كشفت نتائجُ المسح المأخوذة خلال سنواتٍ عديدةٍ عن مكانٍ تواجدَ فيه سابقًا نجمٌ على بُعد 280 مليون سنة ضوئيّة، وسُمّي النجم J1419 + 3940، وأظهرت سجلّاتٌ أنّه غالبًا قد كان موت هذا النجم عنيفًا، ولكن من الملفت للنظر أنّه لايمكن العثور على أيّ أثرٍ للحظات انفجاره الأخيرة و هذا ماجعل الفلكيين أكثرَ حماسًا.

يقول الفلكيّ كيسي لو من جامعة كاليفورنيا في بيركلي أنّه تمّت مقارنة الصور القديمة للسماء وإيجاد مصدر موجات راديو لم يعد مرئيًّا اليوم في مسحٍ واسعٍ للسماء يُدعى Very Large Array Sky Survey (VLASS).

وعند النظر إلى مصدر موجات الراديو في بياناتٍ قديمةٍ أُخرى تُظهِر أنّه كان يوجد في مجرّةٍ قريبةٍ نسبيًّا، في التسعينيات، كان الأمرُ أشبهُ بأكبر الانفجارات المعروفة في الكون..

انفجارات أشعة غاما(GRBs)، وهي المكافِئُ الكونيُّ لومضات البرق، إنّها مفاجِئة ورائعة، وتطلق كمياتٍ هائلةٍ من الطاقة في أكثر الانفجارات عنفًا في الكون.

إنّ الآليات الكامنة وراء هذه الاندفاعات من الضوء ليست مفهومةً جيّدًا، ولكنها تبدو وكأنها ناجمة عن الانهيار النهائي للنجوم الضخمة، حيث تعلن الجاذبيّة النصر على بقايا النجوم البارد، أو دمج النجوم النيوترونية.

على الرُّغم من أنّها نادرة، إلا أنّها مشرقة بما فيه الكفاية بالنسبة لنا للكشف عن المجرّات الأخرى، ما يمنحنا الكثير من الفرص للاستكشاف.

في الواقع، يجب أن نتوقع رؤية حوالي 500 انفجار يوميًّا في المتوسط.

تشيرُ الكميّة الهائلة من الطاقة خلف الوميض إلى أنّه من المرجّح أن يكون بشكل حزمةٍ مجسمةٍ بدلًا من كونه ضوءًا ساطعًا موزّعًا بدقة، وهذا يعني أنّنا لن نراهم إلّا عندما تُوجّه تلك الحزم مباشرةً إلينا، ما يحدُّ من قدرتنا على الملاحظة ويجعل ملاحظاتنا تافهة، وهذا فقط إذا أمكننا العثور عليها، ولكن اكتشاف J1419 + 3940 قد يغيِّر كل ذلك، فقد كان سطوعها في التسعينيات مرتفعًا جدًّا لذلك كان التغيير كبيرًا جدًّا إذ قُدِّر بانخفاضِ 50 عاملٍ سَطُوع.

لقد مررنا بكل مُسوح الراديو وكلِّ مجموعةِ بياناتٍ إذاعيّةٍ يمكن أن نجدها، في كل أرشيف العالم، لنجمع قصّة ما حدث لهذا الشيء.

وتشيرُ القصّة المُجمّعة إلى أنّه كان من المفترض أن يؤدّي ذلك إلى وميضٍ مشرقٍ من أشعة غاما المكثَّفة على الفور قبل أن يتلاشى عن الأنظار.

كان في الجوار مجرّة قزمة وللنوع المناسب من النجوم، وسطعت مثل المستعر الأعظم.

كان من المرجّح أن تكون كتلتها 40 ضعفًا من كتلة شمسنا، وانتهى بها المطاف كثقبٍ أسود أو نجم نيوتروني شديد المغناطيسية.

واستنادًا إلى هذه التقديرات كان يجب أن يشاهدوا انفجارات أشعة غاما لمدة دقيقة من تلك المنطقة في وقتٍ ما في 1992 أو 1993.

لسوء الحظ، لا يمكن رؤية أيّ إشارة على ذلك، مجرّد توهُّج موجات الراديو النابضة بالحياة، مثل جمرة نارٍ متلاشية.

ومنذ ذلك الحين ماتت موجات الراديو، و في عام 2017 لم يجد نظام VLASS شيئًا.

إمّا أنّهم كانوا على خطأ حول انفجارات غاما أو أنّ مناظيرنا الحسّاسة لم تكن في خط النار.

إذا كان السبب الأخير صحيحًا، فستكون هذه الملاحظة الأولى لانفجارات أشعة غاما دون اكتشاف أيّ أشعة غاما فعليّة.

هذا مثيرٌ لأنّه ربما يكون أول انفجار غاما يتيم يُكتشَف.

ويُعتقد أنّ انفجار أشعة غاما قد انتشر في الطّبقة المتوسعة من الغاز المنطلق من انفجار السوبرنوفا، ما أدى إلى موجةٍ من الأشعّة، يمكننا اكتشافها كموجات راديو منخفضة الطاقة.

إنّ اكتشاف المزيد من هذه الموجات قد يُخبرنا الكثير عن هذه الظواهر الرائعة، على سبيل المثال يمكننا مقارنة عدد أضواء الشُّفق اليتيمة في السماء بعدد الرشقات (الانفجارات) لتحسين دقة البحث قي خصائص هذه النفثات القوية.

وبما أنّ نظام VLASS سيُجري العديد من عمليات المسح التي تصل إلى 80% من السماء خلال السنوات السبع المقبلة، فمن المرجّح أننا سنجد المزيد من الأمثلة على انفجارات غاما، مما يوفّر صورةً أكثرَ دقّة لانتشارها وتوزُّعها.

يقول مدير معهد دنلاب للفلك والفيزياء الفلكية في جامعة تورنتو؛ برايان غينسلر أنّ هذا يدلّ على القدرات المثيرة للجيل الجديد من الماسحات الراديوية واسعة المجال.

وقال أنّ هناك انفجارات دراماتيكية وحيوية تحدث هناك، لكننا لا يمكن أن نجدها إلا إذا كان بإمكاننا باستمرار وبشكلٍ دوري مراقبة ما يتغير.


  • ترجمة: أحمد طريف المدرس.
  • تدقيق: ماجدة زيدان.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر