يشحب لون وجهك في المواقف الخطيرة لأن جسدك يبدأ بإرسال الدمّ من الأعضاء غير المهمة إلى الأعضاء التي تحتاج إليها كثيرًا عندما تواجه موقفًا قاتلًا أو يستدعي الهرب.

لذلك، إذا رأيت كلبًا يطاردك، فإن وجهك سوف يشحب لأن جسدك يرسل الدم مباشرةً إلى أعضاء الجسم التي تحتاجها للتعامل مع التهديد الحالي مثل الذراعين والساقين.

هل سبق أن كنت في وضع تعلم فيه أنك في شكل من أشكال الخطر المباشر؟

إليك بعض السيناريوهات الافتراضية:

الموقف الأول: أنت تسير في شارع مهجور في ساعات الصباح الأولى، وفجأة ترى بضعة رجال يسيرون خلفك بسرعة، قد لا يكونون مؤذيين أبدًا، لكن قد يكون لديك هذا الشعور بالخوف بأنهم يتبعونك وقد يهاجمونك في أي لحظة، نتيجة لذلك فإنك تسرع في الخطو أو حتى تبدأ في الجري.

الموقف الثاني: أنت جالس بين الجمهور عندما ينادي أحد ما من المسرح باسمك ويطلب منك الظهور والتحدّث إلى الجمهور ومشاركة رأيك بشأن طرق جديدة للمحافظة على اقتصاد وطني قوي.

الموقف الثالث: تستيقظ ولديك آثار ثمالة كريهة بعد ليلة من الشرب الجائر.

تفرك عينيك، تتجه إلى الحمام لتريح نفسك، وأثناء ذلك ترى من زاوية عينك نمرًا ناضجًا يجلس هناك بكل عظمته.

حسنًا، يجب أن أعترف بأن السيناريو الأخير من غير المرجح حدوثه في الحياة العادية، لكنه ليس مستحيلًا، خاصةً في أفلام هوليوود.

إن موضوع كل هذه السيناريوهات هو نفسه: القلق، التوتر والخوف، الأشياء التي تتولد من المفاجأة ومن عدم التوقع لمثل هذه الأحداث.

في مثل هذه المواقف، نحن نشحب عادةً، ولكن لماذا يحدث هذا بالضبط؟

الجهاز العصبي الودي ونظير الودي

لدى الجسم البشري نمطان من الأجهزة العصبية الذاتية -يطلق عليها اسم «ذاتية» لأننا لا نستطيع التحكم بها- وهما: الجهاز العصبي الودي ونظير الودي.

الجهاز العصبي الودي مسؤول عن تنظيم العديد من آليات التوازن الداخلي لدى الكائنات الحية، بما في ذلك البشر.

لكنه معروف بالتعامل مع استجابات الجهد الهرموني والعصبي المعروف باسم استجابة «قاتلْ أو اهربْ».

ينشط الجهاز العصبي الودي باستمرار على المستوى الأساسي للحفاظ على الاستتباب (التوازن) الداخلي، أي حالة الظروف الجسدية الداخلية المستقرة والثابتة، وهي العملية الأساسية في تحفيز استجابة «قاتلْ أو اهربْ» في الجسم.

من أجل مساعدتك على وضع هذا في منظور، فكر فيما يلي: يعمل جسم الإنسان بشكل أساسي في وضعين: وضع الهدوء ووضع الحماس، فيكون في وضع هادئ عندما تكون جالسًا أو مستلقيًا أو تقوم بنشاطات طبيعية تمامًا أو غير مجهدة ومتوقعة، مثل القراءة أو الأكل… وغيرها.

وتنتقل إلى وضع الحماس عندما تجهد نفسك جسديًا، مثل رفع الأثقال والركض.

تختلف آلية توزيع الدم في جميع أنحاء الجسم لكل من هذين الوضعين.

استجابة «قاتلْ أو اهربْ»

عندما تواجه فجأة خطرًا ما، ومن الممكن أن يكون ضارًّا، ينتقل جسمك بسرعة من وضعية الهدوء إلى الحماس.

وفقًا لذلك، فإن آلية توزيع الدم تصبح في حالة نشاط.

العلامات الأكثر وضوحًا لهذا التحول تشمل شحوب لون وجهك، جفاف فمك، وحتى برودة يديك في بعض الحالات، ويحدث ذلك من أجل التعامل مع هذا الخطر أو التهديد المباشر.

لا يتوجب عليك استخدام (الوجه الخجول – blushy face) المعتاد في هذا السيناريو.

على العكس، ما ستحتاجه هو القوة بقدر ما تستطيع.

من أجل تحقيق ذلك، يقوم الجهاز العصبي نظير الودي بتحويل تدفق الدم إلى الأطراف البعيدة ويخفض مؤقتًا إمدادات الدم إلى الأعضاء والعمليات الجسدية غير الضرورية لمواجهة مثل تلك التهديدات بشكل محدّد.

هذا هو السبب وراء جفاف فمك عندما تكون خائفًا، لأن استجابة «قاتلْ أو اهربْ» تعرقل عملية الهضم لديك وبالتالي تجفّف اللعاب في فمك.

تطلق الحالات الخطرة استجابة «قاتلْ أو اهربْ» في الجسم، والنتيجة المباشرة لذلك هي تحرير هرمون الأدرينالين في مجرى الدم ويكون تأثير هذا الهرمون هو زيادة التعرّق، جفاف الفم، اتساع حدقة العين، تحسين حاسة الشم، و شحوب بالبشرة.

يقلّ تدفق الدم إلى سطح الجسم، وهي أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل وجهك شاحبًا أثناء مواجهة عصبية أو مخيفة مع شخص أو شيء ما.


  • ترجمة: وفاء أبو الجدايل.
  • تدقيق: علي فرغلي.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر