بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في المناطق الباردة، فإن الجليد الزلق هو ما يعرّف الشتاء: التزحلق على حلبات التزلج، والبرك المتجمدة، والبقع المائية المتجمدة الخطيرة على الطرقات والأرصفة.

لكن لماذا يكون الجليد زلقًا؟

خلافًا للاعتقاد الشائع، فإن الجليد ليس زلقًا بسبب طبقة الماء الرقيقة أعلاه.

لقد تبيّن أن العلماء لا يعلمون حقًا الجواب على هذا السؤال البسيط حتى الآونة الأخيرة، لكن أظهر بحثٌ جديدٌ أن السبب الذي يجعل الجليد زلقًا هو العدد الكبير جدًا للجزيئات الموجودة على سطح الجليد.

النظريات القديمة غير منطقية:

لأن الجليد أقل كثافةً من الماء السائل، فإن درجة ذوبانه تنخفض تحت الضغوط المرتفعة.

إحدى النظريات الموجودة منذ زمن بعيد تفسر سبب التزحلق على الجليد كما يلي: «عندما نقف على الجليد، فإن الضغط الناتج عن وزننا يسبب ذوبان الطبقة العليا للجليد وتحولها إلى ماء».

تبعًا لـ (ميشا بون – Mischa Bonn) مدير قسم التحليل الطيفي الجزيئي في معهد ماكس بلانك لأبحاث البوليميرات في ألمانيا: «أعتقد أن الجميع متفقون أن هذا التفسير ليس ممكنًا، يجب أن يكون الضغط شديدًا جدًا، ولا يمكن تحقيقه حتى لو وضعنا فيلًا يرتدي كعبًا عاليًا على الجليد».

تقول إحدى النظريات إن الحرارة الناتجة عن الاحتكاك عند تحركنا على الجليد هي ما ينتج طبقة الماء.

ومع ذلك، فإن الجليد ليس زلقًا فقط عندما نتحرك فوقه، ويمكن اكتشاف ذلك بسهولةٍ عند محاولتنا ارتداء أحذية التزلج للمرة الأولى.

حتى لو كان الضغط أو الاحتكاك هو ما يسبب ذوبان الجليد، هل يمكن لطبقةٍ من الماء أن تسبب هذا الانزلاق؟

الفيزيائي (دانيال بون – Daniel Bonn) من جامعة أمستردام في هولندا، لا يعتقد ذلك.

صرح بون لـ Live Science: «نظرية طبقة الماء ليست منطقيةً كثيرًا، إذا قمت بسكب بعض الماء على أرضية مطبخك فإنه يصبح زلقًا، لكن ليس زلقًا جدًا، لذلك فإن مجرد وجود طبقةٍ من الماء لن يسبب كل هذا الانزلاق».

الجزيئات المفككة وغير المنظّمة:

نشر دانيال وميشا بون -وهما أخوان- ورقةً بحثيةً في التاسع من أيار في (مجلة الفيزياء الكيميائية – Journal of Chemical Physics) يصفان بها سطح الجليد.

لقد وجدا جزيئات ماءٍ مفككة بدلًا من طبقة الماء السائل على سطح الجليد، وتبعًا لميشا يشبه هذا الأمر أرضية رقصٍ مليئةً بالكرات الزجاجية، أو كرات المدحرجات (الرولمانات)، وإن التزحلق على سطح الجليد هو ببساطة عملية تدحرج على هذه الكرات الجزيئية.

يمتلك الجليد بنية بلورية منتظمة جدًا، إذ يرتبط كل جزيء ماء في البلورة بثلاثة جزيئات أخرى، ومع ذلك، فإن الجزيئات على السطح تستطيع الارتباط بجزيئين آخرين فقط.

وبما أن ارتباطها مع البلورة ضعيفٌ جدًا، فإن هذه الجزيئات السطحية تتشقلب وتفك ارتباطها، وترتبط مع مواقع مختلفة في البلورة أثناء حركتها.

على الرغم من أن التزحلق على الجليد يسببه بشكلٍ رئيسيّ التدحرجُ فوق هذه الجزيئات المائية، فإن هذه الطبقة من الجزيئات ليست مثل طبقة الماء السائل.

يوجد هذا الانزلاق على الجزيئات عند درجات حرارة أخفض بكثير من درجة تجمد الماء.

يقول دانيال بون: «في الواقع، إن الطريقة التي تتحرك بها هذه الجزيئات بحريةٍ شديدةٍ وتنتشر بها عبر السطح، تجعلها تبدو أشبه بالغاز.

بالنسبة لي هي غاز (غاز ثنائيّ الأبعاد) بدلًا من سائل ثلاثي الأبعاد».

إذا كان الجليد زلقًا بسبب جزيئات السطح المفككة، فهل هو زلقٌ بشكلٍ فريدٍ من نوعه؟

يجيب على هذا السؤال (مارتن تروفر – Martin Truffer) بروفيسور الفيزياء في جامعة (آلاسكا فيربانكس – Alaska Fairbanks): «هذا الأمر غير صحيح، ليست طبيعة الجليد إلى حدٍّ بعيد هي ما تجعله فريدًا، بل علاقتنا به.

الأمر غير العادي فيما يتعلق بالجليد، هو أننا عادةً ما نتعامل معه قريبًا جدًا من نقطة الذوبان، إنه حقًا المادة الوحيدة التي توجد في الحالة الغازية والسائلة والصلبة ضمن نطاق (مدى) المناخ الطبيعي الذي نعيش فيه».

يقول تروفر الذي يعيش في آلاسكا- فيربانكس، إنه شاهد واختبر جليدًا عند درجات حرارة أقل بكثير من درجة الذوبان، وإنه عندما تصل الحرارة إلى -40 Co درجة مئوية فإن الجليد يصبح مثل ورق الصنفرة (ورق الصقل – sandpaper).

ملاحظات تروفر تتطابق مع ما وجده الأخوان بون.

لا تمتلك الجزيئات الموجودة على السطح عند درجات الحرارة المنخفضة جدًا مقدارًا كافيًا من الطاقة لتحطيم وخلق الروابط التي تسمح لها بالتدحرج، لذلك يصبح الجليد غير زلقًا.

تبعاً لبيانات البحث، فإن درجة الحرارة الموافقة لأقصى انزلاقٍ هي حوالي -7 Co درجة مئوية (19 فهرنهايت).

لكن بعض الناس يعرفون ذلك فعلًا، فهي نفس درجة الحرارة التي تستخدمها حلبات التزلج على الجليد المغلقة منذ سنواتٍ عديدة


  • ترجمة: يازد حسامو.
  • تدقيق: تسنيم المنجّد.
  • تحرير: سهى يازجي.
  • المصدر