ترك قنينة الماء في سيارتك يبدو أمرًا اعتياديًا. لكن ليس في يوم صيفي حار، إذ يمكن أن يعمل البلاستيك كعدسة لتركيز الضوء كحزمة عالية من الطاقة تكفي لحرق مواد مثل جلد مقاعد السيارة.

في الصيف الماضي، شاركت شركة إيداهو باور فيديو لقنينة ماء تحدث ثقبين في مقعد سيارة. وفي كأس العالم لكرة القدم هذا العام، تقوم الشركة الروسية هولي ووتر ببيع قناني ماء على شكل كرة قدم يمكن أن تكون بمثابة عدسات مثالية لتركيز الضوء.

في مقطع فيديو نشرته فونتانكا رو، تشاهد القنينة على شكل الكرة وتركز الضوء بشكل جيد بحيث تشعل صندوقًا من أعواد الثقاب وتحدث حفرة في الأرضية الخشبية.

تقول أوديل مادن، عالمة المواد في معهد جيتي للتحفظات في لوس أنجلوس، لـ “لايف ساينس”: «إن قنينة الماء تتصرف مثل العدسة التي تركز الضوء عبر النافذة».

مادن تقول أيضًا أن الضوء يتكون من العديد من الفوتونات، وهي جسيمات دون ذرية تسير في خط مستقيم. تقوم عدسات النظارات والعدسات المجهرية بتوجيه الفوتونات بحيث تتقارب عند نقطة معينة. «يمكنك استخدام ذلك لرؤية شيء أفضل، أو التركيز عليه. أو يمكنك تركيز الكثير من الضوء على نقطة صغيرة جدًا، وتركيز كل هذه الطاقة يمكن أن يتسبب بذوبان أو حرق تلك المادة».

شهدت مادن القوة المذهلة للضوء المرتكز على الليزر منذ سنوات عديدة، عندما كانت تجرّب استخدام أشعة الليزر لإزالة المواد اللاصقة من الأعمال الفنية والمصنوعات اليدوية. واكتشفت أن الأخاديد الموجودة في المادة اللاصقة عملت على تركيز الليزر و “رفعت القوة”، ثم أحدثت حفرًا أو خدوشًا في الشرائح الزجاجية المجهرية التي كانت تستخدمها للتجربة.

نشرت نتائجها في عام 2005 في مجلة Lasers Conservation of Artworks.

 كل شيء اصطف بشكل صحيح

ما فاجأ مادن حول قنينة الماء هو أن الضوء يمر عبر نافذة السيارة أولًا، ومع ذلك ما تزال هناك حرارة كافية لتخترق القنينة وتسبب حريقًا. وقالت: «من الممكن أن يكون هذا أسوأ في يوم حار أو إذا كانت النافذة مفتوحة لأن النافذة تعمل على ترشيح الضوء».

يقول مايكل دوتري ، الكيميائي بمعهد جيتي للحفظ الذي يعمل مع مادن في مبادرة أبحاث الفن الحديث والمعاصر التابعة لشركة جي سي آي التي تدرس البلاستيك ، من بين مواد أخرى: «هذا مثال جيد على كمية الطاقة التي تأتي من الشمس»، وقال دوتري لـ “لايف ساينس”: «إننا نفكر في فيها كقنينة ماء رخيصة الثمن، ولكننا بصدد إنشاء شكل بصري شبه مثالي عن غير قصد كعدسة لتركيز الضوء».

وقال دوتري إنه حتى بعد مرور أشعة الشمس عبر نافذة السيارة، فإنها تضرب المقعد بحوالي 600 واط لكل متر مربع من الطاقة – أي نفس كمية الطاقة الصادرة من سخان كهربائي صغير- ولكن بتركيزها على نقطة صغيرة أصغر من ملليمتر الواحد. يمكن لثوانٍ من ضوء الشمس المركّز أن يسخّن مادة المقعد الفينيل بسهولة لدرجة حرارة تحللها، ما يؤدي إلى إحراقها.

لكن كلا العالمين يعتقدان أنه من غير المحتمل أن تتسبب قنينة ماء في إشعال المقاعد فعليًا. وقال مادن أيضًا إن ذلك يرجع إلى أن مواد السيارات، بما في ذلك المقاعد، مصنوعة لتكون مثبطات للحريق وقابلة للانطفاء ذاتيًا. و إن المواد البلاستيكية المستخدمة في عدد كبير من السيارات مصنوعة من البولي فينيل كلورايد أو PVC، والتي لا تنشر النيران بشكل جيد.

ولكي يحدث الحرق، يجب أن يكون السائل الموجود في القنينة نقيًا، لكي يتمكن الضوء من المرور عبره ، وهذا يعني أن شاربي المشروبات الغازية والعصائر يمكنهم ترك قنانيهم في الشمس إذا أرادوا – ما لم تكن مشروباتهم نقية. يمكن لقنينة شفافة تحتوي على سائل كربوني واضح، مثل الماء الفوار أو صودا الليمون، أن تسمح للضوء بالمرور عبرها تماماَ كقنينة الماء العادية. وقال دوتري: «إذا رأيت الفقاعات على الجانب، فإن ذلك سيجمع الضوء قليلًا، لكن في الأساس لن يغير أي شيء».

لكي تتسبب قنينة ماء في نشوب حريق، يجب أن يصطف كل شيء بشكل مثالي: قنينة كروية، شفافة مملوءة بسائل صافٍ يتم وضعها في النقطة الصحيحة بين مصدر الضوء ونقطة الوصل القابلة للاشتعال. وقال العلماء أن فرص حدوث ذلك عن طريق الصدفة ضئيلة.

ومع ذلك ، قال دوتري: «لن أضع قنينة ماء على كومة من الورق بعد الآن».


  • ترجمة: ليث أديب صليوه
  • تدقيق: م. قيس شعبية
  • تحررير: زيد أبو الرب

المصدر