يعتقد الباحثون أن هناك بعض السمات المحددة في الشخصية تجعلها «صحية»، لأنها تؤدي بصاحبها إلى حياة أسعد، بينما تكون سمات أخرى غير صحية، وهذه دراسة جديدة لتوضيح ما هي تلك السمات ولماذا هي صحية أو غير ذلك.

لرسم شخصية أحدهم، يقيِّم السايكولوجيون كم يحرز المشارك في خمس مفاتيح لسمات الشخصية.

تلك السمات هي: الانبساطية، والانفتاح على التجارب، والقبول، والضمير، والعصابية.

وتلك السمات بدورها تحدد العديد من الصفات الأخرى المميزة للشخصية.

يعتقد فريق من الباحثين من جامعة كاليفورنيا- دافيس University of California, Davis، أن بعض الصفات المحددة للشخصية تساهم في تكوين شخصية صحية، بينما تقف الأخرى في طريق تحقيق السعادة والنجاح.

وفي دراسة جديدة منشورة في مجلة Journal of Personality and Social Psychology، يوضح الباحثون أيًا من الـ30 وجهًا لتلك المفاتيح الخمسة المحددة للشخصية تساهم في الشخصية الصحية، وأي منها يرتبط بأنواع أخرى من السلوك.

تقول قائدة الدراسة ويبكي بليدورن Wiebke Bleidorn، الأستاذة المساعدة للسايكولوجيا في جامعة كاليفورنيا-دافيس: «نعتقد أن لنتائجنا تداعيات عملية لتقييم وتحديد الصفات الصحية للشخصية الوظيفية، بالإضافة إلى التداعيات الأعمق حول التكيف السايكولوجي».

وتضيف: «بالإضافة لتوفير وصف شامل عن الشخصيات السليمة سايكولوجيًّا بالنسبة للسمات الأساسيّة.

توفر النتائج والاختبارات أداة تقييم للبحث العلمي حول الشخصية الوظيفية».

مواصفات الشخصية الصحية

أجرى الباحثون الدراسة على جزئين.

سألوا في الجزء الأول خبراء السايكولوجيا حول الوصف الصحيح عن «الشخصية الصحية» باستخدام 30 وجهًا للسمات الخمس المذكورة للشخصية.

وكجزء من عملية سؤال الخبراء تلك، سعى الباحثون للحصول على رأي خبراء السايكولوجيا الإيجابية، وهي فرع من السايكولوجيا يركز على فضائل الشخصيات والسمات الإيجابية، ووجهة نظر طلاب السايكولوجيا الجامعيين.

وفي الجزء الثاني من الدراسة، جمَّع الباحثون وحللوا بيانات 3000 مشارك في الدراسة.

ورسموا لهم شخصياتهم ثم قارنوها بالصفات التي حصلوا عليها من الجزء الأول من الدراسة.

وكما توقع الباحثون، اقترح الخبراء والطلاب الذين سُئلوا في الجزء الأول أن شخصية الفرد الصحية سوف تحرز نتيجة متقدمة في أوجه الشخصية المنتمية إلى سمات الانبساطية والانفتاح على التجارب والقبول والضمير، وعلى نتيجة قليلة نسبيًا فيما يخص العصابية.

وبشكل أدق، يقول الباحثون، أن الملف الذي أنتجه الخبراء يقترح أن الشخصيات السليمة سايكولوجيًّا لديها نتائج متقدمة في الانفتاح على الشعور ونتائج منخفضة في العدوانية والغضب.

ويضيفون أن الأوجه الأخرى المصنَّفة عالميًا كانت الحنان والمشاعر الإيجابية والوضوح والتنافسية.

ومن الأوجه التي قُيمت سلبيًا كانت الميل للاكتئاب والهشاشة النفسية.

تقول بليدورن: «يميل الناس، سواء كانوا خبراء أم لا، إلى معرفة ما يجب أن تكون عليه الشخصية لتكون صحية».

وتبعًا للبحث العلمي، يبدو أن تلك الصفات المفتاحية للشخصية يمكنها أن تساعدنا على التنبؤ بنتائج معينة؛ مثل الحالة الصحية للشخص، والثقة بالنفس والأداء الأكاديمي، وجودة العلاقات، والأداء في العمل.

بعض النتائج المثيرة للاهتمام

بالنظر إلى البيانات المجمَّعة من الجزء الثاني من الدراسة، أكَّد الباحثون أن المشاركين الذين حظوا بشخصيات صحية كانوا أكثر تكيفًا مع الحياة.

كان لديهم ثقة أكبر بأنفسهم، شعور بالوضوح والتفاؤل، ومقت للعنف والسلوك غير الاجتماعي.

كما أنهم كانوا أكثر قدرة على مقاومة المغريات، والسيطرة على سلوكهم، وركزوا على المهمة الموجودة بين أيديهم.

ساعدت الباحثين الصفاتُ غير الصحية لدى بعض المشاركين، مثل النرجسية والسيكوباتية، على صنع فكرة أكثر تفصيلًا عن الشخصية الصحية.

أظهرت النتائج أن الشخصيات الصحية أحرزت نتائج مرتفعة في الشعور بالاكتفاء الذاتي والمجد الشخصي، وبالرغم من أنها صفات مرتبطة بالنرجسية، إلا أنهم أحرزوا درجات منخفضة في مدى استغلالهم للآخرين.

لاحظ المستكشفون اتجاهات مشابهة تُطبق على سمات السيكوباتية.

فقد مال الأشخاص ذوو الشخصيات الصحية إلى إحراز درجات منخفضة في السمات المرضية، مثل السلوك الفاضح ولوم التأثيرات السلبية لأفعالهم على الآخرين.

كما أحرزوا درجات مرتفعة في سمات أخرى أقل ضررًا مثل المناعة ضد التوتر والصراحة.

  • ترجمة: محمد إيهاب
  • تدقيق: مرح منصور
  • تحرير: كارينا معوض
  • المصدر