شهيق… زفير. ليحيا الأكسجين، العنصر الذي يحافظ على معظم الحياة على الأرض.

العنصر الثامن في الجدول الدوري للعناصر هو غاز عديم اللون يكوّن 21% من الغلاف الجوي للأرض، ولأنه موجود في كل مكان، من السهل عدم اعتبار الأكسجين غازًا خاملًا أو مملًا؛ في الواقع، إنّه أكثر العناصر غير المعدنية تفاعلًا.

تمّت أكسدة الأرض قبل 2.3 إلى 2.4 مليار سنة، وبدأت مستوياته بالارتفاع منذ 2.5 مليار عام، طبقًا لدراسة موّلتها وكالة ناسا عام 2007.

لا يعلم أحد لماذا أصبح الغاز الودّي للرئة جزءًا مهمًا من غلافنا الجوي، ولكن قد يكون السبب هو أنّ التغيّرات الجيولوجية أدّت إلى بقاء الأكسجين الذي تنتجه كائنات البناء الضوئي، بدلًا من أن يتمّ استهلاكه في التفاعلات الجيولوجية، طبقًا للباحثين في هذه الدراسة.

حقائق:

العدد الذري (عدد البروتونات في النواة): 8

الرمز الذري (على الجدول الدوري للعناصر): O

الوزن الذري (متوسط كتلة الذرة): 15.9994

الكثافة: 0.001492 غرام لكل سنتمتر مكعب

الحالة في درجة حرارة الغرفة: غاز

درجة الانصهار: سالب 361.82 درجة فهرنهايت (سالب 218.79 درجة سيليزية)

درجة الغليان: سالب 297.31 درجة فهرنهايت (سالب 182.95درجة سيليزية)

عدد النظائر (ذرات لنفس العنصر ولكنها تملك عدد مختلف من النيوترونات): 11؛ ثلاثة منها مستقرة

النظير الأكثر شيوعًا: O-16 (%99.757 وفرة طبيعية)

الأكسجين هو ثالث أكثر العناصر وفرة في الكون، طبقًا لمُنشأة مُسارع توماس جيفرسون الوطني.

ولكن شدة فعاليته قد جعلته نادرًا نسبيًا في الغلاف الجوي للأرض في البداية.

تقوم الزراقم، وهي كائنات «تتنفّس» باستخدام البناء الضوئي، بأخذ ثنائي أوكسيد الكربون وطرح الأكسجين، مثل النباتات المعاصرة.

كانت الزراقم هي المسؤولة على الأرجح عن أول أُكسجين على الأرض، وهو حدث معروف باسم حدث الأكسجة الكبير.

حدث البناء الضوئي عند الزراقم قبل تراكم كميات كبيرة من الأكسجين في الغلاف الجوي للأرض؛ وجدت دراسة تمت عام 2014 نُشرت في دورية علوم الأرض الطبيعية أن صخورًا عمرها 2.95 مليار وُجدت في جنوب أفريقيا احتوت على أكاسيد تطلّبت وجود أُكسجين حر لتتشكل.

هذه الصخور كانت في بحار ضحلة، مُظهرًا أن الأكسجين من عملية البناء الضوئي بدأ أولًا بالتراكم في بيئة بحرية قبل حوالي نص مليار عام من بداية تراكمه في الغلاف الجوي قبل حوالي 2.5 مليار سنة.

تعتمد الحياة الآن بصورة كبيرة على الأكسجين، ولكن بداية تراكم هذا العنصر في الغلاف الجوي لم يكن سوى كارثة.

أدى الغلاف الجوي الجديد إلى إبادة جماعية للكائنات اللاهوائية، وهي الكائنات التي لا تحتاج إلى الأكسجين.

اللاهوائيات التي لم تستطع التكيف أو النجاة بوجود الأكسجين قد ماتت في العالم الجديد.

أول شك للبشر بخصوص وجود الأكسجين كان في 1608، عندما قال المخترع الهولندي كورنيليوس دريبل أن تسخين الملح الصخري (نترات البوتاسيوم) أدى إلى إطلاق غاز، طبقًا للمجتمع الملكي للكيمياء (RSC).

بقيت هوية الغاز لغزًا حتى سبعينيات القرن السادس عشر، عندما قام ثلاثة كيميائيين باكتشافه في نفس الوقت.

قام الكيميائي والقس البريطاني جوزيف بريستلي بعزل الأكسجين عن طريق تعريض أوكسيد الزئبق إلى أشعة الشمس وجمع الغاز الناتج من التفاعل.

وأشار إلى أنّ الشمعة تحترق بصورة أكثر إشراقًا في هذا الغاز، طبقًا للمجتمع الملكي للكيمياء، بفضل دور الأكسجين في الاحتراق.

قام بريستلي بنشر نتائجه عام 1774، هازمًا العالم السويدي كارل فلهلم شيله، الذي قام بعزل الأكسجين منذ عام 1771، ولكنّه لم يقم بنشر نتائجه.

تمّ اكتشاف الأكسجين الثالث على يد الكيميائي الفرنسي أنطوان – لوران دُ لافوازييه، وهو من أعطاه اسمه. نشأت الكلمة من الكلمات الإغريقية «oxy» و«gene»، والذي يعني «مكوّن الحوامض».

يمتلك الأكسجين ثمانية إلكترونات، يدور إلكترونان في الغلاف الداخلي للذرة وستة إلكترونات في الغلاف الخارجي.

يستطيع الغلاف الخارجي حمل ثمانية إلكترونات، وهذا ما يفسّر نزعة الأكسجين للتفاعل مع العناصر الأخرى: غلافه الخارجي غير مكتمل، ولهذا فإنّ الإلكترونات حرّة لتُؤخذ أو لتعطى.

من كان يعلم؟

عندما يكون غازًا فهو من غير لون، ولكن عندما يكون سائلًا يصبح لونه أزرق باهتًا.

إذا ما تساءلت يومًا عمّا سيبدو عليه الأمر عندما تسبح في بركة من الأكسجين السائل، الجواب هو: بارد، بارد للغاية، طبقًا لكارل زورن من منشأة مسارع توماس جيفرسون الوطني.

يجب أن تصبح درجة حرارة الأكسجين سالب 297.3 فهرنهايت (183 سيليزية) ليصبح سائلًا، لذا ستمثل قضمة الصقيع مشكلة.

أُكسجين قليل للغاية سيؤدي إلى مشاكل.

ومن الممكن أن تؤدي كثرته إلى مشاكل كذلك. تنفس الأكسجين بنسبة 80% لأكثر من 12 ساعة سيؤدي إلى تحسّس الرئتين وفي نهاية الأمر إلى تراكم سوائل مميتة، طبقًا لجامعة فلوريدا وشركة Air Products.

وجدت دراسة تمّ نشرها في في دورية Physical Review Letters عام 2012 أن جزيئة الأكسجين (2O) من الممكن أن تنجو تحت ضغط أكبر بمقدار 19 مليون مرة من ضغط الغلاف الجوي.

أقل مستويات من الأكسجين سُجّلت في دم البشر تم قياسها بالقرب من قمة جبل إفرست في عام 2009.

كان مستوى الأكسجين الوريدي للمتسلقين 3.28 كيلو باسكال.

قم بمقارنة هذا الرقم بالمقدار الطبيعي الذي يمتد من 12 إلى 14 كيلو باسكال، وستجد أن المصطلح الخاص بمتسلقي الجبال والذي يدعى «منطقة الموت» منطقي للغاية.

تم نشر هذه النتائج في دورية نيو إنجلاند الطبية.

يجب أن نكون ممتنين لنسبة الأكسجين المقاربة لـ 21% في الغلاف الجوي.

قبل 300 مليون عام، عندما وصلت مستويات الأكسجين إلى 35%، تمكّنت الحشرات من أن تصبح كبيرة للغاية، تخيّل يعسوبًا طول أجنحته بطول أجنحة النسر.

البحث الحالي:

يتشكّل الأكسجين في قلب النجوم، باندماج نواة كربون- 12 ونواة هيليوم- 4 (والمعروفة كذلك باسم الجسيم ألفا).

لم يتمكّن العلماء سوى مؤخرًا من النظر إلى نواة الأكسجين وكشف هيكلها.

في مارس 2014، قال الفيزيائي من جامعة كارولينا الشمالية دين لي وزملاؤه أنّهم قد اكتشفوا التركيبة النووية لأُكسجين- 16، النظير الأكثر شيوعًا للأُكسجين، في حالته الأساسية (الحالة التي تكون فيها الإلكترونات في أقل مستوى ممكن من الطاقة) وفي الحالة المحفزة الأولى (مستوى الطاقة الأول).

لماذا يهمّنا أمر مثل هذا؟ حسنًا، لنفهم كيفية تشكّل النوى في النجوم – هو أن نفهم كيف ترتبط لبن البناء معًا في الكون.

اكتشف لي وزملاؤه أن نواة كربون- 12، مع بروتوناتها ونيوتروناتها الستة، هي بالفعل ثلاثة عناقيد، كل واحد منها يحتوي على اثنين من البروتونات واثنين من النيوترونات.

إذا كان الكربون 12 يحتوي على ثلاثة عناقيد ألفا، استنتج الباحثون أن الأكسجين- 16، يملك أربعة عناقيد، بما أنه يملك ثمانية بروتونات وثمانية نيوترونات.

باستخدام محاكاة أجهزة الكومبيوتر العملاقة وبنى رقمية، تمكن العلماء من معرفة الكيفية التي تترتب بها الجسيمات في نواة الأكسجين- 16.

ووجدوا أن هنالك أربعة عناقيد ألفا للحالة الأساسية للأُكسجين- 16، مرتبة بعناية على شكل رباعي السطوح.

أخبر لي Live Science: «تشبه عناقيد ألفا الكرات المجعّدة، وتود هذه الكرات المجعدة ملامسة بعضها عن طريق بعض التفاعل السطحي». تسمح التراكيب رباعية الأسطح للعناقيد بأن تكون محكمة ودقيقة.

ولكن كان هنالك لغز كمي آخر يحتاج إلى حل.

الحالة الأساسية لأُكسجين- 16 والحالة المحفزة الأولى تشترك في صفة غير اعتيادية.

تمتلك كل منها نفس الدوران – وهي قيمة تُبيّن كيف يدور الجسيم، ونفس التكافؤ، وهي طريقة لتحديد التماثل.

تخيل انعكاس اليمين واليسار في الكون كله، ولكن يجب أن تحافظ على الجسيمات دون الذرية بنفس الشكل.

عندما تنظر الجسيمات ذات التكافؤ الإيجابي إلى نفسها في الكون العكسي ستبقى كما هي.

سينبغي على الجسيمات ذات التكافؤ السلبي الانقلاب، خشية من أن ينتهي بها الحال بصورة عكسية مثل قراءة نص ما في المرآة.

يقول لي: «اللغز كان هو لماذا تملك أقل حالتين من الأكسجين- 16 دورانًا بمقدار صفر وتكافؤًا إيجابيًا»، بالأخذ بعين الاعتبار أن هاتين الحالتين مختلفتان.حصلنا على إجابتنا من خلال المحاكاة: في الحالة المحفزة، يقوم الأكسجين- 16 بإعادة ترتيب النواة لتبدو مثل الحالة الأساسية تمامًا.

بدلًا من الترتيب رباعي الأسطح، تقوم جسيمات ألفا بترتيب أنفسها على مستوى مربع أو مشابه للمربع.

ويضيف لي: «كان الهيكل الداخلي لهما مختلفًا».

يفسر الترتيب المختلف تمامًا كيفية بقاء الدوران والتكافؤ نفسه – تقوم النوى بأخذ طرق مختلفة لتصل إلى نفس النتيجة».

لا تزال هنالك بعض التفاعلات الكمية في ذرة الأكسجين- 16 تحتاج إلى حل وتفاصيل أدق بكثير لاكتشافها.

«هنالك العديد من الأمور الشيقة التي تحدث داخل الأشياء الصغيرة مثل النوى. وهنالك قصص عن كيفية حصولها قد بدأنا في فهمها».
يبحث عمل لي هذا عن تكوّن الأكسجين في النجوم؛ وهنالك بحوث أخرى تركز على دور الأكسجين في الحياة على الأرض.

بعد فترة قليلة من حدث الأكسجة العظيم قبل 2.4 مليار عام، من الممكن أن تكون مستويات الأكسجين قد وصلت أو تجاوزت مستويات الأكسجين الآن قبل انهيارها،
كما قال دانييل ميلز، مرشح الدكتوراة في المركز الشمالي لتطور الأرض في جامعة جنوب الدنمارك: «لم تظهر الحياة الحيوانية حتى بعد وقت طويل، مع ظهور أبسط الحيوانات قبل حوالي 600 مليون عام».

رغم النظريات التي تقول أنّ ظهور الأكسجين قد مهّد الطريق لظهور الحيوانات، تبدو القصة أعقد بكثير.

قال ميل وزملاؤه في فبراير 2014 في دورية PNAS أنّ الإسفنجة البحرية المعاصرة تستطيع التنفس والنمو في بيئة يكون فيها مقدار الأكسجين من 0.5 إلى 4% من مقدار الأكسجين في الغلاف الجوي الآن.

يبدو أن الإسفنج هو أكثر حيوان حي مشابه للحيوانات الأولى على الأرض، كما قال ميلز.

النتائج التي تقول أن الإسفنج لا يحتاج إلى مستويات عالية من الأكسجين ليعيش تُظهر أنّ هنالك أمرًا آخر أدى إلى نشأة الحياة الأولى على الأرض، على الرغم من أن ارتفاع مستوى الأكسجين كان ضروريًا للوصول إلى التنوع هذا في أشكال الحياة الذي نراه اليوم، كما قال ميلز: «حتى في العصر الحديث تزدهر بعض الحيوانات مثل الديدان الخيطية في الأمكان منخفضة الأكسجين في المحيط»، وأضاف: «يرتبط تطور الحيوانات بوضوح بأكثر من مجرد وجود كمية وفيرة من الأكسجين».

  • ترجمة: سنان حربة
  • تدقيق: رزان حميدة
  • المصدر