ها أنت ترقص ولم تنته بعد من مشروبك الثاني ليس لأنك ثملت بل لأنك بحاجةٍ لدخول المرحاض! صديقك يحذّرك من كسر القفل (أي أنّك إذا تبوّلت مرّةً واحدةً فقط فستقضي بقيّة الليلة بحاجةٍ لدخول الحمّام للتبوُّل).

لقد صرخت ودخلت الحمّام لكنّ مخاوفك أصبحت حقيقيّة، حدث النحس الذي لا يمكن تفسيره، يبدو أنّك تتبوّل كميّات أكبر من تلك التي تشربها!

إذا كنت شخصًا فضوليًّا ولو قليلًا وقمت بشرب الكحول فلا بدّ أنّك تساءلت يومًا لماذا يحدث هذا الأمر، إنّه منطقيّ وبسيط جدًّا.

الكحوليات مواد مدرّة

السبب البسيط الذي يجعلك تتبوّل بعد شرب الكحول هو أنّه مادة مدرّة، أي مادة تزيد من إنتاج البول، تحاول الكلية أن توازن كميّة المياه المختزنة في أجسامنا عن طريق امتصاص بعض منها وإعادتها للدم، وبنفس الوقت تحرير وتصريف كميّة من الماء عبر الإحليل على شكل بول، كما أنّ التجفاف يُعدّ أمرًا خطيرًا لأسبابٍ واضحة كذلك وهو فرط السوائل بالجسم، إذ أنّ الكميّة الزائدة من الماء تخفف تركيز الأملاح الضرورية لحياتنا.

الهرمون المسؤول عن امتصاص الماء يدعى بالفازوبرسين أو الهرمون المضاد للإدرار ADH، يُركَّب هذا الهرمون في الوطاء وعندما يتمّ تفعيله تقوم الكلية بامتصاص المياه وذلك لضمان عدم تعرُّضنا للجفاف، بينما بتثبيطه تسمح الكلية للمياه بالمرور وبذلك لا يحدث فرط بسوائل الجسم.

تقوم المواد المدرة كالكحول بحصار مستقبلات الفازوبرسين أو الـ ADH المتواجدة في غشاء الكلية، نتائجُ ذلك واضحة: الكلية والتي هي عمياء الآن أي لا ترى إشارات ADH بسبب الكحول، تفسّر نقص هذه الإشارات كموافقة للسماح بمرور كل المياه الموجودة، بمعنىً آخر، ستتوقف الكليتان عن امتصاص أيّ كمية مياه وبالتالي لن تعيد تدويرها إلى الدم.

توازن الماء والسوائل الذي كان مُحافَظًا عليه بحرصٍ معظم الوقت، الآن خُرِّب، بسبب قيام جسمك بطرح السوائل بمقدارٍ أكبر مما يأخذ، فيبدأ بطرح البول بكميةٍ أكبر من اللازم.

وحسب التقديرات، مقابل كل 1 غ من الكحول المستهلَك يزداد طرح البول بمقدار 10 مل! هذا أيضًا يفاقم التجفاف المسبَّب من قبل الكحول.

خرافة كسر القفل والدّوَّار الناجم عن شرب الكحول

لا يوجد قفل يؤدي كسره لإطلاق سيلٍ لا يتوقف من البول، هذه مجرد خرافة سخيفة، التبوّل لأوّل مرة ليس له أي تأثيرٍ على تكرار الحالات اللاحقة، يحدث الضرر في اللحظة التي تُعالَج فيها أول قطرة من الكحول من قبل الجسم.

منع نفسك من التبوّل لا جدوى له، فهو لن يسبب لك سوى الألم والانزعاج وعدم الراحة.

بسبب فقدان الماء الغزير أو ببساطة التجفاف والذي هو السبب الأساسيّ للدوّار، يُنصح الناس بشرب كميةٍ كبيرةٍ من المياه، لأن الماء الزائد سيخفف من جزيئات الكحول وبالتالي يمنعها من أذيّة الكليتين.

ومع ذلك، فإنّ ما لا يدركونه هو أنّه حتى أصغر آثار الكحول ستقوم بحصارِ مستقبلات الفازوبرسين وتحفّز زيادة إنتاج البول.

تُطرحُ الكميّة الزائدة التي تشربها من الماء مع البول ويستمرّ ذلك حتى يخرج الكحول من جسمك بشكلٍ كامل وهذا يستغرق حوالي يوم أو يومين.

الماء لا يلغي الآثار بل يحدّ منها، ولكن للأسف الدوار أمرٌ لا يمكن تجنبه.


  • ترجمة: داني قنيزح
  • تدقيق: ماجدة زيدان
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر