إن كنت تعتقد أنّ برازك هو مجرد مجموعة من الخلايا الميتة، فعليك إعادة التفكير بالأمر، إذ إنّ معظمه على قيد الحياة، ومليء بالمليارات من المِكروبات الحيّة!

 

وإليك أبرز ما كشفت عنه الدراسات على البالغين الأصحّاء عن التكوين الخاص ببرازنا:

 

الماء

يشكّل الماء نسبة كبيرة جداً من برازنا (حوالي 75%)، مع اختلاف هذه النسبة من شخص إلى آخر، إذ يمتلك براز النباتيين النسبة الأكبر من الماء، في حين أن أولئك الذين يستهلكون كميات أقل من الألياف النباتية وأكثر من البروتين يملكون نسبة أقل من الماء في برازهم.

تمتلك الألياف قدرة عالية على خزن المياه، وتجعل برازنا أكثر ضخامة، كما تزيد من تواتر (تكرار) حركة الأمعاء، وتجعل عملية المرور من هذه التحرّكات أسهل.

إنّ الـ 25% الآخرى من البراز هي مواد صلبة، عضوية بمعظمها (أي متعلّقة بالمادّة الحيّة)، وفيها نسبة ضئيلة من المواد اللاعضوية مثل: الكالسيوم، الفوسفات، الحديد، والعناصر الجافّة من العصارات الهاضمة، إضافة إلى أن حوالي 24-25% من المادّة العضوية مكوّنة من المِكروبات (الحيّة والميّتة)، مثل: الجراثيم، والفيروسات.

 

المِكروبات

تمّت دراسة الجراثيم الموجودة في البراز على نطاق واسع، ويُقدّر عددها بحوالي 100 مليار جرثوم في كل غرام واحد من البراز الرطب.

وفي إحدى الدراسات التي بحثت في البراز الموجود في بيئة خالية من الأوكسجين (وذلك لأنّ الأوكسجين يمكنه أن يسبب الضرر لبعض أنواع الجراثيم)، وجدوا أنّ حوالي 50% من الجراثيم كانت جراثيم حيّة! وإنّ الأنواع المختلفة من الجراثيم الموجودة في البراز تؤثّر على صلابة ورخاوة عيّنات البراز، فمثلًا: نجد أنّ جراثيم البريفوتيلا Prevotella، الموجودة في الفم، المهبل، والمعي، موجودة أيضًا في عيّنات البراز الرخوة. كما أنّ نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالألياف يرتبط بقوّة مع وجود هذا النوع من الجراثيم.

في حين نجد أنّ نوعًا آخر من الجراثيم يدعى بالـ Ruminococcaceae – جراثيم معويّة شهيرة تقوم بتفكيك الكربوهيدرات المعقّدة، موجود في البراز القاسي.

لم تحصل الفيروسات على نفس نصيب الجراثيم من الدراسة، وقُدِرَ عددها بحوالي 100 مليون إلى مليار من الفيروسات في كل غرام من البراز الرطب لدى معظمنا.

ويمكن لهذا الرقم أن يتغيّر عند الإصابة بالتهاب المعدة والأمعاء الفيروسي Viral Gastroenteritis، كالذي يحدث عند الإصابة بعدوى نوروفيروس(1) norovirus infections، إذ نجد عندها أكثر من تريليون فيروس في الغرام الواحد من البراز.

 

لدينا أيضًا ما يعرف بـ “العتائق” Archaea، وهي مِكروبات شبيهة بالجراثيم، يمكنها تحمّل أقسى الظروف البيئية والعيش فيها، مثل: الينابيع الحارّة، أعماق البحار، والمياه شديدة الحموضة.

ومن المعلوم وجود بعض أنواع العتائق التي تنتج الميثان في المعي عند البشر، والتي تمثل حوالي 10% من المِكروبات التي لا تعتمد على الأوكسجين في حياتها، وكمثال على هذه العتائق ما يسمى بـ Methanobrevibacter، والتي نجدها في البراز القاسي وفي حالة الإمساك، إذ إنّ الميثان يبطئ الحركة المعوية، والاعتقاد السائد أنّه يوجد حوالي 100 مليون من العتائق في كل غرام واحد من البراز الرطب.

كما نجد أيضًا فطريات وحيدة الخلية (خمائر) في المعي بنسبة 70% لدى البالغين الأصحاء، وتوجد في تراكيز مقدّرة بحوالي مليون مِكروب في الغرام الواحد من البراز الرطب، لكنها لا تشكّل سوى نسبة صغيرة (0.03%) من المِكروبات الكليّة.

 

مواد عضوية أخرى

إنّ بعض المواد العضويّة تحتوي على السكريّات أو مواد نباتية أخرى غير مهضومة، أيضًا بروتينات ودهون غير مهضومة. ولا يحتوي البراز على كميات كبيرة من السكريات، إذ إمعظم ما نأكله منها يتم امتصاصه.

إنّ حوالي 2-25% من المادّة العضوية في البراز يعود إلى مواد حاوية على النتروجين، مثل: البروتين الغذائي غير المهضوم، والبروتين من الجراثيم وخلايا بطانة القولون التي تمّت إزالتها.

كما وتشارك الدهون بحوالي 2-15% من المواد العضوية للبراز، وتعتمد كمية الدهون المفروزة إلى فضلاتنا بشكل كبير على المدخول الغذائي لأجسامنا. وحتى مع عدم وجود مدخول من الدهون إلى الجسم، فإننا سنحصل على مخروج من الدهون في البراز، وتأتي هذه الدهون من الجراثيم على شكل أحماض دسمة قصيرة السلسلة أثناء قيامها بتخمير الطعام. وتضاف هذه الدهون إلى كميات الدهون الغذائية غير المهضومة.

 

جزيئات بلاستيكية

وجدت دراسة حديثة مؤخرًا أنّ الجزيئات البلاستيكية المجهرية من الممكن أن تظهر أيضًا في برازنا عندما نشرب من الزجاجات البلاستيكية، أو نأكل من الأطعمة المغلّفة بالبلاستيك.

أقيمت هذه الدراسة الصغيرة على ثمانية مشاركين تناولوا الطعام والشراب المعرّض للبلاستيك، وتمّ تحديد 9 أنواع مختلفة من الجزيئات البلاستيكية في برازهم.

لكننا ما زلنا بحاجة إلى المزيد من الأبحاث والدراسات التحليلية لفهم الأهمية السريرية من هذه العملية.

 

البراز مختلف في الحالات المرضيّة

لن نجد نفس البراز عند جميع الأشخاص، فقد تؤدي بعض الأمراض مثل: التهاب الأمعاء inflammatory bowel إلى تغيرات في أنواع البكتيريا الموجودة في المعي، وينتج عن ذلك ارتفاع في كمية البروتينات الالتهابية والتي يمكن كشفها في برازنا.

كما قد يُلاحظ وجود الدم في البراز، ومن الممكن أن يشير هذا إلى سرطان الأمعاء، وبالتأكيد ليس السرطان هو السبب دائمًا.

لحسن الحظ، يوجد اختبار فحص يكمنه التقاط وجود الدم في البراز ويؤدي إلى المزيد من التحقيقات عن الأمر من خلال القيام بـ “تنظير القولون” colonoscopy مثلًا.


(1) نوروفيروس: جنس من أجناس الفيروسات، يصيب الإنسان والأبقار والخنازير والفئران.

  • إعداد: وائل المشنتف
  • تدقيق: مرح منصور
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر