أشخاص عاديّين.

وجدت كلتا الدراستين أنّ الأشخاص الذين ينتظمون على الأدوية المحتوية على أوميجا 3 كلّ يوم يتمتّعون بحماية ضدّ بعض أمراض القلب والأوعية الدموية مقارنةً مع الأشخاص الذين يأخذون الأقراص التي لا تحتوي عليه.

وبنظرةٍ إلى مكمّل آخر شائع، وهو فيتامين د، فقد وجد الباحثون أنّه لا يمتلك تأثيرًا على أمراض القلب، ولكن وجدوا رابطًا بينه وبين انخفاض أعداد الوفيات بسبب السرطان على مرّ الوقت.

أُصدِرت الدراسة في المؤتمر العلمي للجمعية الأمريكية للقلب 2018 في شيكاغو، ونُشِرت في مجلة نيو إنغلاند للطب.

يتناول حوالي 43 مليون شخص في الولايات المتّحدة الأمريكية العقاقيرَ الخافضة للكوليسترول كي يقلّلوا نسبة الكوليستيرول الضارّ في أجسامهم، وقد وُجِد أنّ هذه العقاقير يرجع لها الفضل في خفض معدّل الإصابة بالسكتات القلبية والجلطات.

لكنّ أمراض القلب مازالت القاتل الأساسيّ للمواطنين الأمريكيين.

في السنوات الأخيرة، حدث تباطؤ في معدّل الانخفاض الطويل الثابت لأمراض القلب، بمعنى آخر؛ زادت نسبة الإصابة بهذه الأمراض.

لذلك فإنّ الباحثين يحاولون الآن إيجاد طرق أخرى للتغلب على أمراض القلب والأوعية الدموية أعمق من مجرّد تغيير النظام الغذائي والتمارين الرياضية وعادات التدخين.

واحدة من الدراسات التي نُشِرت، التي سُمِّيت باختصار REDUCE-IT، حدّدت أنّ الاشخاص المصابين بأمراض قلبية ويتناولون أدوية خافضة للكوليسترول لديهم فرصة أقلّ للتعرّض للأزمات القلبية الخطيرة إذا كانوا يتناولون أيضًا 2 غرام من عقار Vascepa مرّتين يوميًّا.

العقار هو نسخة منقّاة من زيت السمك ويستهدف الدهون الثلاثية-Triglycerides، وهي نوع آخر من الدهون فى الدم.

يمكن أن يؤدّي ارتفاع الدهون في الدم إلى زيادة سماكة وصلابة الشرايين، مؤدّيةً إلى جلطات وأزمات قلبية.

قُورِن الأشخاص الذين أخذوا هذا الدواء بأولئك الذين تناولوا أقراصًا لا تحتوي عليه.

شملت الدراسة أكثر من 8000 شخصٍ.

صُنع الدواء من قبل الراعي لهذه الدراسة Amarin Corp.

وفي أيلول، أعلنت هذه الشركة أنّ الدراسة قد حقّقت أهدافها الأولية.

يقول Deepak L. Bhatt، المدير التنفيذي لبرامج القلب والأوعية الدموية التداخلية ببرجهام وفي مستشفى المرأة ببوسطن، وقائد هذه الدراسة: «من الممكن أن تغيّر النتائج طبّ القلب بنفس الطريقة التي فعلتها الأدوية الخافضة للكوليسترول منذ 30 عامًا».

ويضيف: «في الحقيقة، لقد قمت بالعديد من المحاولات لمدة طويلة، لكنّني لم اشترك في أيّ محاولة تملك هذا التأثير القوي لتحسين حياة عشرات الملايين من الأشخاص».

في عام 2007، حدّدت دراسة كبيرة في اليابان أنّ نفس مكوّن زيت السمك الموجود في REDUCE-IT له تأثير واعد في الحماية ضدّ مشاكل القلب والأوعية الدموية.

لكنّ البحث لم يقارن تأثير هذا المكوّن مقابل العلاج الوهمي، وكان معقّدًا بسبب وجود كمية كبيرة من الأسماك في النظام الغذائي الياباني.

بحثت دراسة أخرى متعلقة بزيت السمك وتُدعى VITAL في تأثير صيغة أخرى من الأحماض الدهنية أوميجا 3 في دواء يدعى Lovaza.

تابع الباحثون حوالي 26 ألف شخص في منتصف أعمارهم من أجل هذه الدراسة.

استنتجت الدراسة أنّ الأشخاص الذين تناولوا الأقراص المحتوية على الدواء أقلّ عرضة بنسبة 28% للأزمات القلبية من أولئك الذين تناولوا الأقراص التي لا تحتوي على الدواء، وأقلّ تعرّضًا بنسبة 8% للأنواع المختلفة من أمراض القلب والأوعية الدموية.

كان التأثير أكثر وضوحًا على المواطنين الأمريكيين من أصول أفريقية، ولكنّ الباحثين الرئيسيين قالوا إنّ هذا الاستنتاج يحتاج إلى دراسة أكثر حتى يتمّ الاعتماد عليه.

وُجِد لدى الأشخاص الذين تناولوا حصصًا من السمك أقلّ من مرّة ونصف أسبوعيًّا انخفاضٌ في عدد السكتات القلبية عندما زادوا استهلاك الأدوية المحتوية على أوميجا 3، لكن ليس هناك انخفاض واضح في الجلطات.

جوان مانسون JoAnn Manson، رئيسة قسم الطبّ الوقائيّ ببرجهام وفي مستشفى المرأة، والتي قادت الدراسة قالت إنّها تدعم منافع أوميجا 3 على صحة القلب.

و قد دعت مانسون النتائج بأنّها «إشارات واعدة» عن استهلاك زيت السمك، لكنّها ليست حاسمة كفاية لإجبار الناس على أخذ الدواء أو مشتقّات زيت السمك.

قالت أيضًا إنّ الدواء آمن بما يكفي لكي يستمرّ به الأشخاص الذين يتناولونه بالفعل وبدون أيّ سبب ليتوقّفوا.

أُعطي الأشخاص المشاركون في هذه الدراسة 840 ميلي غرامًا من الأحماض الدهنية الرئيسية الموجودة في زيت السمك كلّ يوم، والموجودة بنسبة أقلّ في حصّة سمك السلمون الغذائية.

تقول مانسون: «سوف نشجّع على وجود سمك أكثر في النظام الغذائي، والحصول على حصّتين غذائيّتين منه مرّتين في الأسبوع على الأقلّ.

هناك ميزة إضافية لفعل هذا عن طريق النظام الغذائي؛ وهي أنّ السمك يستبدل اللحم الأحمر المشبع بالدهون والأكل المُصنَّع».

صُنِّع دواء Lovaza بواسطة شركة الأدوية البريطانية (GSK)، لكنّه متاح حاليًّا في شكله العام. تمّت هذه الدراسة برعاية المعهد القومي للصحة.

بحثت دراسة VITAL أيضًا في فيتامين د، الذي يُنصَح به لتحسين صحة العظام لدى النساء كبيرات السنّ، وأيضًا لتحسين الصحة العامة للأشخاص الآخرين، ولقد وُجِد أنّ الفيتامين ليس له أيّ تأثير على الأزمات القلبية والجلطات ولا على مرض السرطان أيضًا.

لكنّ استهلاك فيتامين د من الممكن أن يكون له تأثير على انخفاض عدد الوفيات بسبب السرطان، ولكن بعد عامين أو أكثر؛ هكذا وضّحت الدراسة.

اقترحت مانسون أنّه من الممكن لفيتامين د أن يساعد فى منع السرطان من الانتقال لأعضاء أخرى في الجسد أو أن يجعله أقلّ اجتياحًا، لكنّها قالت إنّ هذه الفكرة تحتاج إلى بحث أكثر.

وقالت أيضًا إنّه بالنسبة الأشخاص الذين يأخذون جرعاتٍ بسيطةً من فيتامين د بالفعل، خاصّة إذا كان ذلك بناءً على نصيحة الطبيب، فليس هناك سببٌ يدعوهم لإيقافه.

ولكنّها حذّرت من تناول كميات ضخمة من الفيتامين، أكثر من 5000 أو 10000 وحدة دولية يوميًّا إذا لم يكن قد نُصِحَ به من قبل الأطبّاء، لأنّ سلامته غير معروفة حتى الآن.


  • ترجمة: نسمة عادل
  • تدقيق: اسماعيل اليازجي
  • تحرير: عيسى هزيم
  • المصدر