لربما تعتقد أنَّ مدينةً مملوءةً بالقطط الضالّة والفئران الوحشية تنتهي بعددٍ قليلٍ من الفئران بسبب مهمة القطط في قتلها، ولكن يبدو أنَّ القطط كالبشر، تفضّل الطريق الأقل مقاومة، وهذا يتضمّن الاختيار الأسهل للفريسة.

أُجريت دراسةٌ عن القطط في مدينة نيويورك، إذ وجد الباحثون أنه على الرغم من براعة الصيد المعروفة لدى القطط، إلا أنَّها نادرًا ما تستطيع صيد الفئران، ما يمكن أن يُحدّ فكرة استخدام القطط للتعامل مع مشكلة تكاثر الفئران، كما اقتُرح في مدينة شيكاغو.

استُخدمت الرقائق الإلكترونية والكاميرات الميدانية على مجموعةٍ من القطط في المنشأة الصناعية لإعادة تدوير النفايات في مدينة بروكلين في نيويورك، قادت الدراسة العلماءَ (من الولايات المتحدة وأستراليا) إلى تحديد تأثير القطط على مجموعة الفئران.

سُجّل 306 مقطع فيديو للقطط و/أو الفئران التي سكنت في نفس المساحة في الفترة (من يوم 27 ديسمبر عام 2017 إلى يوم 28 ماي عام 2018)، شُوهدت القطط في 259 مقطعًا من أشرطة الفيديو، مع ذلك، كانت هناك فقط عشرون حالة مطاردة القطط للفئران، وثلاث حالاتٍ فقط تُظهر قطةً تبحث بجهدٍ عن فأر، مع انتهاء حالتين منها بقتلٍ ناجح.

من المحتمل أن تكون لهذا علاقةٌ بالفئران نفسها، فعلى الرغم من أنَّ القطط الساكنة في الجزر معروفةٌ بشدة افتراسها للفئران؛ إلا أنَّ هذه الفئران صغيرة الحجم، وقد تكون حوالي 150 غرامًا.

حتى في أستراليا -حيث وُجدت القطط تلتهم الفئران- تميل وجبتها لتناول فئران طويلة الشعر، تزن أيضًا حوالي 150 غرامًا.

ولكنَّ الفئران في مدينة نيويورك، وشيكاغو -بالنسبة لهذه المسألة- والمهيمنة عبر أمريكا الشمالية وأوروبا، هي فئرانٌ نرويجية (هذه الفئران ضخمة، أكبر بمرتين من حجم فئران الجزر، تزن حوالي 300 غرام).

قال الباحثون إنّه من المحتمل أنّ الحالتين اللتين سُجّلتا عند نجاح القطط بالهجوم على الفأرين النرويجيَّين غير المحظوظين، كانت للأعضاء الأصغر في المجموعة.

كتب الباحثون في مقالتهم عن احتمالية ميل القطط إلى تجنّب الفئران كونها تُفضّل فريسةً سهلة، إذ تستطيع الفئران الكبيرة أن تقدّم معركة أكبر مما قد يفعلهُ فأرٌ صغير، طير، سحلية، صرصور، والأفضل من تلك المعركة هو البحث عن بقايا الطعام.

لاحظ الفريق أيضًا شيئًا مثيرًا للإعجاب: تقلّ مشاهدات عددٍ من الفئران عندما تكون القطط موجودةً في الجوار، وهذا لا يعني عدم وجودها، بل يعني تعلّمها أن تتجنّب القطط.

كتب الباحثون: «على الرغم من أنَّ احتمالية مشاهدة الفئران قلّت، إلا أنَّها غيّرت تحركاتها ببساطةٍ وبقيت موجودةً في النظام.

تُشير نتائجنا إلى أنَّ وجود القطط يؤدي إلى قلّة مشاهدة الفئران؛ ما قد يُفسّر المفهوم الشائع لقيمتها كمفترسةٍ للفئران بالرغم من المخاطر المرتبطة بها.

تُشير نتائجنا في منشأة إعادة تدوير النفايات إلى أنَّه على الرغم من وجود قطط الصيد فإنّ فئران المدن يمكن أن تستمر بكثافة عالية، وذلك ببساطة عن طريق تغيير تحرّكاتها».

نُشر البحث في مجلة Frontiers in Ecology and Evolution


  • ترجمة: زينب عباس.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر