الفلور هو العنصر الأكثر تفاعلًا في الجدول الدوري، كما أنّ له تاريخٌ عنيف عند السعي لاكتشافه. وعلى الرغم من الخصائص الصعبة – والمتفجّرة أحيانًا- فإنّ الفلور عنصر حيوي للبشر والحيوانات، وهذا هو السبب لوجوده الشائع في مياه الشرب ومعجون الأسنان.

الحقائق فقط:

العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 9
الرمز الذري (على الجدول الدوري للعناصر): F
الوزن الذري (متوسط كتلة الذرة): 18.998
الكثافة: 0.001696 غرام لكل سنتيمتر مكعب
الحالة في درجة حرارة الغرفة: غاز
نقطة الانصهار: 363.32- درجة فهرنهايت (219.62- درجة مئوية)
نقطة الغليان: 306.62- درجة فهرنهايت (188.12- درجة مئوية)
عدد النظائر (ذرات نفس العنصر مع عدد مختلف من النيوترونات): 18 ذرة
النظائر الأكثر شيوعًا: -19 (الوفرة الطبيعية 100٪)

تاريخه

حاول الكيميائيون الأوائل – لسنواتٍ- عزل هذا الغاز عن العديد من الفلوريدات. ولكنّ الفلور لايوجد في الطبيعة بشكلٍ حُرّ ولايمكن لأي مادة كيميائية أن تُحرّره من مركبّاته، وذلك يعود لطبيعته التفاعلية.
لعدة قرون، اُستخدم الحجر الفلوري (فلوريد الكالسيوم البلوري المعدني) في تكرير المعادن. يُعرف اليوم باسم (فلوريد الكالسيوم- CaF2) وقد اُستخدم كمُسيّل لفصل المعدن النقي عن المعادن الأخرى غير المرغوبة في المادة الخام، وفقًا لما ذكرته (Chemicool). يأتي الفلور من الكلمة اللاتينية (Fluere) أي «التدفق» لأن الحجر الفلوري يسمح للمعادن القيام بذلك. وكان يسمّى أيضًا «الزمرد البوهيمي» وكان يستخدم في حفر الزجاج، وفقًا لمختبر جيفرسون.
على مدى العقود، حاول العديد من العلماء تجربة الحجر الفلوري لتعلّم خصائصه بشكل أفضل، بالإضافة إلى تكوينه. وغالبًا ما كانوا ينتجون في تجاربهم حمض الفلوريد المعروف اليوم باسم (حمض الهيدروفلوريك- HF) وهو حمضٌ متفاعل بشكل خطير وفعّال. حتى البقع الصغيرة لهذا الحمض على الجلد يمكن أن تكون قاتلة. حيث أُصيب العديد من العلماء أو عُميوا أو قتلوا في بعض التجارب.
في أوائل القرن التاسع عشر، ناقش العالميّن (أندريه ماري أمبير) في فرنسا و(همفري ديفي) في إنجلترا، إمكانية وجود عنصر جديد داخل الحمض. وفي عام 1813م أعلن (ديفي) اكتشاف العنصر الجديد، وأُطلق عليه اسم «الفلور» باقتراح (أمبير).
عزل الكيميائي الفرنسي (Henri Moissan) الفلور عام 1886م بعد أن تم سجنه عدة مرات في سعيه لهذا. وقد تم منحه جائزة نوبل عام 1906م لعزله الفلور باستخدام التحليل الكهربائي لفلوريد هيدروجين البوتاسيوم الجاف (KHF2) وحمض الهيدروفلوريك الجاف.

استخدامات الفلور

لعدة سنوات، تم استخدام أملاح الفلور أو (الفلوريدات) في لِحام وتغبيش الزجاج. وعلى سبيل المثال، يستخدم حمض الهيدروفلوريك لحفر زجاج المصابيح.
والفلور هو عنصر حيوي في صناعة الطاقة النووية، وفقًا للجمعية الملكية. حيث يتم استخدامه لصنع سداسي فلوريد اليورانيوم، وهو ضروري لفصل نظائر اليورانيوم. سداسي فلوريد الكبريت هو غازٌ يستخدم لعزل محولات الكهرباء عالية الطاقة.

كانت المركبات الكلوروفلوروكربونية (CFCs) تُستخدم سابقًا في عبوات الغاز المضغوط، والثلّاجات، ومكيفات الهواء، وتغليف المواد الرغوية، وطفايات الحريق. وقد تم حظر هذه الاستخدامات منذ عام 1996م لأنها تسهم في نفاذ طبقة الأوزون، وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة. قبل عام 2009م، اُستخدمت المركبات الكلوروفلوروكربونية في أجهزة الاستنشاق للسيطرة على الربو، ولكن تم التخلص التدريجي من تلك الأنواع في عام 2013م.

يستخدم الفلور في العديد من المواد الكيميائية الفلورية، بما في ذلك المذيبات واللدائن ذات درجة الحرارة العالية، مثل (التفلون- PTFE). يُعرف التفلون جيدًا بخصائصه غير اللاصقة حيث يُستخدم في أواني القلي لمنع التصاق الطعام. كما أنه يستخدم في عزل الكوابل، وشرائط السبّاكة، كأساس لمادة (®Gore-Tex) المُستخدمة في الأحذية والملابس المضادة للماء.

كما يُضاف الفلور إلى إمدادات مياه المدن، وذلك بنسبة حوالي جزء واحد لكل مليون، للمساعدة في منع تسوس الأسنان، وفقًا لمختبر جيفرسون. كما تتم إضافة العديد من مركبات الفلورايد إلى معجون الأسنان، وأيضًا للمساعدة في منع تسوس الأسنان.

الآثار الصحية والبيئية للفلور

على الرغم من أنّ البشر والحيوانات مُعرّضون ويحتاجون لكميات صغيرة من الفلور، فإنّ أي كمية كبيرة ستكون سامّة وخطيرة بشكل كبير. يمكن أن يوجد الفلور بشكل طبيعي في الماء والهواء والنباتات والأغذية المحتوية على اللحوم بكميات صغيرة، وفقًا لشركة (Lenntech). أمّا الكميات الأكبر من الفلور فتوجد في بعض المنتجات الغذائية كالشاي والمحّار.

بيد أن الكميات الصغيرة من الفلور ضرورية من أجل الحفاظ على قوّة عظامنا وأسناننا، فإنّ الكميات الكبيرة يمكن أن تقود لآثار عكسية وتُسبّب هشاشة العظام وتسوّس الأسنان، بالإضافة لإمكانية إيذاء الكليتين والأعصاب والعضلات.

في شكله الغازي، يُعتبر غاز الفلور خطيرًا بشكلٍ لا يصدق. حيث يمكن لكميات صغيرة من غاز الفلور أن تُسبّب تهيّج العين والأنف، في حين أن مقاديرًا أكبر يمكن أن تكون قاتلة، وفقًا لشركة (Lenntech). كما أنّ حمض الهيدروفلوريك – كمثال آخر- يمكن أن يُميت أيضًا عندما يُرشّ القليل منه على الجلد، وفقًا لـلموقع الالكتروني (Chemicool).
يستقرّ الفلور – العنصر الـ13 الأكثر وفرةً- في قشرة الأرض، عادةً داخل التربة، حيث يندمج بسهولة مع التربة والصخور والفحم والطين. ويمكن أن تمتص النباتات الفلور من التربة، على الرغم من أن التركيزات العالية قد تُسبّب ضررًا. فعلى سبيل المثال، تُعتبر الذرة والمشمش من بين النباتات الأكثر عُرضةً للضرر والحد من النمو عند تعرضها لمستويات مرتفعة من الفلور.

من كان يعلم؟

• يجب التعامل مع الفلور بعناية شديدة لأنه يمكن أن ينفجر أحيانًا، إذا تفاعل مع العناصر الأخرى، بما في ذلك الأوكسجين والهليوم والنيون والكريبتون.
• تحترق الألياف السلكية (الصوف الفولاذي) عند التعرض للفلور.
• الفلور هو أيضًا العنصر الأكثر كهروسلبية (الأكثر جذبًا للإلكترونات) حيث يجذب الفلور الإلكترونات بسهولة، أكثر من أي عنصرٍ آخر.
• تُقدّر كمية الفلور بشكل وسطي في جسم الإنسان بـ3 ميلي غرام.
• يُستخرج الفلور بشكل رئيسي في الصين، ومنغوليا، وروسيا، والمكسيك، وجنوب أفريقيا.
• يتم انتاج الفلور في النجوم الشبيهة بالشمس عندما تقترب من نهاية حياتها، وذلك وفقًا لمقالة نشرت عام 2014م في مجلة (Astrophysical Journal Letters). حيث يتكون العنصر تحت الضغط العالي ودرجات الحرارة داخل النجم عندما يتوسع، ليصبح عملاقًا أحمر عندما تُدفع الطبقات الخارجية للنجم، مما يكِّون سديمًا كوكبيًا. يسافر الفلور مع الغازات الأخرى إلى الوسط بين النجوم ليشكّل في نهاية المطاف نجومًا وكواكبًا جديدة.
• تحتوي حوالي 25% من الأدوية والعقاقير بما في ذلك أدوية السرطان، وأدوية الجهاز العصبي المركزي، ونظام القلب والأوعية الدموية، على بعض أشكال الفلور.
الأبحاث الحالية

على الرغم من أنّ الفلور قد يكون سامًا عندما يكون بتركيزٍ عالٍ في الجسم، إلّا أنّه يمكن أن يكون أيضاً مفيدًا عند استخدامه في أدوية السرطان، كما جاء في المقالة المنشورة في (مجلة كيمياء الفلور- Journal of Fluorine Chemistry) عام 2018م.
ووفقًا للأبحاث، فإنّ استبدال روابط هيدروجين الكربون أو روابط أوكسجين الكربون، برابطة فلور الكربون في المركبات النشطة للدواء، يُظهر تحسنًا في فعاليته، بما في ذلك زيادة استقرار الاستقلاب، وزيادة الارتباط بالجزيئات المُستهدفة، وزيادة نفاذية الغِشاء.

والمأمول مع هذه الزيادة في فعالية الأدوية واقترانها بالأدوية المُستهدِفة للأورام وأنظمة توصيلها، أن تتحسّن جودة حياة مرضى السرطان. أكثر من الطرق التقليدية كالعلاج الكيميائي، حيث يتم استهداف الخلايا السرطانية بالإضافة للخلايا السليمة بأدوية هذا العلاج.

لقد تم اختبار الجيل الجديد من أدوية مكافحة السرطان – إضافةً إلى مسابر الفلور لتوصيل الأدوية- ضد الخلايا الجذعية السرطانية ولقد أظهرت أملًا في استهداف ومحاربة الخلايا الجذعية السرطانية وفقًا للدراسة. كما وجد الباحثون أنّ الأدوية التي تحتوي على الفلور كانت أكثر فعالية بأضعاف ضد العديد من الخلايا الجذعية السرطانية، وأبدت استقرارًا أفضل من الأدوية التقليدية لمكافحة السرطان.

المصدر