دَرَسَ الباحثون بحرصٍ مسارًا غامضًا للنجوم، وجثة مجرةٍ منكمشة، وهالة خافتة باقية حول أندروميدا (أقرب مجرة شقيقة لمجرتنا بحجمٍ مماثل).

منذ ملياري سنة (منذ تشكل حقيقيات النواة، سلفنا الأُم لأول مرة)، كانت هُناك مجرة ثالثة عملاقة تجاورنا لكن أندروميدا مزقتها، والتهمتها، وألقت بجثتها في الظلام.

ظن الباحثون لوقتٍ طويل أن أندروميدا اندمجت معها في الماضي القريب، قالت (أماندا موفيت – Amanda Moffett)، عالمة فلك وخبيرة في تطور المجرات في (جامعة فانديربيلت – Vanderbilt University، والتي لم تُشارك في الدراسة: «الجديد والمُفاجئ هو الفكرة المقدمة في البحث، والتي تشير إلى أن M32 المجرة القزمة الصغيرة في مدار أندروميدا، هي في الحقيقة جثةٌ لمجرةٍ أكبر بكثير دُمرت خلال الاندماج.

قالت موفيت: «عندما طرح الناس سيناريو القتل هذا في الماضي، كان السؤال عن مصير المجرة المُدمرة، هل دُمجت تمامًا داخل أندروميدا بحيث لا يمكننا أن نفصلهم بعد الآن؟».

للإجابة عن هذا السؤال، أجرى الباحثون بحرصٍ بعض المُحاكاة الحاسوبية لتفاعل المجرات، ووجدوا -باتباع المعايير الصحيحة- أنه يمكن لدمج المجرات الذي حدث قبل ملياري سنة أن يُنتج هالاتٍ وضبابًا كثيفًا من النجوم الطليقة حول أندروميدا اليوم، ودربًا طويلًا من النجوم يمتد في الكون، وحزمةً من النجوم في أندروميدا تشكلت قبل ملياري سنة.

بشكلٍ مؤكد، مازال قلب تلك المجرة الضائعة طافيًا بالقرب، في هيئة المجرة M32.

قالت موفيت: «هذا يُفسر لماذا عدد مسارات مجرة M32 غير عاديّ».

وضحت موفيت أن المجرات القزمة مثل M32 تتكون عادة من النجوم التي تشكلت في نفس الوقت ومن نفس المجموعة الصغيرة من المواد.
تميل المجرات الأكبر مثل درب التبانة وأندروميدا إلى أن يكون لها نطاقٌ عُمري أكبر، وإن نجوم مجرة M32 تشبه نجوم مجرةٍ كبيرة، من حيث استقرارها في عُمر يقارب ملايين السنين.

استطاع سيناريو الاندماج هذا أن يشرح لنا نطاق العُمر الغريب للمجرات، إذ إن M32 كانت مجرة أكبر بكثير تم تجريدها، بدل كونِها متشكلةً من مجموعة صغيرة مرة واحدة.

قالت موفيت: «هذا البحث حلّ لغزين مرة واحدة، ماذا حدث لضحية جريمة أندروميدا، ولماذا تبدو M32 بهذه الغرابة».

تقول موفيت أنه مازالت هناك بعض الأسئلة المفتوحة، أندروميدا لديها مجرةٌ قزمةٌ أخرى تجاورها، معروفة بـ M33 تماثل في حجمها M32.

البحث فسر بشكل جيد سبب وجود M32 في مكانها الحاليّ، ولكن لم يفسر كيف انتهى الأمر بـ M33 هناك!

هذا السؤال ذو صلة بسؤالٍ أوسع ما من إجابة عنه، هل درب التبانة وأندروميدا هما الغريبتان في كون مليء بالمجرات الخالية من المجرات القزمة في مدارها؟ أم أن معظم هذه المجرات الكبرى ترتب نفسها!

نأمل، أن يقدر العلماء على الإجابة عن هذا السؤال في أربعة مليارات سنةٍ قادمة، قبل أن تلتهمنا أندروميدا!


ترجمة: نادر الغرياني
تدقيق: تسنيم المنجّد
تحرير: كنان مرعي

المصدر