«إذا نظرت إلى تلك الشاشة لفترة طويلة، ستحصل على عيون مربعة» سئم الكثير من الأطفال من سماع هذه العبارة، في حين أنّها مجرد خدعة يستخدمها الآباء لإبعاد أطفالهم عن التلفاز، فهناك بحث جديد يشير إلى أنّ قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات يمكن أن يؤثّر على جسم الطفل.

تقوم دراسة ضخمة -بقيمة 300 مليون دولار- من قِبَل National Institutes of Health (NIH) ببحث تأثير البقاء محاطًا بشكل مستمر بالشاشات على صحة الأطفال.

يُجري الباحثون مقابلات مع 11000 طفلٍ تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات في 21 مكانًا أو موقعًا بالولايات المتحدة بالإضافة إلى إجراء مسح لأدمغتهم، وسيتواصل إجراء هذه الفحوص لأكثر من عقد من الزمن.

بدأ البحث بالفعل وشاركت الدكتورة غايا داولينج Gaya Dowling التابعة لـ National Institutes of Health (NIH) حديثًا سُميت بعض النتائج بالمجموعة الأولى والتي توصّلت إليها في وقت مبكر في برنامج CBS’ 60 Minutes.

على الرغم من أنّ هذه البيانات حُصِدت بعد دراسة عدد صغير من الأطفال والذي يُقدَّر بـ 4500 طفلًا، ولكن النتائج مثيرة للقلق.

بالاعتماد على عمليات التصوير بالرنين المغناطيسيّ، وجد العلماء أنّ الأطفال الذين يقضون أكثر من سبع ساعات في اليوم أمام الحواسيب المحمولة والأجهزة اللوحيّة ووحدات التحكّم في الألعاب وأجهزة التلفاز لديهم تغيّرات ملحوظة في بنية أدمغتهم بشكل سابق لأوانه وخاصةً بالقشرة الدماغية. وأوضحت الدكتورة داولينج قائلًة: «هذه هي الطبقة الخارجية المتشققة من الدماغ والمسؤولة عن معالجة المعلومات الخاصة بالحواس الخمس».

وأضافت أيضًا: «لا نعرف إذا كان السبب في ذلك هو كثرة الوقت أمام الشاشات ولا نعرف حتى الآن إذا كان الأمر سيئًا أم لا.

لن يُكتشف ذلك حتى نتابع هذه الظاهرة بمرور الوقت وسنرى ما إذا كانت هناك نتائج مرتبطة بالاختلافات التي نراها في هذه العيّنة أو اللقطة الواحدة».

بينما سيتعيّن علينا الانتظار لنرى كيفية تأثير هذا على الأطفال بالشكل الكامل، وجد الباحثون أنّ هناك آثارًا جانبيّة مثيرة للقلق ناتجة عن الجلوس أمام الشاشات لأكثر من ساعتين في اليوم.

كان أداء هؤلاء الأطفال أكثر سوءًا في اختبارات التفكير واللغة، والذي بدوره يشير بأنّ قضاء الكثير من الوقت أمام الشاشات له تأثير سلبيّ على الإدراك.

نظرًا لأنّ الدراسة تهدف إلى التعرّف على تأثير الشاشات على الأطفال في خلال فترة زمنية كبيرة، فلا يزال هناك المزيد من التفاصيل حول النتائج وكيفية تأثيرها على حياة الأشخاص والتي يجب اكتشافها في وقت لاحق.

نحن نعلم بالفعل أنّ هوسنا بالشاشات الخاصة بالأجهزة الحديثة يمكن أن يدمّر صحتنا، لكننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من الأبحاث لتحديد المدى الدقيق.

وجدت دراسة أُجريت في شهر أغسطس أنّ الضوء الأزرق المنبعث من الشاشات الحديثة يمكنه أن يقتل الخلايا الموجودة في الشبكية.

وأظهرت دراسات أخرى أنّ الضوء الساطع للشاشات يعني أن الأطفال والمراهقين لا يحصلون على النوم الكافي وأنّ جودة هذا النوم قليلة جدًا.

تقترح الأكاديميّة الأمريكيّة لطب الأطفال The American Academy of Pediatrics بأنّه يجب إبقاء الأطفال الذين تقلّ أعمارهم عن 18 شهرًا بعيدين عن جميع الشاشات ودردشات الفيديو، في حين يجب على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 2 إلى 5 سنوات استخدام شاشات عالية الجودة لمدّة لا تزيد عن ساعة في اليوم. وأضافت أيضًا أنّ قضاء الوقت أمام الشاشات يجب أن يكون بشكل محدود للأطفال الذي يزيد عمرهم عن ستة أعوام، ولا ينبغي السماح لهم بالتوقف عن ممارسة الرياضة أو النوم.


  • ترجمة: أمجد الخصوصي
  • تدقيق: لبنى حمزة
  • تحرير: محمد سفنجة
  • المصدر