لنقل إنك مربي نحل، أحد أخطار مهنتك هي أن تُلدغ أحيانًا، هذا لا يزعجك كثيرًا، ولكن يومًا ما، بينما أنت تقوم بعملك، تصطدم ببعض من النحل – ليست بمشكلة كبيرة، فأنت تقوم بتربية النحل منذ أعوام وقد لُدغت مئات المرات، تقوم بتسيير عملك، ولكن فجأة، تبدأ شفتاك بالانتفاخ مثل الكرواسان، تشعر وكأن لسانك حجر في فمك، حلقك يبدأ بالانسداد، تشعر بالإغماء والحكة بشكل جنوني، يتم نقلك بسرعة إلى المستشفى، ويتطلب الأمر جرعة كبيرة من الأدرينالين وتقطيرًا وريديًا لإعادتك لحالتك الطبيعية.

أنت بخير، لكن يبدو أنك الآن تعاني من حساسية شديدة تجاه النحل، الشيء نفسه قد يحصل للبالغين الذين يكتشفون فجأة أنه يمكن أن يكون لديهم رد فعل شديد تجاه أطعمة مثل المحار، الفول السوداني أو المكسرات، فما الذي يحصل؟

لماذا الحساسيات؟

إنه لمن المهم أولاً أن نفهم لماذا تضطرب أجسامنا إثر الأشياء التي لدينا حساسية تجاهها، فبعد كل شيء، ليس هناك أي خطر متأصل في سم النحل، تمامًا كما أن شطيرة محار وشطيرة زبدة الفول السوداني هما في حد ذاتهما غير مؤذيتين، وإن استجابة الجسم المناعية لهم هي التي يمكن أن تكون خطيرة.

في حالة استجابة الحساسية المهددة للحياة، فهذه الاستجابة تسمى الحساسية المفرطة، ففي حين يمكن أن يقبل النظام المناعي لشخص ما حبة جوز على أنها مجرد مصدر للعناصر الغذائية، يمكن للنظام المناعي لشخص آخر أن يقرر أنه مجتاح غريب في قمة الخطورة، فالنظام المناعي معقد للغاية، ويبقى سبب اتخاذه لمثل هذه القضية الحازمة تجاه مواد معينة لغزًا محيرًا للعلماء.

إن رد فعل متعلقة بحساسية حادة يحصل عندما يصادف نظامك المناعي بروتينًا لا يتعرف عليه ويمر لحالة إنذار قصوى، مسببًا بذلك انفجار خلايا الدم البيضاء المتخصصة المسماة بخلايا ماست المناعية، ما يسبب إغراق الجسم بالمواد الكيماوية.

المادتان الكيماويتان المعروفتان أكثر هما التريبتاز والهيستامين ( وهو سبب أخذك لمضاد الهيستامين لصد ردود فعل الحساسية)، كلتاهما تُطلقان بجسمك لمساعدتك على النجاة من نوبة، ولكن بما أنه ليس هناك عدو حقيقي لصده، فإنه من الممكن أن تتدخلا في ضغط دمك، أو تسببا تضخمًا في مخارج التنفس لديك، أو أن تضرا بمعدتك، إلى غير ذلك، ورد الفعل هذا قد يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة.

الأزهار متأخرة التفتح

إن الحساسيات- خاصة حساسيات الطعام- هي منتشرة أكثر لدى الأطفال، ولكن تظهر الأبحاث أن الحساسيات لدى البالغين هي أكثر انتشارًا مما كنا نظن سابقًا.

تقول الدكتورة تانيا إليوت Tania Elliot، المتحدثة باسم الهيئة الأمريكية للحساسية، الربو وعلم المناعة: «إن الحساسيات تصيب ما يصل إلى 30 بالمئة من البالغين».

وبينما هي منتشرة أكثر لدى الأطفال، فإننا نرى ذروتين اثنتين: الأولى عند الأطفال في سن التمدرس، وأخرى في الأعمار ما بين 17 و35 سنة، وحساسيات الطعام هي منتشرة لدى الأطفال – ما يقارب 8 بالمئة في مقابل 2 إلى 4 بالمئة لدى البالغين، ومع ذلك، فإن الحساسية تجاه القشريات منتشرة أكثر لدى البالغين.

و لكن الحساسيات تنشأ عند الأشخاص – الأطفال والبالغين- الذين لم يعانوا من حساسيات من قبل ببساطة لأنه متى تعود جسمك على شيء فإنه يتذكر ذلك، والنظام المناعي معروف بكونه حامل الأحقاد، وذاكرته تدوم على المدى الطويل. فمثلاً، إن لسعة نحلة لمرة واحدة هي كل ما يتطلبه الأمر لوضع النظام المناعي في حالة إنذار، قد يقرر أنه ليس بالأمر المهم وأن يتركه يمر، أو يمكن أن يقرر أنه لم يرق له ما رآه من سم النحل ذاك ويسجل ملاحظة أن يضطرب في المرة القادمة التي يصادفه فيها.

تقول إليوت: «وليس من الممكن توقع ما إذا كان رد الفعل القادم سيكون مهددًا للحياة، أم لا». وتضيف: «في الواقع، حتى إذا كنت قد واجهت رد فعل كبيرًا في السابق، فإن هذا لا يعني أنه سيزداد سوءًا كل مرة، فكلما ازداد عدد المرات التي تتعرض فيها للسعة نحلة، تكون معرضًا لرد فعل مبني على احتمال محض، ولكن ليس لأن نظامك المناعي جاهز لأن يكون له رد فعل».

متحسس مرة، متحسس للأبد

إذن، لكي تكون لديك حساسية تجاه شيء ما، يجب أن يكون نظامك المناعي معتادًا عليه، ومتى تعرضت لخطر مثل لحم السلطعون أو الفستق، ستكون متحسسًا تجاهها مدى الحياة.

تقول إليوت: «بالنسبة لحساسيات الطعام، متى تعرضت لرد فعل، فهناك خطر أكثر لأن تصاب بآخر أكثر شدة – حتى إذا تناولت مقدارًا ضئيلاً من هذا الطعام»، وتتابع: «إذا كانت لديك حساسية تجاه شيء واحد في محيطك، ولا يتم علاجها، فإنك معرض لتطوير حساسية تجاه شيء آخر في محيطك أيضًا، فالحساسيات تميل إلى التقدم مع الوقت.

إذن في الموسم الأول، يمكن أن تكون حكة في العيون، في الموسم التالي، سيلان في الأنف، في الموسم الذي يليه، مشاكل في الجيوب الأنفية ومزيد من العدوى، وحتى الربو».

الخبر الجيد هو أنه هناك أشكالًا من العلاج المناعي التي يمكن أن تساعد في التخلص من سموم الحشرات (النحل، والزنابير، والنمل الناري) وحساسيات بيئية وهوائية مثل الأشجار، الأعشاب، الأعشاب الضارة وعث الغبار.

تقول إليوت: «إننا نقوم بخطوات عظيمة في علاج الحساسيات تجاه الطعام أيضًا».

هناك نظرية عن سبب زيادة الحساسية والربو حول العالم، تسمى بـ “فرضية النظافة”.

إنها تقترح أن نظام المناعة لدينا لا يواجه الكثير في بيئاتنا النظيفة للغاية والخالية من العوامل الممرضة لدرجة أنه يجد صعوبة في معرفة ما هو خطير فعلًا.


  • ترجمة: إكرام ناجي
  • تدقيق: محمد قباني
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر