التهاب (الجلد التأتبي – Atopic dermatitis) هو نوع شائع من الأكزيما يحدث فيه طفح أحمر اللون وحكة قوية، ولكن رُبّما قد نجد له العلاج من خلال مركب في سم النحل الذي يجعل من لدغاتها مؤلمةً.

هناك بروتين مسؤول عن الحالة الجلدية غير المريحة، يُدعى (ميليتين – Melittin ) ويوجد في سم النحل، وقد تميز بقدرته على كبح الاستجابة المناعية، إذ يؤثر على 1 من كل 5 أطفال و 3% من البالغين في جميع أنحاء العالم.

لم يُظهر الباحثون من أستراليا وكوريا الجنوبية المزايا المحتملة لهذا المركب كعلاجٍ للأكزيما فقط، بل تعرفوا أيضًا على الآلية الدقيقة المسؤولة عن فعاليته المضادة للالتهاب.

في الواقع إنّ أغلب حالات الأكزيما تحدث بسبب نقصٍ في بروتين (فيلاغرين –Filaggrin)، وفي الآونة الأخيرة فهم الباحثون كيف لهذا النقص أن يكدس الخلايا الجلدية  بدلًا من التخلص منها، وهذا يتعارض أو يتداخل مع قدرة الجلد في الحفاظ على السوائل في الداخل.

وليس هذا فقط بل إن هذه الحالة تؤدي لخطر العدوى بالإضافة إلى نمو أنواعٍ ضارةٍ من البكتيريا، ما يُسهل على مسببات التحسس البدء بالهجوم على الجهاز المناعي وهذا يؤدي إلى حكةٍ مزعجةٍ وتهيجٍ جلديٍ يتسبب في حدوث خدشٍ عميقٍ.

في حين أننا مازلنا بعيدين عن الشفاء، لكن يحرص الباحثون على إيجاد طرقٍ فعَّالةٍ لتخفيف المعاناة دون حدوث أيّ آثارٍ جانبيةٍ.

وقد يبدو سم النحل مكانًا غريبًا للبحث عن المركبات التي من المحتمل أن تخفف من حدة الالتهاب، وكما أشار البحث السابق فإن المكون الرئيسي يمكن أن يوفر فوائدًا علاجيةً واسعة المدى، تترواح من دور تخفيف الآلام إلى النشاط المضاد للسرطان.

إذا أخذنا بعين الاعتبار الدور الثانوي لميليتين – الموجود في عسل النحل – المحارب لمسببات الأمراض قد لا يكون من المفاجئ حقًا أن يصبح دواءً مفيدًا في إدارة الاستجابات المناعية عند البشر. وللغوص في فعالية ميليتين كمضادٍ للالتهاب قسّم فريق البحث عددًا من الفئران إلى تسع مجاميعٍ وأُخِذَ ثلاثة منهم لاختبار جرعاتٍ مختلفةٍ من الميليتين وسم النحل لتكون حالة جلدية شبيهة بالتهاب الجلد التأتبي.

أما المجموعة الأخرى من الفئران فقد تعرضت لعقارٍ وهميٍ ولم تتحسس كما المجموعة السابقة، كما أجريت اختبارات مماثلة على أنسجة خلايا الجلد البشرية مع زيادة جرعات الميليتين.

وفي النموذجين كليهما – سم النحل وعلى وجه الخصوص ميليتين – ظهر أنّ العلاج يقلل بشكلٍ فعّالٍ من الالتهاب المسؤول عن حالة الجلد غير الطبيعية، ما يشير إلى أنه من الممكن أن يكون علاجًا موضعيًا جيدًا.

يَشير تحليل التغيرات البيوكيميائية والخلوية على البشر والفئران بالكيفية التي قد يُدير فيها هذا البروتين من خلال منع التعبير عن الناقلات الكيميائية مثل السيتوكين.

كما وتتداخل هذه العملية مع سلسلةٍ من الخطوات التي ترسل الخلايا المناعية للشحن، وفي النهاية يتحول الجلد المشقق والجاف إلى كتلةٍ منتفخةٍ، في حين أن الدواء المعتمد على الميليتين لن يشفي حالة الجلد فقط وإنّما يمكن أن يوفر راحةً خاليةً من الأعراض الجانبية التي من شأنها أن تمنع غرس الأظافر لحك الجلد وتجعل الأمور أسوأ.

لا يعد سم النحل السم الوحيد لعلاج مشاكل الجلد، ففي العام الماضي فحص الباحثون سم الحشرات النارية لفعاليتها في تقليل تراكم الخلايا الجلدية الناتج عن الصدفية.

ووفقًا للطبيعة فإنّها مفعمة بشكلٍ إيجابيٍ بالكيمياء التي يمكن أن تشفيك بسهولةٍ تامة كما يمكنها أن تضرك أيضًا.

ومع بعض البحوث السريرية، يظهر من الممكن لهؤلاء الذين يعانون من الأمراض الجلدية مثل الأكزيما أن يجدوا الراحة في هذا السلاح الحشري الهائل.

نُشِر البحث في British Journal of Pharmacology.


  • ترجمة: رفاه عبد الرزاق
  • تدقيق: رند عصام
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر