هناك العديد من الأشياء الغامضة على الحدود البعيدة لكوننا في طوره البدائي والذي بدأنا اكتشافه للتو، لكنَّ هذا العنقود المجريَّ فريدٌ من نوعه فقد تشكّل على بُعد 11 مليار سنة؛ أي 2.3 مليار سنة من نشأة الكون.

إنَّ (العنقود المجريّ الهائل – Supercluster) عبارةٌ عن مجموعة من المجرات، مثل عنقود العذراء المجريّ الذي يتكوّن من 1300 إلى 2000 مجرة تقريبًا، ويبعد عنا 59 مليون سنة ضوئية.

إنه أكبر وأضخم بنية عُثر عليها في وقتٍ مبكرٍ جدًا من الكون، تشير الأدلة إلى أنها أكثر ضخامة من مليون مليار شمس.

أطلق علماء الفلك عليه اسم (العملاق هايبريون- Hyperion)، نسبةً إلى واحدٍ من اثني عشر وُلِدوا للآلهة أورانوس وجايا.

هذه أول مرة يُحدّد فيها ذلك الهيكل الكبير، ويسجّل فيها هذا الارتفاع الشديد في درجة الحرارة، بعد أكثر من ملياري سنة من الانفجار العظيم.

قال عالم الفلك أولغا كوتشياتي: «عادةً ما تُعرف هذه الأنواع من الهياكل بانزياحاتٍ حمراء أقل، ما يعني أنَّ الكون كان لديه الكثير من الوقت لبناء وتطوير مثل هذه الأشياء الضخمة.

وإنه لمن المفاجئ أن نرى شيئًا تطوّر عندما كان الكون صغيرًا نسبيًا».

في حين تشير التقديرات إلى أنَّه لم يُرصد لأيٍّ من العناقيد المجرية -التي يزيد عددها في الكون المرئي عن 10 مليون- نصف البُعد الذي بلغه الهايبريون، فقد اكتشِف منذ عامٍ فقط أبعد عنقودٍ مجريّ هائل في التاريخ على مسافة 4 مليار سنة ضوئية عنّا.

حددت كونشياتي وفريقها العنقود المجري العملاق أثناء عملية التشكيل باستخدام بياناتٍ من تلسكوب هابل الفضائي عن طريق مسحٍ يُسمى بـ VIMOS Ultra Deep-field Survey.

وبجمع تلك البيانات مع انزياح الجزء الأحمر من (مسح كوزموس- zCosmos survey)، استطاع الفريق تحديد الأبعاد الثلاثة ودراسة تعقيداتها.

وجدوا أنَّ الهايبريون معقد، ومشابهٌ في الحجم للعنقود المجريّ القريب من الأرض الحاوي على 47 ألف مجرة تقريبًا.

قال عالم الفلك بريان من جامعة كاليفورنيا: «إنَّ العناقيد المجرية الهائلة القريبة من كوكب الأرض لديها توزيعٌ مركزٌ لكتلتها، مع بنيةٍ هيكليةٍ واضحة.

في الهايبريون، تُوزّع الكتلة بشكلٍ أكثر انتظامًا في سلسلةٍ من النقاط المتصلة التي تتكوّن من روابط من المجرات».

يرى الفريق أنَّ العناقيد المجرية الهائلة القريبة منا استغرقت الكثير من الوقت لتجذب مجراتها بشكلٍ متقارب وتجعلها في مجموعاتٍ منفصلة.

وهذا ما قد يساعدنا في فهم تطورّ العنقود المجري الهائل بالتدريج، إذ من المرجّح أن يرتّب هايبريون على مدار مليارات السنين نفسه في بنيةٍ مشابهة.

قالت عالمة الفلك كوتشياتي: «إنَّ فهم هايبريون ومقارنته مع هياكل حديثة مشابهة يمكن أن يعطي رؤية عن كيفية تطور الكون في الماضي وكيف سيتطور في المستقبل، ويتيح لنا الفرصة لتحدي بعض نماذج تكوّن العنقود المجري الهائل.

إنَّ اكتشاف هذه البنية الكونية الهامة يساعد على كشف تاريخ هذه الهياكل ذات النطاق الواسع».


  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجد
  • المصدر