يتواجد حول العالم عدد من المناطق الغامضة والمذهلة والتي يبدو أنها تتحدى الجاذبية، هي أماكن تبدو فيها السيارات تتدحرج صعودًا، ويصارع راكبو الدراجات بصعوبة للنزول إلى أسفلها!
تعرف هذه المناطق باسم “تلال الجاذبية” “Gravity Hills”. هذه الظاهرة الطبيعية والغريبة يمكن إيجادها في مناطق مثل Confusion Hill في كاليفورنيا وMagnetic Hill في كندا. وعلى الرغم من أنها شجعت نشوء شائعات عن نوع من السحر أو مغانط عملاقة مدفونة في المناطق الريفية، فإن التفسير العلمي الفعلي سيجعلك تطرح تساؤلات حول كل منحدر تصادفه من الآن فصاعدًا.
وردت تقارير عديدة حول تلال الجاذبية من مناطق مختلفة حول العالم، في الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، البرازيل، أستراليا، إيطاليا، وتشترك جميعها في شيء واحد هو: إذا قدت سيارةً إلى أسفل المنحدر وتركتها في وضعية عدم التعشيق Neutral، فإنها ستبدأ بالتدحرج إلى أعلى المنحدر.
شاهد هذا المقطع لأحد تلال الجاذبية في Anyshire في اسكتلندا:
شاهد أيضا هذا المقطع لأحد صانعي الأفلام على يوتيوب حيث يقوم بدفع كرة على طريق في بنسلفانيا ليتفاجأ بها تتدحرج عائدةً إليه صعودًا:
إذًا ما هي حقيقة هذه التلال؟ لقد تبيّن أن هذه الظاهرة الطبيعية الغريبة هي مجرد وهم (خداع) بصري متقن، وهو وهم جيد لدرجة أنه من المستحيل تصديقه بدون وجود المعدات المناسبة.
إذا كان بإمكانك الحصول على بعض معدات مسح الأراضي أو جهاز GPS (نظام تحديد المواقع العالمي) من أجل قياس فرق الارتفاع بين قمة المنحدر وأسفله. عندئذٍ ستدرك أنه في الحقيقة كل شيء بالمقلوب.
تبعًا لفيزيائي المواد “بروك ويز” “Brock Weiss” من جامعة ولاية بنسلفانيا في تصريح لــ Discoveries and Breakthroughs in Science في العام 2006: «الأرض مائلة بطريقة تجعلك تشعر بأنك تتحرك صعودًا، أنت في الواقع تتحرك نزولًا حتى لو كان دماغك يمنحك انطباعًا بأنك تتحرك صعودًا».
لكن إذا كانت التلة مائلةً باتجاه واحد، لدرجة أن السيارات تحصل على مقدار كبير من الدفع عندما تبدأ بالتدحرج، إذًا كيف يمكن أن تخدعنا أعيننا بشدة في كل مرة؟.
تبعًا لعلماء النفس، الموضوع كله يتعلق بالأفق Horizon؛ إما أنه محجوب أو غير واضح في مناطق وجود تلال الجاذبية حيث لا يكون لدينا نقطة مرجعية مناسبة، أو أن الأفق موجود لكنه يحجب كيفية ميلان التلة بالنسبة لبقية المناظر الطبيعية.
يبدو أن التفسير الأخير يوضح حقيقة الخداع في Anyshire في اسكتلندا.
في الفيديو التالي يقول عالم النفس البريطاني “روب ماكنتوش” “Rob Macintosh” من جامعة أدنبرة: «نحن نقف على أرض مائلة حيث أن المشهد الطبيعي كله يميل في هذا الاتجاه، والطريق يميل بنفس الاتجاه لكن بمقدار أقل، لذلك يبدو الانحدار (الميلان) النسبي وكأنه في الاتجاه المعاكس».
الفيديو التالي يظهر تلة جاذبية في بنسلفانيا:
أجريت دراسة في العام 2003 لبحث كيف أن غياب خط الأفق يمكن أن يغيّر منظورنا حول تلال الجاذبية وذلك عن طريق صنع عدد من المواقع المضادة للجاذبية في المختبر لمشاهدة ردة فعل المتطوعين.
قام الباحثون من جامعتي Padova و Pavia في ايطاليا ببناء نماذج على طاولات لعدد من أماكن تواجد تلال الجاذبية حول العالم، ثم جلبوا متطوعين ليُمعنوا النظر إلى هذه النماذج من خلال ثقب ليعطيهم انطباعًا بأنهم متواجدون هناك فعليًا. ثم تلاعبوا بالأفق في النموذج لمعرفة كيفية تأثير ذلك على وجهة نظر المتطوعين حول كيفية ميلان المنحدر.
وجد الباحثون أنه عند عدم رؤية خط الأفق الصحيح، فإن معالم المكان مثل الأشجار وإشارات الطريق يمكن أن تقوم بالتلاعب بأدمغة المتطوعين فعليًا.
جاء في تقرير فريق البحث في Psychological Science : «لقد وجدنا أن الإحساس بالمنحدر يعتمد على ارتفاع خط الأفق الممكن رؤيته، إن الميل السطحي يميل إلى التقليل من قيمته بالنسبة للمستوى الأفقي، وذلك عندما يسبقه، يليه، أو يحيط به منحدر شديد الميلان، فيُعتبر مسارًا طويلًا ومنحدرًا قليلًا وكأنه صاعد للأعلى».
وجاء في التقرير أيضًا: «كانت التأثيرات البصرية والنفسية التي تم الحصول عليها في تجاربنا مماثلةً من جميع النواحي لتلك التي اختُبرت في الموقع.
بعد انتهاء مهمة كل متطوع مراقب، قمنا بوضع بكرة لاصق صغيرة على المنحدر المحسوس بشكل خاطئ، وقد بدا أن البكرة تتحرك عكس قانون الجاذبية وسط دهشة المراقبين».
- ترجمة: يازد حسامو
- تدقيق: أحلام مرشد
- تحرير: رؤى درخباني