دراسة نُشرت مؤخرًا توضَّح المنطقة المُكتَشفة حديثًا في الدماغ، والمسئولة عن تثبيط الخوف، الأمر الذي يُعد له نتائج مهمّة في علاج اضطراب ما بعد الصدمة.

طبقًا للاستنتاجات الحديثة، هناك ما يقارب نسبة 3,6% من السكان البالغين في الولايات المتحدة الأمريكية عانوا (اضطراب ما بعد الصدمة – PTSD¹) في العام الماضي، في حين أن هناك 7% منهم مرّوا بهذه الحالة في مرحلة ما من حياتهم.

تُشير الإحصائيات أيضًا أن ما يقارب نصف البالغين في الولايات المتحدة حدث لهم حادث صادم واحد على الأقل في حياتهم، لكنهم لم يمرّوا جميعًا بأعراض اضطراب ما بعد الصدمة، والتي تشمل ذكريات مروّعة عن الصدمة، واضطرابات النوم، وصعوبة في مواجهة الخوف.

العلاجات الحالية لاضطراب ما بعد الصدمة تشمل الأدوية وبعض الأنواع المختلفة من العلاج السلوكي، مثل (العلاج بالتعرض – exposure therapy)، و(العلاج بالكلام – talking therapy)، وبالرغم من ذلك، فإن معظم الأدوية المُستخدمة تستهدف جميع خلايا الدماغ دون تمييز، كما أن العلاج السلوكي لا يمنع انتكاس المرض.

لكن دراسة أُجريت مؤخرًا قد تقرّب العلماء خطوة من تطوير علاجات أكثر فعالية وكفاءة، وطويلة المدى.

قام بالدراسة مجموعة من الباحثين، على رأسهم ستيفن مارين، أستاذ العلوم النفسية وعلوم الدماغ في (جامعة تكساس أي اند إم، كوليج ستيشن – Texas A&M university in College Station)، وقد تمكن الفريق من اكتشاف منطقة جديدة في (مهاد المخ – thalamus) مسؤولة عن التحكم في استجابتنا للخوف.

وعلى الرغم من أن الدراسة أُجريت على الفئران، فالنتائج تُلقي الضوء على كيفية استجابة الدماغ البشري للخوف وكذلك على العلاجات الجديدة المُقترحة لاضطراب ما بعد الصدمة.

في البداية، استخدم الفريق خمس نغمات مسموعة مقترنة بصدمات كهربائية معتدلة تم توصيلها بأقدام الفئران، ما أثار مشاعر الخوف لدى الفئران وخلق استجابة بافلوفية 2، كذلك قام الفريق بتصوير عملية التعبير الجيني لجين c-Fos 3 لتتبّع النشاط العصبي للفئران.

بعد ذلك، تم تعريض الفئران تدريجيًا للنغمات الخمس ولكن لفترات ممتدة، الأمر الذي يُعادل (العلاج بالتعرض – exposure therapy) لدى الفئران.

لاحظ العلماء زيادة نشاط الخلايا العصبية الموجودة في (النواة الاتحادية – nucleus reuniens) الخاصة بالفئران، خاصة في حالة توقع وجود مُحفزات الألم، ما يُشير إلى قمع الخوف.

استُخدِمت أيضًا أدوات من (الصيدلة الجينية – pharmacogenetic)، تُعرف هذه الأدوات باسم (المُستقبلات المُصممة خصيصًا ليتم تنشيطها من قبل أدوية معينة – DREADD)، من أجل تثبيط (الخلايا العصبية الإسقاطية – projection neurons) الموجودة في القشرة المخّية.

ترتبط هذه الخلايا بما يعرف باسم (النواة الاتحادية – nucleus reuniens)، وقد أظهرت النتائج أن تثبيطهم في الفئران أدى إلى تثبيط الخوف.

يعلم الباحثون مسبقًا بوجود علاقة تربط بين الاثنين، (النواة المهادية الاتحادية – thalamic nucleus reuniens) تستقبل إسقاطات كثيفة من القشرة الأمامية الجبهية الوسطى، ويمكن أن يكون لها دور مهم في تنظيم التعلّم العاطفي والذاكرة.

بالرغم من ذلك، فقد أظهرت النتائج الحديثة أن لها دورًا مهمًا أيضًا في إخماد الاستجابة البافلوفية لدى الفئران.

يعلّق ستيفن مارين في النهاية: «إذن، توصلنا إلى أن الإسقاطات القادمة من القشرة الأمامية الجبهية إلى النواة الاتحادية المهادية لها دور هام في تثبيط الخوف، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب أمام علاجات وأدوية جديدة للاضطرابات النفسية».


  • ¹ اضطراب ما بعد الصدمة: حالة صحية عقلية تحدث نتيجة للمرور بحدث مخيف، تتضمن الأعراض استرجاع الحادث، الكوابيس والقلق الشديد، وصعوبة في التأقلم والتكيف بعد الحادث.
  • ² الاستجابة البافلوفية أو الاشراط الكلاسيكي: مصطلح في علم النفس السلوكي، يوضح إحدى أشكال التعلم الترابطي عند الأطفال، عن طريق وجود منبه خارجي يستحضر منبهًا آخر.
  • ³ التعبير الجيني: العملية التي تُنسَخ من خلالها المعلومات الموجودة في الحمض النووي الريبي وترجمتها إلى بروتين.

  • ترجمة: شيماء ممدوح
  • تدقيق: علي فرغلي
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر