من الواضح أن البطاطا ليست المفضلة عند الجميع؛ إذ أنها منبوذة من قِبَل الشباب والذين يتبعون أنظمة غذائية صحية، ما تسبب بانخفاض مبيعاتها، ولكن ما الأمر الذي فعلته البطاطا لتستحق أن تعامل باشمئزاز؟

تشير بعض التقارير إلى تفضيل جيل الألفية للأرز والمعكرونة على البطاطا لاعتقادهم بأنها تزيد من أوزانهم، وبحسب مجلة “ذا جروسر- “The Grocer انخفضت مبيعات البطاطا بنسبة 5.4% على مدى السنوات الأربع الأخيرة، بينما ازدادت مبيعات كل من الأرز والمعكرونة بنسبة 30%، إلا أن للبطاطا تاريخًا مُشرِّفًا في الواقع.

تُعد واحدة من أكثر الخضراوات الجذرية شيوعًا وتنوعًا، زرعها شعب الإنكا في البيرو قبل 7 آلاف سنة، ووصلت إلى أوروبا أول مرة في القرن السادس عشر، وارتبطت بازدياد أعداد السكان والتوسع الحضري، كما يوجد منها حاليًا ما يقارب 2000 نوع مختلف يُزرع في أكثر من 160 دولة حول العالم.

إننا دائمًا ما نسعى في الوقت الحاضر لما هو سريع وسهل، ونتجنب أي شيء يتطلب منا وقتًا وتحضيرًا، ويبدو أن البطاطا ليست ملائمة أو صحية، ولكن لماذا أصبح طعامٌ كان في السابق مفضلًا عند الجميع منبوذًا فجأة، بينما يملك كل المتطلبات ليعتبر جزءًا من نظام صحي متوازن؟

لذلك سنستعرض في هذا المقال الأدلة قبل الحكم عليها.

تحتوي 100 غرام من البطاطا المطبوخة على البخار على 100 سعرة حرارية فقط، ولا تحتوي على أيٍّ من الدهون أو الصوديوم أو الكوليسترول أو الغلوتين، كما يزوِّد تناول هذه الكمية الجسم بنصف احتياجاته اليومية من فيتامين ج-C، بالإضافة إلى فيتامين ب6-B6 والمغنيسيوم والألياف ومضادات الأكسدة، كما تحتوي على البوتاسيوم بكميات أكبر من تلك الموجودة في الموز.

وعلى الرغم من احتوائها على النشا الذي يُمكن أن يزيد حساسية الإنسولين، إلّا أنها في المقابل تُحسِّن من التحكم بمستويات السكر في الدم، وتُعزز صحة الهضم وامتصاص العناصر الغذائية والإحساس بالشبع، بالإضافة إلى الحد من الالتهابات في الجسم وتقوية المناعة وتنشيط الدورة الدموية.

إلا أن الحجة ضدها هي ارتفاع محتواها من السعرات الحرارية، ولكن في الواقع ما يتسبب بذلك الكم من السعرات ليس البطاطا نفسها بل طريقة طهيها، وعلى الرغم من ما تحتويه من كربوهيدرات بكميات كبيرة، إلا أنها ضرورية لإمداد الجسم بالطاقة على المدى الطويل، كثيرون لا يعرفون الفرق بين الكربوهيدرات البسيطة والمعقدة، البطاطا تحتوي الكربوهيدرات المعقدة، والتي يحتاجها الجسم يوميًا في نظامه الغذائي.

وعادة ما يُصغي الأشخاص لآخر معلومات التغذية، ويبدون ردة فعل باعتقادهم أن بعض المجموعات الغذائية ضارة بالجسم، إلّا أنه وفي الواقع يحتاج جسم الإنسان للطعام من كافة المجموعات الغذائية للحفاظ على الصحة المثالية، وإن تناول البطاطا المطهوة بصورة صحيحة وباعتدال ليس ضارًا أبدًا، وعلى الرغم من امتلاكها لمؤشر غلايسيمي مرتفع، إلّا أنه يمكن تلافي حدوث ارتفاع مفاجئ لمستويات السكر في الدم، إن تم تناولها ضمن نظام غذائي يحتوي على الأطعمة الغنية بالألياف كالعدس والفاصولياء والمكسرات وخضراوات أخرى.

وبشكل عام فإن مشكلة البطاطا الأكثر شيوعًا هي عدم التحكم في الكمية المتناولة منها، فبمجرد البدء بتناول وعاء من رقائق البطاطا المقلية والمقرمشة، نجد أنه من المستحيل التوقف إلّا عند انتهائها واستهلاك كافة السعرات الحرارية والملح الذي تحتويه، ومن الجدير بالذكر أنه نادرًا ما نفرط في تناول البطاطا المسلوقة أو المشوية.

تخفيض استهلاك رقائق البطاطا المقلية

مع ازدياد معدلات السمنة، أصبح الناس مهوسين باتباع آخر صيحات الأنظمة الغذائية، فتنخفض عادةً واحدة من المجموعات الغذائية الرئيسية، فأصبحت البطاطا واحدة من الممنوعات نتيجة لذلك، ولكن البطاطا كانت في سبعينات القرن الماضي جزءًا لا يتجزأ من النظام الغذائي اليومي للناس، وبحسب “ناشونال أوبيستي فورم- National Obesity Forum” التي قارنت عادات 4 آلاف أسرة من عام 1980 إلى عام 2012، فإن عادات الطعام والأنظمة الغذائية تزداد سوءًا مع مرور الوقت.

وكان السبب الرئيس وراء ذلك هو ظهور الأطعمة المصنعة والوجبات الجاهزة، الذي توافَق مع بدء أزمة سمنة الأطفال، بالإضافة إلى ظهور أنماط حياة وأساليب عيش غريبة وجديدة، ومع توفر الأطعمة من كافة أنحاء العالم بسهولة، وزيادة عدد مطاعم الوجبات السريعة، خسرت البطاطا بعض مؤيديها، ولكن ومع رغبتنا بتوفير الوقت الجهد، قد ننسى أحد الجوانب الرئيسية، وهو صحتنا العامة وديمومتنا.

تستحق البطاطا في الواقع فرصة أخرى، ويجب أن يأخذ الناس طريقة طهوها واستهلاكها بعين الاعتبار، فلا يوجد أي سبب يدعو لتجنبها تمامًا، فلا يجب أن تفكر بغيرها إن كنت تبحث عن خضار مغذية وتزيد إنتاجيتك وتعزِّز صحتك.


  • ترجمة: ميس أبو شامة
  • تدقيق: براءة ذويب
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر