تُعد الولادة المبكرة السبب الرئيسيّ لوفاة الأطفال وإصابتهم بالعجز في الولايات المتحدة، وهي تكلّف مليارات الدولارات بالإضافة إلى الحزن كل عامٍ.

الآن يُظهِر تقرير لباحثين في جامعة كونيتيكت في العلوم الإنجابية علاجًا محتملًا يمكن أن يوقّف العديد من حالات الولادة المبكرة ويعيد الولادة لوقتها الطبيعيّ.

طبيب التوليد في مستشفى هارتفورد كريستوفر نولد بالإضافة إلى الاختصاصي في علم المناعة أنتوني فيلا يشعران بالفضول حول دور جهاز المناعة في الولادة المبكرة.

عادةً تستمر معظم حالات الحمل حوالي 40 أسبوعًا، لذا قد يكون الطفل المولود قبل الأسبوع السابع والثلاثين صغيرًا جدًا لدرجة أنّه لا يستطيع تنظيم درجة حرارة جسمه ولا يمكنه التنفس وفي بعض الحالات قد يعاني من نزيفٍ في الدماغ أو بعض المشاكل العضوية الأخرى، فضلًا عن تأثيراتٍ طويلة الأمد مثل تأخر النمو ومشاكل المعرفة والإدراك.

ففي هذا البلد وحده وُلِد حوالي 337000 طفلٍ قبل موعد ولادته الطبيعيّ في عام 2016، ولكن في الثدييات الأخرى كانت الولادة المبكرة نادرةً للغاية، وعادةً ما تحدث في حالة وجود الخمج أو الالتهاب.

عَلِم الباحثون بوجود السيتوكينات – وهي بروتينات صغيرة تنبه الجسم بوجود خمجٍ وتسبب الالتهاب – في السائل الأمنيوسي للعديد من النساء اللواتي ولدن قبل أوانهنّ. وهذا ما جعلهم يتساءلون، لكون الجنين مختلف تمامًا عن أمه فيجب مهاجمته من قِبَل الجهاز المناعي الخاص بالأم، لكنّ هناك شيئًا ما يمنع حدوث ذلك أثناء فترة الحمل، فماذا لو توقفت هذه الحماية لبعض النساء، هل ستسبب ولادةً مبكرةً؟

يقول فيلا: «هناك الكثير من الآليات المضادة للالتهاب التي تمنع حدوث رفضٍ مناعيٍّ للجنين، لذلك كنا نظن أنّ التهابًا خطيرًا يمكنه أن يكسر حاجز التحمل ويفتعل بدء الولادة وحدوث الولادة المبكرة».



لذلك أخذ نولد وفيلا خلايا من القناة التناسلية الأنثوية والسائل الأمنيوسي المحيط بالأجنة في الرحم، وعرّضوها لأجزاء من البكتيريا في المختبر، وكانت النتيجة كما توقعوا إذ أنتجت الخلايا الكثير من السيتوكينات وكأنّها تصرخ قائلةً: «يوجد غاز!».

لكنّ السيتوكينات لم تكن في البداية النوع المسبب للالتهاب الذي كان يتوقعه الباحثون، وبدلًا من ذلك شاهدوا بنسبةٍ كبيرةٍ العوامل المُحَرِّضة لمستعمرة البلاعم والمحببة (GM-CSF)، ويعد (GM-CSF) نوعًا من السيتوكين الذي يُسبب نمو الخلايا بسرعةٍ فائقةٍ  لتصبح خلايا بلعميةً كبيرةً.

تميل تجمعات البلاعم عند النساء الحوامل إلى الارتفاع مباشرةً قبل موعد الولادة، ولكن من غير الواضح ما إذا كان ذلك يرتبط مباشرةً بالولادة أو بأثرٍ جانبيٍّ لعمليةٍ أخرى.

يُعد اكتشاف نولد وفيلا بأنّ السيتوكين (GM-CSF) يُطلَق استجابةً للعدوى البكتيرية المتصورة أمرًا غريبًا، وذلك بسبب وجود دواءٍ مانعٍ لـ (GM-CSF).



علاج الفئران الحوامل مع هذا الدواء أَخفَضَ الولادة المبكرة بنسبةٍ كبيرةٍ في الفئران التي تعرضت لأجزاءٍ من البكتيريا الخطيرة، لذا إن كان منع الولادة المبكرة أمرًا بسيطًا، فحتمًا ذلك سيُحدث تغييرًا في قواعد اللعبة.

قدّم نولد وفيلا براءة اختراعٍ مؤقتةً حول هذه التقنية، ولكن يحتاج الباحثون أولًا لمعرفة ما إذا كان السيتوكين (GM-CSF) هو ما يسبب الولادة المبكرة للنساء، لذا يجمع نولد عيناتٍ من بعض النساء في مرحلةٍ مبكرةٍ من الحمل لمعرفة ما إذا كان هناك أيّ شيءٍ يمكن اكتشافه في وقتٍ مبكرٍ ليستطيع تحديد سبب الولادة المبكرة.

نولد وفيلا يريدان اختبار هذه العينات للسيتوكين (GM-CSF) ومعرفة ما إذا كانت مستوياته المرتفعة في مرحلةٍ مبكرةٍ من الحمل دليلًا على انتهاء الحمل في وقتٍ مبكرٍ.




قال نولد: «نأمل في إجراء المزيد من الدراسات لآلية المناعة في الفئران، ونأمل في المستقبل القريب البحث في الدراسات البشرية»، وقد منحهم مستشفى هارتفورد بالفعل منحةً صغيرةً، وهم يبحثون الآن عن المزيد من التمويل لمواصلة بحثهم.


  • ترجمة: كنان مرعي
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر