في الفضاء القريب من الأرض، هناك أكثر من 18000 كويكبٍ يمكن أن يقوده مداره إلى مقربةٍ من كوكبنا.

على مدى ملايين السنين القادمة؛ يمكن لهذه الكويكبات القريبة التي يتراوح قطرها من أمتار قليلة حتى عشرات الكيلومترات أن تصطدم بالأرض.

لهذا السبب، تبذل وكالة الفضاء الأوروبية مع عدة وكالاتٍ أخرى حول العالم مجهوداتٍ منظّمة لمراقبة هذه الكويكبات القريبة بشكلٍ روتينيّ.

بالإضافة إلى ذلك، تطور وكالة ناسا بالتعاون مع عدة وكالاتٍ أخرى عدة إجراءاتٍ مضادة في حال أصبح أحد هذه الأجسام قريبًا جدًا من كوكبنا في المستقبل.

أحد المقترحات هو (اختبار ناسا لحرف مسار الكويكبات – Double Asteroid RedirectionTest) أو اختصارًا (DART) وهو عبارة عن مركبةٍ فضائية مصمّمة خصيصًا لإبعاد الكويكبات القادمة نحو الأرض، وهي الأولى من نوعها في العالم.

انتقلت هذه المركبة الفضائية مؤخرًا إلى مرحلة التصميم النهائي والتجميع وستُطلَق إلى الفضاء في السنوات القليلة المقبلة.

صُمّمت المركبة الفضائية DART من قِبل مختبر جون هوبكنز الجامعي للفيزياء التطبيقية، بدعمٍ من مختبر الدفع النفّاث التابع لوكالة ناسا، ومركز جودارد لرحلات الفضاء، ومركز جونسون للفضاء.

ستختبر هذه المركبة تقنية الصعق الحركيّ، التي تعتمد على صدم كويكبٍ بغية حرف مداره وإبعاده عن الأرض؛ ما يُظهر قدرتنا على حماية كوكبنا من اصطدامٍ محتمل.

وبمجرّد وصولها إلى الفضاء، ستلتقي المركبة DART مع الكويكب الثنائيّ المعروف باسم Didymos (معناه التوأم باليونانية)، والذي يتكوّن من Didymos A الذي يبلغ قطره حوالي 800 متر، وتابعه Didymos B الذي يدور حوله ويبلغ قطره حوالي 161.5 مترًا.

ستكون المركبة الفضائية DART معتمدةً على نظام (NASA Evolutionary Xenon Thruster – Commercial) أو (NEXT-C)، وهو ما يمكن ترجمته: (دافع ناسا الثوري التجاري)، وهو نظامٌ للدفع الكهربائي يعمل على الطاقة الشمسية ومشابهٌ لما تستخدمه المركبة الفضائية Dawn للوصول إلى حزام الكويكبات الرئيسي بين مداري المريخ والمشتري.

لن يقلّل نظام الدفع هذا من وزن المركبة الفضائية الإجماليّ فحسب (وهو ما يخفض تكاليف إطلاقها إلى الفضاء)، بل وسيسمح أيضًا بهامشٍ كبيرٍ من المرونة خلال فترة عمل المركبة الفضائية.

ستتحرّك DART فور وصولها إلى الفضاء بشكلٍ لولبيّ خارج مدار القمر للهروب من الجاذبية الأرضية ثم ستتوجّه نحو النظام الكويكبي Didymos، وتلتقي Didymos B في أوائل أكتوبر 2022، عندما يكون النظام الكويكبي على بُعد 11 مليون كيلومتر عن الأرض.

على هذه المسافة، ستكون التلسكوبات الأرضية ورادارات الكواكب قادرةً على معاينة وقياس التغيّر في الزخم الحركي لـ .Didymos B

ثم ستوجّه DART بعد ذلك نفسها إلى Didymos B لتصطدم به مستخدمةً نظام الاستهداف الفضائي الذي طُوّر من قِبل مختبر الدفع النفّاث التابع لوكالة ناسا JHUAPL، وتصطدم بهذا الجسم بسرعة حوالي 5.95 كيلومترًا في الثانية.

وستؤكّد المركبة الفضائية والمراصد الأرضية أن Didymos B قد دُفع بعيدًا عن مساره.

مع DART، نريد أن نفهم طبيعة الكويكبات من خلال مراقبة حركة الكويكب بعد الاصطدام، ما سيساعدنا عندما نحتاج إلى إبعاد كويكبٍ متوجّه نحو الأرض.

بالإضافة إلى ذلك، ستكون DART أول زيارة مخططة لنظام كويكبٍ ثنائيّ؛ وهو نظامٌ شائعٌ في الكويكبات القريبة من الأرض والتي لم نفهمها بشكلٍ كامل بعد.

باختصار، سيسمح هذا الاختبار للعلماء حول العالم بتحديد فعالية تقنية الصعق الحركيّ كاستراتيجيةٍ لتخفيف خطر الكويكبات.

ولكن، تبقى الأداة الأكثر أهمية -عندما يتعلّق الأمر بالدفاع عن الكوكب- هي القدرة على رصد مسار الأجسام القريبة من الأرض، وإصدار تحذيراتٍ مبكّرة عندما يقترب أيٌّ منها من الأرض.

تُدار مهمة DART من قِبل مكتب برنامج البعثات الكوكبية في مركز مارشال لرحلات الفضاء، وهي واحدةٌ من مهمات مكتب تنسيق الدفاع عن الكوكب التابع لناسا.

تأسّس مكتب تنسيق الدفاع عن الكوكب عام 2016، وهو مسؤولٌ عن العثور على الكويكبات والمذنبات التي يُحتمل أن تكون خطرة، ورصد مسارها والتعرّف على خصائصها (الوزن، الحجم الشكل، المركبات…)، وإصدار تحذيراتٍ حول احتمال اصطدام أيٍّ منها بالأرض، والمساعدة في خطط الاستجابة التي تقودها الحكومات لمواجهة خطر اصطدامٍ حقيقي.


  • ترجمة: أسامة أبو إبراهيم
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر