في عام 2004 أحد مسكّنات الألم الموافَق عليه حديثًا والذي ينتمي إلى فئة مضادّات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs المستخدمة على نطاق واسع سُحبَ من الأسواق بعد أن اكتشف الباحثون أنّ هذا الدواء قد حرّض عددًا غير مقبولٍ من النوبات القلبيّة والجلطات المؤدّية لتخثُّر الدم.

وبقي الباحثون منذ ذلك الحين في حالةٍ قصوى من التأهُّب يتساءَلون عمّا إذا كانت الأدوية الأخرى من نفس الصنف، والذي يتضمن الأسبرين aspirin والنابروكسين naproxen والإيبوبروفين ibuprofen، يجب التخلِّي عنها أيضًا بسبب آثارها ومخاطرها القلبيّة الوعائيّة، هذه المخاطر التي تمّ تجاهلها أو عدم مراعاتها أثناء دراسات السلامة التي حدثت منذ عدّة سنواتٍ وعقودٍ ماضية.

الآن، فريقٌ من الدنمارك كشف عن أدلّة تفيد بأنّ الأشخاص الذين يستخدمون الـ diclofenac -أحد أشيع مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية استخدامًا والمتوفِّر غالبًا من دون وصفة طبية- يتعرّضون لحوادث سلبيّة أكثر خطورةً بشكلٍ عام من أولئك الذين يستخدمون الأدوية الأُخرى من مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو الـ paracetamol.

وكتب مؤلفو الدراسة في المجلّة الطبية البريطانية: «في دراستنا، وجدنا أنّ الذين يستخدمون الـ diclofenac هم في خطرٍ متزايدٍ للحوادث القلبيّة الوعائيّة الضارّة، سواء بالمقارنة مع الأشخاص الذين لا يتناولون مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية أو الأشخاص الذين يتناولون الباراسيتامول كمسكّن بديل عن مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، وأيضًا بالمقارنة مع الأشخاص الذين يتناولون مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية الأخرى».

وأضاف المؤلفون: «بينما كان استخدام مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs يُعتبر متعادل الخطورة في الفترات العلاجيّة القصيرة والجرعات المنخفضة، فإنّ المخاطر تظهر حتى خلال 30 يوم فقط وأيضًا من أجل الجرعات المنخفضة من الـ diclofenac».

استمدّ المؤلفون بياناتهم من السجلّات الطبيّة الوطنيّة وسجلّات الوصفات الطبيّة مختارين المرضى البالغين الذين لم يستردُّوا الوصفة الطبيّة من أجل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية لسنةٍ واحدةٍ على الأقل (في الدنمارك، الإيبوبروفين ibuprofen والأسبرين aspirin هما الدواءان الوحيدان المتوفّران دون وصفة طبية على أن يكونا بجرعاتٍ منخفضة) وذلك عندما قدموا إلى المستشفى بين عامي 1996 و2006.

ثمّ قارن المؤلفون المشاكلَ الصحّية الموثّقة التي حدثت خلال 30 يومًا لدى الأفراد الذين تلقُّوا دورةً علاجيةً من الديكلوفيناك: diclofenac.

1.3 مليون شخص مع أولئك الـ 3.8 مليون شخص الذين تلقوا الإيبوبروفين ibuprofen و291490 شخص الذين تلقوا النابروكسين naproxen و767781 شخص الذين تلقُّوا الباراسيتامول paracetamol، مسكّن الألم الذي لا ينتمي لمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية، و1.3 مليون شخص لم يتلقوا أيّ دواءٍ على الإطلاق.

كلّ الأشخاص الذين لم يتناولوا الديكلوفيناك diclofenac تمّت مطابقتهم لمقاييس النزعة المركزية لمستخدمي الديكلوفيناك، ومعنى ذلك أنّ ضالمجموعات صُمِّمت لتخفيف تأثير العوامل الأُخرى مثل العمر والأمراض الموجودة مسبقًا، ولم يكن أي شخصٍ منهم قد عانى من مشاكلَ قلبيّة وعائيّة سابقة.

وكشف تحليل هذه المجموعة الضخمة من البيانات أنّ مستخدمي الديكلوفيناك diclofenac كان لديهم معدل أكبر بنسبة 50% في حدوث الرجفان الأذيني أو الرفرفة الأذينيّة والسكتة الإقفارية وفشل القلب والنوبات القلبيّة والوفيات المرتبطة بأمراض القلب خلال الـ 30 يومًا التالية لتعبئة وصفتهم وذلك مقارنةً مع أولئك الأشخاص الذين لم يتلقوا مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية كعلاجٍ لهم.

معدل حدوث هذه المشاكل والاضطرابات أعلى بـ 20% لدى مستخدمي الديكلوفيناك diclofenac مقارنةً مع مستخدمي الباراسيتامول paracetamol والايبوبروفين ibuprofen وأعلى بـ 30% مقارنة مع أولئك الذين يستخدمون النابروكسين naproxen.

مستخدموا الديكلوفيناك diclofenac كانوا أيضًا معرضين لحدوث نزفٍ في المعدة أو الأمعاء.

(المخاطر المعروفة للعديد من مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية) أكثر بـ 2.5 مرة من مستخدمي الايبوبروفين أو الباراسيتامول وأكثر بـ 4-5 مرات من الأشخاص الذين لا يتناولون أيّ دواء.

ولأنّ هذه الدراسة هي مراقبة أكثر من كونها تجربة سريرية عشوائية، نوَّه الباحثون إلى أنّه لا يمكن تحديد أيّ استنتاجات مؤكدة حول السبب والتأثير ومع ذلك فإنهم يناقشون أنّ حجم العيّنة المذهل والاتساق بين النتائج التي حصلوا عليها وتلك الخاصة بأبحاث مماثلة يقدمان معًا أدلَّة قويّة كافية على أنّ الأطباء والهيئات التنظيمية يجب أن يهتمّوا بهذا الموضوع.

«علاج الألم والالتهاب بمضادّات الالتهاب غير الستيروئيدية NSAIDs قد يكون مفيدًا لدى بعض المرضى من أجل تحسين نوعية حياتهم بغض النظر عن التأثيرات الجانبية المحتملة، ومع ذلك! فبالنظر إلى مخاطرها القلبيّة الوعائيّة والهضميّة فالمبرّر لبدء العلاج بالديكلوفيناك diclofenac قبل مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية التقليديّة الأخرى هو مبرِّرٌ ضعيف، ولقد حان الوقت للاعتراف بالمخاطر الصحيّة المحتملة للديكلوفيناك diclofenac والتقليل من استخدامه».


  • إعداد: أنس حاج حسن
  • تدقيق: ماجدة زيدان
  • تحرير: كنان مرعي
  • المصدر