لطالما كان إيلون ماسك من الدعاة لاستيطان الكواكب الخارجية.

سيكون من الجيد وجود حضارة بديلة بعيدة عن الأرض في المريخ على سبيل المثال في حال ضرب الأرض كويكبٌ ضخم، أو عاصفة شمسية قوية دمرت كل أجهزتها الإلكترونية، أو إذا أبَدْنا جنسنا بالأسلحة النووية إن كان بقصد أو دون قصد.

والآن خرج بحث جديد من معهد مستقبل البشرية التابع لجامعة أكسفورد يعطي ماسك أسبابًا إضافيةً ليستمر في دعوته، تقترح مسودة هذا البحث أن احتمالية كون البشر هم الحضارة الوحيدة في المجرة هي 2 من 5 تقريبًا، وأن نكون الوحيدين في الكون كله هي تقريبًا 1 من 3.

أشار ماسك في تغريدة له على موقع تويتر حيث قال: «من غير المعلوم إذا كنا الحضارة الوحيدة التي تعيش حاليًا في كوننا المرئي، ولكن احتمالية أن يكون ذلك حقيقةً هي دافع إضافي لنشر الحياة خارج الأرض».

وأضاف: «يجب أن نحافظ على الوعي بأن نكون حضارةً عابرةً للفضاء بنشر الحياة على كواكب أخرى».

تقديرات متفاوتة؛ الفرق 100 مليار ضعف في تقديرات احتمالية وجود الفضائيين.

نشرت الدراسة في يوم السادس من يونيو على موقع (Arxiv) المخصص للأبحاث العلمية التي سيتم مراجعتها وتحمل عنوان “حل مفارقة فيرمي”.

تبدأ الدراسة بتساؤل مفارقة فيرمي، وهي فكرة شهيرة يتم نسبها للفيزيائي أنريكو فيرمي Enrico Fermi وإن كنا غير متأكدين من صحة هذا النسب.

تنص المفارقة على التالي: لماذا لم تصلنا أي إشارة من أي حضارة فضائية ذكية إذا كانت هناك مئات المليارات من النجوم في مجرة درب التبانة، ومئات المليارات من المجرات في الكون المرئي؟

هناك بعض الحلول العنيفة لمفارقة فيرمي. يقترح البعض أن الحضارات الذكية تدمر نفسها بسرعة شديدة قبل أن تسمعها الكائنات الأخرى (ربما بسبب الاحتباس الحراري، إساءة استخدام الموارد، أو ربما الأسلحة النووية).

هناك حلول أكثر رعبًا، فهناك من يقترح أن الحضارات الذكية تدمر الحضارات الأقل تقدمًا قبل أن تشكل خطرًا على وجودها، مثلما تفعل المفترسات على قمة الهرم الغذائي.

ولكن يعتقد أندريس ساندبيرج (Anders Sandberg) وإيريك دريكسلير (Eric Drexler) وتوبي أورد (Toby Ord)، الباحثون في أكسفورد، بعدم وجود مفارقة على الإطلاق.

ركز الباحثون الثلاثة عملهم على معادلة دريك (Drake equation) وهي معادلة كتبها عالم فيزياء الفضاء فرانك دريك (Frank Drake) في عام 1961.

تحاول المعادلة حل مفارقة فيرمي باقتراح سبعة متغيرات تؤثر في احتمالية وجود حياة ومن ثم ضرب تلك القيم في بعضها البعض.

تكون النتيجة ويرمز لها بالرمز N قيمةً تقريبيةً لعدد الأجناس التي تشبه البشر والتي يمكن أن تبث إشارات لاسلكية في مجرتنا.

ولكن باحثي أكسفورد يجادلون بأن هناك بعض القيم الداخلة في المعادلة لا يمكن التأكد منها، مثل نسبة الكواكب التي يمكن أن تظهر عليها الحياة ونسبة الحيوات التي يمكن أن تصبح ذكيةً كفايةً، وهي نسب نادرًا ما يتطرق إليها أحد.

يقول الباحثون: «كثيرًا ما نجد أرقامًا محسوبةً بدقة كبيرة مضروبةً بتلك القيم التخمينية أثناء الحسابات، ولذلك نجد تباينات كبيرة في النتائج حسب مدى تفاؤل أو تشاؤم مؤلفي الأبحاث المختلفة».

على سبيل المثال حوالي ثلثي الدراسات حول معادلة دريك تقترح وجود 100 حضارة فضائية ذكية في كل مجرة تشبه مجرتنا.

ولكن بعض التقديرات متطرفة جدًا في تفاوتها، تتراوح التقديرات بين 100 مليون حضارة في المجرة الواحدة وحتى 3 حضارات لكل 10 آلاف مجرة، أي أكثر من 100 مليار ضعف الفرق بين التقديرات.

وجدنا احتماليةً كبيرةً لكوننا الوحيدين في مجرتنا

قام باحثو أوكسفورد بمحاولة توضيح عدم اليقين ذلك في دراستهم الجديدة. كان هدفهم النهائي هو تحديد إذا كانت مفارقة فيرمي (أين الفضائيون؟) هي سؤال منطقي من الناحية الرياضية طبقًا لما نعرفه عن الكون الآن.

لتحقيق ذلك قام الباحثون بتقريب وتحليل الدراسات المختلفة على متغيرات معادلة دريك السبعة.

ومن ثم أعادوا صياغة كل متغير إلى مجموعة من القيم المحتملة معتمدين على كل الدراسات السابقة بدلًا من تخمينات مجموعة بحثية واحدة.

نتج عن هذا العمل منحنى للقيم والاحتمالات يشبه شكل الجرس وهو ما شد انتباه ماسك، وكانت النتائج غير مبشرة.

طبقًا لهذه الدراسة، الاحتمالية المتوسطة (ناحية منتصف منحنى الجرس) لكوننا الوحيدين في المجرة تقدر بحوالي 52% وكوننا الوحيدين في الكون المنظور كله حوالي 38%.

وحتى أكثر القيم تفاؤلًا (أي أعلى من المتوسط) كانت أيضًا محبطةً، فيقول الباحثون بأن احتمالية كوننا الوحيدين في المجرة تصل ل 41% والوحيدين في الكون المنظور ل 32%.

يقول الباحثون: «تلك النتائج تُنهي مفارقة فيرمي، وبالتالي تُنهي الحاجة لوجود آليات إخفاء أثر الحضارات الفضائية على الكون المعروف، لقد وجدنا احتماليةً كبيرةً لكوننا الوحيدين في المجرة وربما في الكون المنظور كله».

لماذا تزيد تلك الدراسة من طموحات ماسك لاستيطان الفضاء؟

لا تقترح الدراسة أن نتوقف عن البحث عن حيوات فضائية. كتب الباحثون: «هذه النتائج لا تعني أننا الوحيدون في مجرتنا أو في الكون؛ ولكنها تعني أن هذا من الممكن جدًا علميًا ولا يجب أن يفاجئنا، هذه النتائج هي تعبير عن تقديراتنا الحالية، وليست قياسات جديدةً».

ولكن إن كنا وحدنا بالفعل، فهذا يزيد من أسهم خطط ماسك لإرسال البشر إلى المريخ ومن ثم بناء مستعمرات عليه كمحرك احتياطي للبشرية.

إذا لم نستعمر الفضاء قبل أن تقتل حادثة كارثية أو حرب أو التغيرات الجوية معظم سكان الأرض، فنحن نخاطر ليس فقط بانتهاء الجنس البشري، ولكن بالحضارة الذكية الوحيدة في الكون المعروف.

على كل حال يعتقد ماسك أننا يجب ألا نتوقف عن البحث عن الفضائيين، فيقول في تغريدة أخرى له: «سيكون من الرائع أن نقابل حضارةً فضائيةّ أخرى، بشرط ألا نقابل أساطيل غزوهم».


  • ترجمة: جورج فام
  • تدقيق: أحلام مرشد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر