إن أحد المجالات التي يبرع فيها الذكاء الاصطناعي تكمن في عمله على سيناريوهات مختلفة ضمن العديد من المتغيرات المعقدة، كأن يحسب كيفية انتشار الإشعاع النووي الناجم عن حادثة في محطة نووية.

وهذا ما يركز عليه نظام الذكاء الاصطناعي الجديد المطور في اليابان، فهو يظهر نقاط توزع الإشعاع والمناطق الآمنة منه والأكثر تأثرًا به، لا سيما وأن نتائجه هي الأكثر دقة مما سبق.

وفي حين أنه من الأفضل ألا تقع الحوادث النووية في المقام الأول، إلا أنه من المهم معرفة المناطق التي ستتأثر بالإشعاع النووي والطريقة التي سيمتد بها، ذلك من شأنه تنظيم الاستجابات لحالات الطوارئ والحفاظ على سلامة الناس و إنقاذ أرواح العديد منهم.

طوّر الذكاء الاصطناعي الجديد فريقٌ من معهد العلوم الصناعية بجامعة طوكيو، ويتميز بأنه يستطيع دراسة تغيرات الحوادث وأنماط تغير الرياح القوية ليحدد المناطق التي من الممكن أن يكون فيها الإشعاع بأعلى درجات الخطورة وذلك لفترة مستقبلية تمتد إلى 33 ساعة من بدء الحادثة.

ويقول أحد أعضاء الفريق (تاكاو يوشيكاني): «دُربت الأداة الجديدة لأول مرة باستخدام سنين من البيانات المتعلقة بالطقس، وذلك للتنبؤ بمناطق توزع النشاط الإشعاعي فيما إذا انطلق الإشعاع من نقطة محددة، وفي اختبار لاحق استطاع توقع اتجاه تشتت الإشعاع بدقة وصلت إلى 88%، وارتفعت النسبة إلى 95% في فصل الشتاء لأن الأنماط المناخية تكون فيه أكثر قابلية للتوقع».

يعد تعلم الآلة هذا أمرًا بالغ الأهمية لأنه يستخدم بيانات الماضي لاحتساب النتائج المستقبلية الأكثر احتمالًا وذلك على مستوى عالٍ من الدقة، في حين تُعرف أنظمة التوقع الحالية بقلة الاعتماد عليها لانخفاض دقتها.

أضف إلى ذلك صعوبة التنبؤ بالرياح، لذلك لا نستغرب معاناة العلماء في معرفة مدى واتجاه انتشار الإشعاع.

يُعد إجلاء الناس من المنطقة المهددة بالإشعاع مهمة كبيرة ولن ترغب السلطات القيام بها إلا عند الضرورة القصوى، ولكن وباستخدام هذه المعرفة الجديدة أصبح بمقدورنا تنفيذ عمليات إجلاء الناس بسرعة وفعالية أكبر.

ويقول تاكاو في هذا الخصوص: «إن معرفة المتغيرات المستقبلية لفترة تمتد إلى 33 ساعة يعد أمرًا مهمًا جدًا في عمليات الإجلاء».

يقدم الذكاء الاصطناعي هذا معلومات مهمة عن المناطق الأكثر تضررًا بالإشعاع والتي ستحتاج لعمليات إجلاء، والمناطق ذات التأثر الأقل التي لن تحتاج للإجلاء وستكتفي السلطات حينها بتنبيه المواطنين ليكونوا أكثر حذرًا في ما يأكلون ويشربون.

ومع ارتفاع درجات الحرارة المرتبط بالحوادث النووية، يمكن للمواد المشعة أن تنتقل عبر الهواء لمسافة 2000 متر، ويشير العلماء إلى أنه وفي حال وصلت هذه المواد إلى الرياح في طبقة التروبوسفير فمن الممكن أن تنتشر في جميع أنحاء العالم.

وفي أدنى درجات الإشعاع يمكن لنسيم البحر والرياح الجبلية أن تسهم في انتشار هذه المواد في المناطق القريبة.

جميع هذه المتغيرات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار للحصول على نموذج أكثر دقة في التوقع.

في حال حدثت اليوم كارثة مشابهة لما حصل في 11 مارس 2011 ضمن مفاعل فوكوشيما في اليابان، فإن هذه التكنولوجيا ستساعدنا على أن نكون مستعدين بشكل أفضل.


  • ترجمة: عصام خلف
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر