• ” لماذا تموت البطّاريات؟”..
  • “لماذا لا يمكن شحنها إلا لِمرّات عدّة قبل أن تفقد قدرتها على الاحتفاظ بمقدار بسيط من الشحن؟”.

سألني ابني الصغير ذات مرّة عن سبب توقّف سيّارته التي تعمل بالبطّاريات عن التحرّك، ومُتسائلًا عن وجود ما وصفه بـ البطّاريات الأزليّة (everlasting battery)، أسئلة عدّة تُطرح من قِبَل مُستخدمي الهواتف المحمولة أيضًا، ولربما مررت أنت بتجربة كهذه لتسأل ذات الأسئلة أثناء محاولتك إرسال آخر نصّ قبل أن تومض شاشتك مُعلنةً نفاد الشحن.

تستمر الأبحاث في جميع أنحاء العالم حول صنع البطّاريات ذات الشحن السريع، والتي تدوم لفترة أطول مع قابليّة إعادة شحنها وتفريغها لمرّات أكثر مما هي عليه الآن، ولكن بقدر ما نُريد لذلك أن يتحقق فعلًا بصنع بطّارية أزليّة، فإن هذا الأمر مُستحيل، إذ إننا محكومون بقوانين الديناميكا الحراريّة، وحتّى الآن لا يوجد شيء يُوحي بأننا قادرون على كسر قوانين العِلم الأساسيّة للحصول على بطّارية كهذه.

يُطلق المهندسون والعلماء على سبب هذه المشكلة الرئيسيّة اسم تلاشي القدرة (capacity fade).

وكإجابة على تلك الأسئلة، إنها نتيجة للقانون الثاني للديناميكا الحراريّة والذي ينصّ على أنه: «مع كلّ عملية تحوّل للطاقة أو انتقالها من مكان لآخر، فإن مزيدًا منها سيُفقد طوال وقت العمليّة، ولا يمكن الاستفادة من هذه الطاقة المهدورة ولا حتّى استردادها».

وبالتالي فإن مع كل عمليّة شحنٍ أو تفريغ شحن للبطارية، سيكون هنالك مقدار قليل من الطاقة المهدورة – مقدار قليل من القدرة المهدورة والتي لا يمكن استردادها.

لتقريب كيفيّة عمل هذا الأمر، تخيّل أن بأن لديك كوبين من الماء أحدهما فارغ والثاني مُمتلئ، وأردت أن تنقل الماء من كوب لآخر، حتّى لو حرِصت على عدم سقوط أي قطرة خارج الكأس وأعدت التجربة لأكثر من مرّة، فهنالك مقدار قليل من الماء سيبقى عالقًا في الكأس ولايُمكن صبّه.

كذلك هو الأمر مع عمليّة شحن البطّاريّة، ولك أن تتخيّل عدد المرّات التي يتم شحنها ذهابًا وإيابًا، قد يصل لمئات بل آلاف المرّات خلال سنتين أو ثلاثة بالنسبة لبطّارية الهاتف المحمول، أو عشرة إلى عشرين سنة لبطارية السيّارة الكهربائيّة، ومع مرور الزمن، فإن آلاف المرات هذه ستفشل في نقل الطاقة كاملة، وبالتالي تُضاف إلى الكميّة المهدورة.

وبالعودة إلى مثال نقل الماء بين الأكواب، لنفترض ضياع قطرة صغيرة جدًا أثناء عملية النقل، ولتكن (0.1) ميلي ليترًا، فإن تكرّرت عمليّة النقل هذه (10) آلاف مرّة، فهذا من شأنه أن يملأ ليترًا كاملًا من الماء المفقود، وذلك بغضّ النظر عن إمكانيّة فقدان أحد الأكواب لكميّة أكبر من الماء، بالتسرّب أو التبخّر مثلًا.

إذن كما هو الحال مع الضياع في الماء، فإن عمليّة شحن البطّارية تتطلّب المزيد من الطاقة، حتّى أكثر مما ستقوم بتخزينه، وعندها سيحدث ضياع للقليل من الطاقة المُخزّنة فيها، ومع تكرار عمليّات الشحن ستزداد نسبة الطاقة المهدورة.

خُلاصة الأمر هي: «كلّما زاد استخدامك للبطّارية؛ زادت كميّة الطاقة المهدورة واقتربت البطّاريّة من الوصول إلى نقطة تموت فيها، ولا يُمكن إعادة شحنها».

وهنالك دراسات تجري حاليًا لإيجاد طرق تجعل عمل دورات الشحن وتفريغ الشحن أمرًا أكثر سلاسة بهدف تقليل تلك الضياعات، لكنّ القانون الثاني للديناميكا الحرارية سيحرص دومًا على الوقوف عقبةً أمام هذه الطرق ليمنع التخلّص منه تمًاما.


  • ترجمة: رامي الحرك
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر