إن كنت ترغب البدء بالحمية الكيتونية، عليك نسيان الخبز والحبوب والموز وتقريبًا معظم أنواع الأغذية والوجبات الخفيفة التي تحتوي على الكربوهيدرات، لهذا تعتبر الحمية الكيتونية من أصعب الأنظمة اتباعًا لخسارة الوزن بشكل سريع، إذ تعمل عن طريق خداع الجسم لحرق الدهون عوضًا عن السكريات عبر حرمانه الكامل تقريبًا من الكربوهيدرات.

الهدف في الحمية الكيتونية هو إدخال الجسم في حالة تدعى بالحالة الكيتونية، وفيها يعتمد الجسم على مركبات ناتجة عن استهلاك الدهون تدعى الكيتونات، وبهذا يقوم بحرق الدهون عوضًا عن تخزينها.

عادةً ما يعتمد مستخدمي هذه الحمية على الدهون بنسبة نحو 70% إلى 80% من واردهم الحراري اليومي، مع استهلاك ما لا يتجاوز 20- 50 غرام من الكربوهيدرات فقط –ما يعادل تقريبًا كمية الكربوهيدرات الموجودة في تفاحة واحدة.

ويعد تجنب الكربوهيدرات ضروريَّا للحفاظ على الحالة الكيتونية فإذا أخطأت في النسبة سوف تخرج نفسك بسرعة من حالة حرق الدهون وسيعود جسدك إلى حرق الكربوهيدرات مرة أخرى.

وهنا بعض النصائح إن كنت تنوي اتباع حمية عالية الدسم من طبيب قلب متشكك من جامعة هارفرد، داعم للحمية الكيتونية وما يزال يتبعها منذ ست سنوات، وطبيب من عيادات كليفلاند السريرية.

اكتسب هذا النظام الغذائي الشهرة بسبب المشاهير الذين اتبعوه، وأثنوا على الطريقة التي يكبح فيها شهيتهم، وعلى الصفاء الذهني الذي يبدو أنه يرافقه، بالإضافة إلى إنقاصه محيط الخصر والوزن.

وبالرغم من ذلك، يوجد بعض الانتقادات التي تلحق به من قبل بعض الأطباء الذين يعتقدون أنهم يشاهدون مع هذه الحمية المزيد من حالات حصيات الكلى المؤلمة أو العرضية، ويقلقون حول عدم شرب بعض المتبعين للحمية كميات كافية من الماء أو استهلاك كميات كبيرة من البروتين ما يجعل البول يحتوي على أسيد أكثر.

لكن حتى أخصائيو التغذية الذين يحذرون منه، يميلون لاعتباره جزءًا من نظام ناجح في السيطرة على النمط الثاني من السكري والصرع، إذ توجد أدلة حديثة تقترح أن الأنظمة عالية الدسم قد تحسن من بعض علاجات السرطان، وتساهم في صحة الدماغ، ومع ذلك هذه الأدلة لا تزال بحاجة إلى دعم.

الحمية الكيتونية ليست للجميع

يتوجب على بعض الأشخاص عدم التفكير باتباع هذه الحمية، وبحسب ديفيد هاربر(David Harper) -باحث في أمراض السرطان وأستاذ في علم وظائف الأعضاء، أنه ما يزال على هذا النظام منذ ست سنوات، لكنه يقول أنَّ أي شخص يريد أن يبدأ به عليه التحدث إلى الطبيب أولًا، إذ يقول: «هل يجب أن نضع كل شخص على الحمية الكيتونية؟ لا أعتقد ذلك، لأن تقريبًا ربع الأشخاص لا يحتاجون إليه».

إنَّ الأشخاص الذين عليهم أخذ الحذر منه هم المصابون بمرض الكبد والكلى خاصة، وكذلك النساء الحوامل، وآخرون أيضًا يجب عليهم الابتعاد عنه نهائيًا وهم الذين يعانون من اضطرابات نادرة تجعل عملية استقلاب الكيتونات صعبة، وهي المواد التي يصنعها الكبد عندما يحرق الدهون لاستخدامها كوقود.

ويمكن لمستويات المغنيزيوم أن تنخفض عند اتباع هذه الحمية، كما يمكن أن تعبث بتنوع البيئة الجرثومية المعوية التي تساعدنا على البقاء أصحاء وذلك إن لم يكن متبعو هذه الحمية حذرين.

لذا إنْ اعتزمت اتباع الحمية، تأكد من حصولك على الألياف من الخضراوات الورقية قليلة الكربوهيدرات، بالإضافة إلى شرب كميات كبيرة من المياه.

يمكن أن تكون الحالة الكيتونية دواءً سحريًا لعلاج بعض الحالات المرضية

أهم المنافع المؤكدة من الحمية الكيتونية هي تقليل النوبات الصرعية والالتهاب وفرط استثارة الخلايا العصبية هذا ما شرحه هاربر، وعلى ذلك يمكن للأطفال الذين يعانون من نوبات صعبة السيطرة أن يشهدوا تحسنًا كبيرًا من خلال اتباع النظام الكيتوني بدءًا من عدة أشهر إلى سنتين أو ثلاث سنوات، بعد ذلك يمكنهم العودة إلى نظام غذائي تقليدي مع استمرار الفوائد السابقة، ويضيف د. هاربر: «إنه يغير شيئًا أساسيًا على المستوى الخلوي، وهو أمر رائع».

كما يمكن لهذا النظام الغذائي أن يساعد الأشخاص الذين يعانون من السمنة بطريقة مماثلة، إذ يعمل كزر إعادة تعيين لأولئك الذين يعانون من زيادة مفرطة في الوزن.

يقول د. مارك هايمان (Mark Hyman) وهو طبيب من عيادات كليفلاند السريرية: «إذا كان وزنك يبلغ 300 كلغ، أو إذا كنت مصابًا بالسكري، فقد يكون فعّالًا للغاية في إخراج جسدك من الأزمة الايضية المتواجدة فيه و وضعه في حالة أكثر صحية”، وأضاف: “هناك أدلة كبيرة على أنه يمكنك عكس ما يصل إلى 60٪ من الداء السكري النمط الثاني خلال سنة”.

لا يجب أن تبقى على الحمية الكيتونية مدى الحياة، ولكن التأرجح بين البقاء والخروج منها غير جيد لصحتك.

يحذر الأطباء من الأنظمة شديدة الصرامة كالنظام الكيتوني لأن الالتزام به صعب، وقد اقترحت إحدى الدراسات التي نُشرت عام 2017 في مجلة نيو إنجلاند الطبية (New England Journal of Medicine) أن الاتباع المتأرجح للحمية الغذائية يؤدي إلى عواقب مميتة، وبإمكانه أن يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، بما في ذلك زيادة الوفيات والنوبات القلبية والسكتات الدماغية.

شاركت د. سارا سيديلمان (Sara Seidelmann) -وهي طبيبة أمراض قلب وباحثة تغذية بكلية الطب بجامعة هارفارد- مؤخرًا في إعداد تقرير مثير للجدل حول الدراسات التي تدرس عادات الأشخاص وأنظمتهم الغذائية ومعدلات الوفيات في جميع أنحاء العالم ووجدت أن الأشخاص الذين يتناولون كمية معتدلة من الكربوهيدرات، وخاصةً أولئك الذين يستهلكون المزيد من الحبوب الكاملة والخضراوات، يميلون للعيش لفترة أطول .

كما وجدت أن الأشخاص الذين تمسكوا بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات (والتي غالبا ما تكون ثقيلة اللحم)، أو الأنظمة عالية الكربوهيدرات (أولئك الذين يستهلكون كميات أكثر بقليل من الأرز الأبيض) لديهم متوسط عمر أقصر.

وكانت الخلاصة المهمة من د. سيديلمان هي أن نوعية الحمية لها أهمية أكبر بكثير من عدد الكربوهيدرات التي يتناولها الشخص، إذ تقول: «حاول أن تصنع اختيارات تملأ طبقك بالنباتات، وهذا يشمل الأغذية الكاملة والحبوب الكاملة وأشياء يمكنك التعرف عليها».

لكن سيديلمان تدرك أيضًا أن الحمية الكيتونية يمكن أن تكون استراتيجية ناجحة لإنقاص الوزن طالما أن متبعيها لا يأكلون الكثير من الأغذية المصنعة أو اللحوم الحمراء منخفضة الجودة.

وبمجرد تحقيق الهدف المنشود، تعتقد سيديلمان أن الكربوهيدرات الصحية والنباتية مثل الحبوب الكاملة والفاصوليا يجب أن تُدمج في الوجبات مرة أخرى، إذ تقول: «بمجرد انتهاء مرحلة اتباع النظام الغذائي، قد يكون من المفيد حقًا أخذ وقفة طويلة والتفكير بالخيارات الصحية التي يمكنك القيام بها على مدى حياتك»، ويتفق الخبراء الثلاثة على أهمية الالتزام بنظام غذائي صحي، بدلاً من اتباع نظام يتسبب في انخفاض الطاقة.

يقول د. هاربر: «أول شيء تريد القيام به، وأعتقد أننا نتفق الآن على هذا، هو إخراج السكر من نظامك الغذائي»، كما أنه لا يؤيد التأرجح ذهابًا وإيابًا بين الأنظمة ذات الكربوهيدرات العالية و المنخفضة، في الواقع يعتقد أنه أمر خطير ويضع ضغطًا غير ضروريًا على الجسم، ويضيف: «عندما تبدأ بإضافة وجبات عالية الكربوهيدرات إلى نظامك مرة أخرى، فإن ذلك يوجه جسدك لتخزين الدهون، لأنه يعتقد أنك كنت في فترة صيام».

وفيما إذا قررت أن الحمية الكيتونية جيدة لك، يشدد الخبراء على أن أي خطة صحية يجب أن تتضمن الكثير من المنتجات الطازجة، وكميات محدودة من اللحوم، ومهما كانت نسبة الدهون إلى الكربوهيدرات التي يمكنك الحفاظ عليها بصحة جيدة.


  • ترجمة: دانيا الدخيل.
  • تدقيق: فتاة وزة.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر