محرّك الأرض في حالة ركود

إنّ الأرض في حالة تدفقٍ مستمر، على مدار نطاق زمنيّ جيولوجيّ من ملايين ومليارات السنين، تَصعد الصخور الساخنة من نواة الكوكب المنصهرة، وترسب الصخور الأبرد.

ولكنّ هذا التبادل الأبديّ الزاحف قد كُسِر، شيء ما عَطَّل النظام – والذي يُدعى ” الحمل الحراريّ للدثار” – مؤديًا إلى ظاهرة جيوفيزيائيّة غريبة يُطلِق عليها العلماء اسم “الألواح الراكدة”.

هذه الألواح هي كتلٌ عملاقة من الصفيحة المحيطيّة المُستَخفَضة – والتي تعلق بشكلٍ ما أثناء هبوطها البطيء إلى الهاوية – وكأنّها تُدرِك أنّها خُدِعَت عند قبول تذكِرة للعالم السفليّ.

الآن، يعتقد فريق من الباحثين من جامعة كولورادو بولدر أنّهم يمتلكون تفسيرًا لذلك اللّغز الغريب الراكد.

يشرح المؤلف المشارك للأبحاث الجديدة، الفيزيائيّ (شيجي زونج – Shijie Zhong) قائلًا: «يُمكنك اعتبار هذا الحمل الحراريّ للدثار كمحرّكٍ كبير يقود كلّ ما نراه على سطح الأرض: الزلازل، وتكوّن الجبال، والصفائح التكتونيّة، والبراكين، وحتّى مجال الأرض المغناطيسيّ».

كما أضاف «يَقترِح بحث جديد أنّ القصة قد تكون أكثر تعقيدًا مما اعتقدناه سابقًا».

درست العديد من الجهود البحثيّة تلك الظاهرة على مدار العقد الماضي، ولكن لا يزال العلم وراء الألواح الراكدة مثيرًا للنزاع.

في ورقتهم الجديدة، يقدّم زونج وزميله الباحث (وي ماو – Wei Mao) جَانِبًا افتراضيًا جديدًا: طبقة من مادةٍ حاجبة، تقع على حدود الوشاح العلويّ والسفليّ للكوكب، وتقع على بعد حوالي 660 كيلومترًا (أيّ حوالي 410 ميل) تحت السطح.

لوحظت هذه الظاهرة في غرب المحيط الهادئ، قبالة الساحل الشرقيّ لليابان وتحت خندق ماريانا.

على عكس مناطق الاندساس حول أمريكا الشماليّة والجنوبيّة، فإنّ هذه الألواح في آسيا «ببساطة لا تهبط»، كما قال زونج.

عندما تركد الألواح، فإنّها تنتشر أُفقيًا في هذا العمق، والذي يعرف باسم المنطقة الانتقاليّة.

باستخدام المحاكاة الحاسوبيّة مع نموذج الحمل الحراريّ للدثار العالميّ، قام الباحثون بحساب سلوك الألواح الراكدة بالقرب من اليابان والفليبين.

ووفقًا للنموذج، يقترح الفريق تثبيتَ طبقةٍ رقيقةٍ من الصخور الأقل لزوجة بين شطريّ المنطقة الانتقاليّة في الوشاح، ما سيؤدي إلى انحراف الألواح النازلة من الغلاف الصخريّ المحيطيّ أثناء رحلتها نحو الأسفل.

يقول زونج: «إن أدخلت طبقةً ضعيفةً في هذا العمق، فإنّ اللزوجة المُخفّضة ستساعد بطريقةٍ أو بأخرى على تليين المنطقة»، وأضاف: «تنحرف الألواح وتستطيع الاستمرار في التحرّك لمسافة أطول أُفقيًا».

تلك الإعاقة في الوشاح ليست دائمة – كما يعتقد الباحثون – وتُعتَبَر أيضًا حديثة الوقوع داخل الأرض نسبيًا.

على الرغم من ذلك، فإنّ هذا يعني أنّها – بالنظر إلى مقاييس الوقت الملحميّة المُتضمنة في العلوم الجيوفيزيائيّة – ظهرت في وقت ما «في آخر 20 مليون سنة» كما يوضّح زونج.

لا أحد يعلم ببساطة متى ستخترق تلك الألواح الراكدة هذا الشذوذ المؤقت – كما يتنبأ الباحثون – ولكنّ بالنظر إلى التقدّم الكليّ في هذا المجال من العلوم، لا تنتظر حدوث ذلك قريبًا.


  • ترجمة: محمد صلاح الدين إبراهيم
  • تدقيق: آية فحماوي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر