الزُّهْرِي Syphilis هو مرض ينتقل جنسيًّا وتسبّبه جرثومة تدعى اللَّولَبيّة الشاحبة Treponema Pallidum.

فبعد دائيّ المُتدثِّرة Chlamydia والسَّيَلان البني Gonorrhea، يأتي الزهري كثالث أكثر الأمراض المنقولة جنسيًّا شيوعًا يُبلّغ للحكومة الأمريكية، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC).

وبحسب (CDC)، يمكن للعدوى إصابة الذكور والإناث، وتبدأ عادة كتقرُّحٍ غير مؤلمٍ يعرف بالقَرْح -Chancre، وينتشر الزهري من شخص لآخر عبر الاتّصال المباشر مع القَرْح الزهري.

يمكن للقرح التواجد على العضو الذكري، أو المهبل، أو الفتحة الشرجية؛ أو التواجد في المستقيم، أو داخل الفم أو على الشفاه، بحسب (CDC).

ويمكن للشخص أن يُصابَ من خلال الاتّصال المباشر مع التقرح الزهري عبر اتّصال جنسيّ غير آمن عن طريق المهبل أو الشرج أو الفم، وبإمكان الزهري الانتقال من الأمّ المصابة إلى طفلها خلال الحمل.

تقول ليندلي باربي Lindley Barbee، وهي أخصّائيةٌ في الأمراض المُعدِية في مركز هاربورفيو الطبي في سياتل: «أحد المفاهيم الخاطئة عند الناس هو أنّ الزهري مرض قد قُضي عليه».

في الحقيقة، كاد أن يُقضى على الزهري قبل عقد مضى، لكنّ المصابين بالمرض في ازدياد اليوم، بحسب (CDC): إذ بلغت ما يقرب 28000 حالة من الزهري من المرحلة الأولى والثانية، وهي المراحل الأكثر عدوى في المرض، عام 2016 لـ(CDC).

وارتفع معدل الزهري بنسبة 18% من 2015 حتى 2016؛ معظم الحالات كانت بين الذكور الذين مارسوا الجنس مع ذكور آخرين.

الزُّهْرِي الخَلْقِيّ (الولادي)-Congenital Syphilis

في عام 2016، كانت هناك 630 حالة من الزهري الخلقي، وهو الشكل المرضي الذي تنتقل العدوى فيه من الأمّ الحامل إلى جنينها.

ويمثل هذا ارتفاعًا بنسبة 27% بين حالات الزهري الخلقي من 2015 حتى 2016، مع ارتفاعٍ كبيرٍ في كاليفورنيا ولويزيانا، بحسب باربي، والتي تُعتبَر أيضًا مرشدةً طبيّةً في الصحة العامة في برنامج سياتل وكينج كاونتي لفيروس HIV والأمراض المنقولة جنسيًّا.

وتقول باربي لموقع Live Science: «يمكن للزهري الخلقي التسبّب باختلاطات صحية خطيرة، تتضمّن ولادة الجنين ميّتًا أو الولادة المبكرة، ويسبّب أيضًا مشاكل في أدمغة وأعصاب الأطفال الرضَّع، ما يؤدّي إلى تأخّرٍ في النمو العقلي».

لكنّ المشكلة الصاعدة في الزهري بين النساء وحديثي الولادة يمكن منعها من خلال الفحص الدوري للنساء خلال فترة الحمل، والعلاج السريع للنساء اللاتي كان الفحص لديهنّ إيجابيًّا.

عوامل الخطر

  • الاتصال الجنسي مع أكثر من شخص
  • الاتصال الجنسي غير الآمن
  • الإصابة بفيروس HIV، الذي يسبب الأيدز
  • الاتصال الجنسي بين ذكرين

الحماية

يمكن لاستخدام الواقيات الذكرية أثناء ممارسة الجنس تقليل خطر الإصابة بالزهري، بحسب باربي، الامتناع عن الجنس أو العلاقة الجنسية الأحادية مع شخص غير مصاب طريقتان أُخريان لتقليل خطر الإصابة بالزهري.

فحص مرض الزهري

يجب على النساء الحوامل أن يُفحَصن مرّةً واحدةً على الأقلّ خلال فترة الحمل، بحسب (CDC)، وفحص الدم هذا يُجرى خلال أوّل زيارة لمرحلة ما قبل الولادة، ولكن عند النساء اللاتي يزيد لديهنّ خطر الإصابة بالزهري، قد يُكرَّر الفحص مرّة أخرى خلال فترة الثلث الأخير من الحمل.

ويوصي (CDC) أنّه يجب على الذكور الذين مارسوا الجنس مع ذكور آخرين أن يُجرى لهم الفحص مرّةً واحدةً على الأقلّ في السنة أو عدّة مرّات في حال كان لديهم أكثر من شريك جنسيّ.

العلامات والأعراض

بحسب (CDC)، فإن الزهري يُدْعى «المُقلِّد العظيم»؛ وذلك لأنّ أعراضه يمكن أن تشابهَ الكثير من أعراض الأمراض الأخرى.

وتختلف أعراض الزهري في البالغين باختلاف مراحل العدوى، فهناك أربع مراحل مختلفة: المرحلة الأولى، والمرحلة الثانية، ومرحلة الزهري الكامن، والمرحلة الثالثة.

تُعَدّ المرحلتان الأولى والثانية من المرض الأشدَّ عدوى، كونها الأكثر احتمالية للانتقال إلى الآخرين الذين اتّصلوا مباشرة بقرح الزهري.

المرحلة الأولى-Primary Stage

أوّل علامة للزهري تكون عادةً عبارة عن تقرٌّح صغير دائري غير مؤلم، يظهر في المنطقة التي دخلت منها الجراثيم لجسم المصاب يُعرَف بالقَرْح، ويظهر القرح الزهري خلال 3 أسابيع من التعرّض للعدوى، ويستمر من 3 إلى 6 أسابيع، سواء عُولِج أم لا، بحسب (CDC).

تُخبِر باربي موقع Live Science: «حتّى إذا شُفِي القرح بنفسه، فهذا لا يعني ذهاب الزهري إطلاقًا؛ إنّما يعني فقط عبور المرض لمرحلة مختلفة».

وتقول: «قد يظهر القرح في منطقة مرئيّة، مثل الفم أو الشفاه، ولكنّه قد يظهر أيضًا في أماكن غير ملحوظة داخل تجويف في الجسم أو مكان محجوب عن الرؤية، مثل منطقة ما حول القضيب، أو المهبل، أو الفتحة الشرجية، أو داخل المستقيم».

المرحلة الثانية-Secondary Stage

تقول باربي: «خلال المرحلة الثانية للزهري، تنتشر جراثيم الزهري إلى الدم، قد يشعر الناس بطفح في راحة اليدين وأخمص القدمين، قد يبدو الطفح كأنّه لسعة حشرة وغير حاكٍّ، وبالإضافة لليدين والقدمين، قد يظهر الطفح في الرقبة والجذع».

تقول باربي: «وهناك شكوى شائعة أخرى قد يشكي منها المريض بالزهري وهي أنّه قد يشعر وكأنّه أُصيب بالزكام، مع أعراض تقليدية مشابهة مثل الحمّى، وألم الحَلْق، وألم العضلات، والتعب، وتضخّم العقد اللمفاوية».

وتقول: «تستمرّ المرحلة الثانية من المرض عادة بين الأسبوعين والأشهر القليلة، وبالرغم من تلاشي هذه الأعراض مع الوقت، فالأشخاص الذين لا يتلقّون علاجًا للزهري سينتقلون للمرحلة التالية للعدوى».

الزهري الكامن-Latent stage

تقول باربي: «خلال مرحلة الزهري الكامن، لا يُظهِر المريض أيّة أعراض مرئيّة.

لكن بصرف النظر عمّا لا يظهر، تظلّ الجراثيم المسبّبة للداء متخفّية داخل الجسم، فربع المرضى يعودون للمرحلة الثانية، بينما يظلّ الآخرون في هذه المرحلة من 10 إلى 20 سنة، أو حتّى يُعالَج المرض».

المرحلة الثالثة-Tertiary stage

تقول باربي: «المرحلة الثالثة من الزهري نادرة منذ أن بات البنسلين متوفّرًا للعلاج، وهذه المرحلة تصحبها أشدّ المشاكل الطبية، فبإمكانها إصابة عددٍ من الأعضاء المختلفة في الجسم، مثل الدماغ، والقلب، والنخاع الشوكي، والكبد، والعظام، والمفاصل».

بحسب (CDC)؛ باستطاعة الزهري الثالث التسبّبَ بدمار واسع لكثير من الأعضاء الداخلية، وقد ينتهي بالموت.

الزُّهْرِي العصبيّ-Neurosyphilis والزُّهْرِي العينيّ-Ocular Syphilis

في حال لم يُعالَجِ الزهري، يمكن لأعراضه الانتقال إلى الدماغ، والنخاع الشوكي، والجهاز العصبي، منتجًا ما يُسمّى بالزهري العصبي-Neurosyphilis؛ ويمكن أن تنتقل إلى العين مسبّبة الزهري العيني-Ocular Syphilis.

ويمكن لهذا أن يحدث خلال مراحل الزهري الأربعة المختلفة.

يمكن للزهري العصبي أن يتسبّب للمريض بظهور صداع شديد ومشاكل في تنسيق العضلات، وتتضمّن الأعراض الأخرى ظهور خَدَر أو شللٍ أو عته-Dementia (مرض عقلي)، بحسب (CDC).

أمّا الزهري العيني؛ فبإمكانه إصابة معظم بُنية العين فيسبب أعراضًا بدءًا من تغيّرٍ في الرؤية وانتهاءً بالعمى، بحسب (CDC).

الزُّهْرِي الخَلْقيّ-Congenital syphilis

يمكن للمرأة الحامل نقل الزهري إلى جنينها، إما خلال الحمل أو أثناء الولادة الطبيعية عبر المهبل، بحسب موقع March of Dimes، ويحدث الزهري الخلقيّ عندما يُولَد الطفل مصابًا به.

يمكن للنساء اللاتي تعرّضن للفحص وكانت نتائجه إيجابية خلال فترة الحمل أن يتلقَّين علاجًا في الحال لتقليص احتمالية خطر إصابة الطفل.

وتزداد احتمالية الإجهاض أو الولادة المبكّرة للمرأة المصابة بالزهري خلال الحمل، إذ قد تسبّب العدوى تحدُّدَ نمو الجنين داخل الرحم (يكون حجمه صغيرًا مقارنةً مع عمره الجنيني)، أو أن يُولَد بوزن ناقص، بحسب (CDC).

في حال لم تعالج الأمّ الحامل من مرض الزهري، تزداد احتمالية ولادة الطفل ميّتًا، إذ يموت الطفل داخل الرحم بعد الأسبوع ٢٠ من الحمل.

وإنّ ترك الزهري دون علاج خلال الحمل يتسبّب بازدياد خطر الوفاة عند حديثي الولادة، أي حين يموت الطفل خلال أوّل 28 يومًا من حياته، بحسب موقع March of Dimes.

ويُحتمل أيضًا ولادة الطفل المصاب بالزهري دون أيّة علامات أو أعراض، بحسب (CDC)، وفي حال تُرِك الطفل المصاب دون علاج، فيمكن أن تظهر مشاكل صحية خطيرة للطفل، مثل تأخّر النمو العقلي، أو العمى، أو الصمم، أو التشنّجات، ويمكن للمرض أن يكون قاتلًا.

الفحص التشخيصي للزهري

يُستخدَم عادة فحص الدم المسحوب من وريد في الذراع لفحص الزهري، وإذا وجد القَرْح، يمكننا أخذ عينة من التقرّح أو سحب سائل من المنطقة المصابة.

سيُظهِر الفحص وجود أجسام مضادّة في الدم ناتجة عن استجابة الجسم المصاب بجرثومة اللَّولَبِيَّةُ الشَّاحِبَة-Treponema pallidum التي تسبّب الزهري.

والأشخاص الذين شُخِّصوا بداء الزهري عليهم إبلاغ شركائهم الجنسيّين ليفحصوا المرض ويتلقّوا العلاج في حال توجّب ذلك.

العلاج

تقول باربي: «يُعالَج الزهري عادة بالبِنسيلين، ويُعطى بشكل حقنةٍ غالبًا، بالمقابل هناك مضادّات حيوية أخرى يمكن أن تُستعمَلَ للأشخاص الذين لديهم حساسية من البِنسيلين، فلم تظهر في الزهري سلالات جرثومية مقاومة للعلاجات مثل تلك التي لُوحِظت في داء السيلان».

إنّ الإصابة الجديدة بالعدوى يمكن حلّها بسرعة بواسطة العلاج، لكنّ حمل الزهري لأكثر من سنة يحتاج إلى علاج أطول وعدة جرعات من البِنسيلين.

يُعتبَر البِنسيلين فعّالًا جدًّا في علاج وشفاء الزهري ولكن مع ذلك؛ من المحتمل ظهور المرض مُجددًّا في حال الاتّصال جنسيًّا مع شخص مصاب بالعدوى.


  • ترجمة: لُبيد الأغبري
  • تدقيق: إسماعيل اليازجي
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر